نساء إسرائيل... تمثيل سياسي متواضع ومواقف متطرفة

نساء إسرائيل... تمثيل سياسي متواضع ومواقف متطرفة

26 أكتوبر 2022
عدد نائبات الكنيست محدود (مناحم كهانا/ فرانس برس)
+ الخط -

رغم أنهن يشكلن نحو 54 في المائة من السكان، فإن النساء يشكلن 25 في المائة من أعضاء الكنيست (البرلمان) عبر 30 مقعداً من أصل 120، حسب تقرير صادر عن "المركز الإسرائيلي للديمقراطية"، لتحل إسرائيل في المرتبة الثلاثين بقائمة تضم 33 من "الدول المتطورة" من حيث تمثيل النساء في البرلمانات، استناداً إلى معايير "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية".
عند النظر إلى قوائم المرشحين، والتي على أساسها ستخوض الأحزاب الإسرائيلية المختلفة الانتخابات القادمة التي ستجرى في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، يتبين أن النساء قد يحزن على 31 مقعداً من مقاعد الكنيست المنتظر، حسب ما تتوقع استطلاعات الرأي.
ويخضع تمثيل النساء في الواقع السياسي الإسرائيلي إلى توجهات الأحزاب الدينية والمحافظة؛ إذ تبين أنه كلما تشددت أو تطرفت التوجهات الدينية للحزب، تراجع أو انعدم تمثيل النساء في قوائم مرشحيه للكنيست، وبالتبعية ممثليه في الحكومة.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

وإذا استعرضنا الأرقام، فحزب الليكود اليميني المحافظ برئاسة بنيامين نتنياهو، الذي يعد أكبر الأحزاب، والذي يقود المعارضة، تضم قائمة مرشحيه التي سيخوض على أساسها الانتخابات القادمة ست نساء في مقاعد مضمونة، من أصل 32 مقعداً تتوقع استطلاعات الرأي أن يحصل عليها الحزب في الانتخابات، ما يعني أن النساء سيشغلن 19 في المائة فقط من مقاعده في الكنيست القادم.
أما قائمة مرشحي حزب الصهيونية الدينية برئاسة بتسلال سمورتيش، والذي يمثل التيار الديني القومي، فتضم إمرأتين فقط من أصل 12 مرشحاً في مقاعد مضمونة، في حين أن قائمة حركة "شاس" برئاسة وزير الداخلية السابق الحاخام آريي درعي، والتي تمثل التيار الديني الحريدي الشرقي، وقائمة حزب "يهدوت هتوراة" برئاسة الحاخام إسحق غولدكونفوف، والذي يمثل التيار الديني الحريدي الغربي، تخلوان تماماً من النساء، ويرجع ذلك إلى الإرث الفقهي الذي تتبناه المرجعيات الحريدية، والذي يحظر على المرأة المشاركة في الحياة السياسية، ولم يحدث سابقاً أن مثلت امرأة حزباً حريدياً في الكنيست، أو في الحكومة.
في المقابل، حلت أربع نساء في مقاعد مضمونة من أصل 12 مقعداً متوقعاً لقائمة حزب "المعسكر الرسمي" برئاسة وزير الأمن بني غانتس، الذي يقدم نفسه ممثلاً للوسط، ما يمثل 33 في المائة من القائمة. في حين تُمثّل النساء بمقعدين من أصل خمسة مقاعد مضمونة في قائمة حزب "يسرائيل بيتينو" برئاسة وزير المالية أفيغدور ليبرمان، الذي يقدم نفسه ممثلاً لليهود المهاجرين حديثاً من الدول التي كانت تشكل الاتحاد السوفييتي، والذي يتبنى مواقف عدائية تجاه الأحزاب الدينية الحريدية، كما يعبر عن رفضه ظاهرة "الإكراه الديني".
وفي حزب "ييش عتيد" الذي يتزعمه رئيس الحكومة يئير لبيد، ويقدم نفسه باعتباره الحزب الذي يمثل العلمانية في إسرائيل، تحوز النساء على نحو تسعة مقاعد في قائمة مرشحيه المكونة من 24، ما يمثل 37 في المائة فقط، وتضم قائمة حركة "ميريتس" اليسارية والليبرالية بزعامة زهافا غالؤون، مرشحتين من أصل أربعة مرشحين لمقاعد مضمونة، في حين تحل ثلاث مرشحات في قائمة حزب "العمل" برئاسة وزيرة المواصلات ميراف ميخائيلي، والتي تضم خمسة مقاعد مضمونة، حسب استطلاعات الرأي.

الصورة
نائبات الكنيست أكثر تطرفاُ من النواب (ماركوس يام/Getty)
نائبات الكنيست أكثر تطرفاً من النواب (ماركوس يام/Getty)

ولم يحدث في تاريخ إسرائيل أن تولت امرأة رئاسة الكنيست إلا مرة واحدة؛ في حين تراوح عدد النساء اللواتي شغلن رئاسة لجنة برلمانية من أصل 13 لجنة في الكنيست، بين واحدة إلى 3 رئيسات لجان خلال كل سنوات العقد الأخير، أما تمثيل النساء في الحكومة الحالية فهو أكثر تواضعاً من تمثيلهن في البرلمان، إذ يستأثرن بـ23 في المائة من عدد الوزارات.
وفي سياق متصل، تتعرض النساء العاملات في السياسة في إسرائيل إلى أشكال من التنمر، وتكرر ذلك في حالات عديدة، ولعل آخر مثال على ذلك، والذي سلطت وسائل الإعلام الأضواء عليه بشكل واسع، قيام يونتان أوريخ، الناطق بلسان رئيس حزب الليكود نتنياهو، بإغلاق شرفة كانت فيها النائبة عن الحزب غيليت دستيل، ومنعها من الخروج منها لفترة من الوقت.
لكن على الرغم من تواضع تمثيل النساء النسبي في الحياة السياسية، فإنهن، بشكل عام، يعبرن عن مواقف أكثر تشدداً وتطرفاً في قضايا الصراع مع الشعب الفلسطيني مقارنة مع زملائهن من الرجال من نفس الحزب، فالنائبة دستيل، كمثال، حرصت على إعداد مشاريع قوانين تهدف إلى التضييق على الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وتحديداً منع الأسرى المرضى من الحصول على الرعاية الطبية اللازمة كما ينص على ذلك القانون الدولي الإنساني.
وتبرز وزيرة الداخلية أيليت شاكيد، التي تقود حزب "البيت اليهودي"، في تطرفها وتمايز مواقفها عن زملائها في كل ما يتعلق بموقفها من الشعب الفلسطيني، إذ أعلنت رفضها المصادقة على أي طلب لجمع شمل عائلات فلسطينيي الداخل الذين يتزوجون من فلسطينيات أو فلسطينيين يقطنون في الضفة الغربية أو قطاع غزة. كما كانت الوزيرة الوحيدة التي صوتت ضد اتفاق ترسيم الحدود البحرية الأخير مع لبنان.

أما النائبة ميراف بن آرييه، رئيسة لجنة الداخلية في الكنيست، والتي تنتمي إلى حزب "ييش عتيد" الذي يقدم نفسه حزبا وسطيا، فإنها تنافس هوامش اليمين الديني في تبنيها مواقف متطرفة تجاه الشعب الفلسطيني، فخلال مشاركتها في برنامج "واجه الصحافة" على القناة "12" الإسرائيلية، بعيد اغتيال مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، رفضت بن آرييه التعبير عن "أسفها" لجريمة قتل الصحافية، كما أنها تحرض بشكل خاص على فلسطينيي الداخل، وتحديداً سكان صحراء النقب، وتطالب بتبني سياسات قمعية تجاههم. وتكرر ميراف ميخائيلي، زعيمة حزب العمل "اليساري"، مواقفها المساندة لقمع الشعب الفلسطيني، وتحرص على إصدار بيانات "تهنئ" جيش الاحتلال على عملياته في عمق الأراضي الفلسطينية، ومن ذلك، بيان التهنئة على العمليات الأخيرة في جنين.

المساهمون