الرياضة والسياسة والمجتمع.. ندوة للمركز العربي بالدوحة قبل المونديال

"الرياضة والسياسة والمجتمع".. ندوة في المركز العربي بالدوحة قبيل كأس العالم

01 أكتوبر 2022
يشارك في الندوة 20 باحثاً وباحثة (العربي الجديد)
+ الخط -

انطلقت، اليوم السبت، فعاليات ندوة "الرياضة والسياسة والمجتمع"، التي ينظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات على مدار يومين في مقره في الدوحة، بمشاركة عشرين باحثاً وباحثة، يعقدون ثماني جلسات، وستنشر الأوراق البحثية في عددين خاصين من دوريتَي "سياسات عربية" و"عمران".

وتأتي الندوة تفاعلاً مع استضافة دولة قطر لفعاليات بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، بين 20 نوفمبر/ تشرين الثاني و18 ديسمبر/ كانون الأول المقبلين.

وحملت الجلسة الأولى عنوان "العلوم الاجتماعية وإسهامها في دراسة الظاهرة الرياضية"، وقدّم فيها الأستاذ المشارك في السياسات والإدارة الرياضية في جامعة قطر محفوظ عمارة ورقةً بعنوان "الاتجاهات العالمية والمحلية لدراسات الرياضة في المنطقة العربية"، واختتم ورقته بمساءلة متعلقة بثراء نظرية المعرفة البنائية وتحدياتها عربيّاً، من خلال دراسات الرياضة، وما يشمل ذلك من مفهوم التعددية والتغير في الدراسات الرياضية، وتطبيق التحليل الخطابي لدراسة الرياضة في مختلف التقاليد الثقافية واللغوية، والنقد فيما يتعلق بنسبيّتها المحتملة.

وفي الجلسة ذاتها، قدّمَ رئيس قسم الأبحاث في المركز العربي حيدر سعيد ورقةً بعنوان "العلوم الاجتماعية والظاهرة الرياضية"، تناول فيها تطور دراسة الرياضة في العلوم الاجتماعية الغربية، ولا سيما الأوروبية، منذ ستينيات القرن العشرين. وتعرّض للاتجاهات الرئيسة في هذا المجال، وتوقف عند إمكانية تسكين دراسة الرياضة بوصفها موضوعاً في حقل الدراسات الثقافية؛ ذلك أنّ الأخيرة إذا كانت قد تطورت بوصفها نقلًا لدراسة الثقافة من المجتمعات البدائية إلى المجتمعات الرأسمالية، فإنّ الرياضة ستحتل مكاناً مهمّاً في هذه النقلة، بوصفها من أهم الملامح الثقافية للمجتمعات المعاصرة.

واختصت الجلسة الثانية ببحث "الأثر الثقافي لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم في دولة قطر"، وقدم أستاذ الإدارة الرياضية في جامعة قطر، سنيد الدعية المري، وباحث الدكتوراه في جامعة ساوث كارولاينا في الولايات المتحدة، سعد الشمري، تحليلاً للتأثيرات الثقافية التي تعيشها الدول المستضيفة للبطولات الدولية الكبرى، بما فيها بطولة كأس العالم، متطرقَين إلى الآثار الخاصة في قطر الناتجة من استضافتها بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، وذلك من خلال مناقشة هذا الموضوع استناداً إلى النسخ السابقة من البطولات؛ بدءاً من اليابان وكوريا 2002، حتى النسخة الأخيرة لبطولة كأس العالم في روسيا 2018.

الصورة
انطلاق ندوة" الرياضة والسياسة والمجتمع" (العربي الجديد)
دور الاستضافة في تغيير الصورة النمطية السلبية (العربي الجديد)

وشدد المري على "أهمية الحدث واعتبر البطولة التي تستضيفها قطر فرصة لن تتكرر إلا مرة واحدة"، مشيراً إلى دور الاستضافة في تغيير الصورة النمطية السلبية المتشكلة لدى الغرب عن العرب والمسلمين. ولفت إلى أنّ الدراسة تركز على تجارب القادة القطريين الثقافية، وكيف يخططون لعكس الثقافة القطرية العربية الإسلامية من خلال كأس العالم، وماذا يطمحون لتغييره.

وقال الشمري، إنّ الورقة تطرح اقتراحات وحلولاً للاستغلال الأمثل وتوظيف هذا التأثير لمصلحة المجتمع القطري والأمة العربية والإسلامية، ولا سيما أنّ قطر هي أول دولة عربية إسلامية تستضيف هذا الحدث المهم. وتهدف الورقة إلى تعزيز الوعي بـ"الفرصة الذهبية" التي ستكون في متناول قطر والبلدان العربية، وذلك لتغيير الصور النمطية عن المنطقة العربية.

الصورة
انطلاق ندوة" الرياضة والسياسة والمجتمع" (العربي الجديد)
تقييم التأثير الاجتماعي الناتج من استضافة قطر للأحداث الرياضية (العربي الجديد)

أمّا أستاذ الإعلام في جامعة قطر، كمال حميدو، فركز في ورقته، "الإعلام والرياضة أداتان لبناء العلامة القومية والتسويق لها: الاستراتيجية القطرية أنموذجاً"، على الاستراتيجية القطرية القائمة على توظيف الإعلام والرياضة أداتين من أدوات الدبلوماسية العامة الهادفة إلى بناء صورة ذهنية دولية إيجابية عن بلد حديث النشأة وصغير بجغرافيته، لكنه بات من ضمن كبار الفاعلين المؤثرين في العالم، مستعرضاً في ذلك خصائص الاستراتيجية القطرية التي جمعت بين تنظيم الفعاليات الرياضية الضخمة والمشاركة فيها، وبناء المنشآت الرياضية ذات الصيت العالمي مع الاستثمار الإعلامي في الأحداث.

وعرّج أستاذ التربية البدنية في جامعة قطر، وديع إسحاق، في ورقته " تقييم التأثير الاجتماعي الناتج من استضافة قطر للأحداث الرياضية الدولية"، على الأسباب المتنوعة التي دفعت عدداً من دول منطقة الخليج العربية إلى الاستثمار في استضافة الأحداث الرياضية الكبرى أو الدولية؛ من بينها جذب السائحين، وتحسين الصورة، وتطوير العلاقات الدولية.

وعُرضت ثلاثة أوراق في الجلسة الثالثة من الندوة، وقدّم أستاذا العلوم السياسية والعلاقات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا، عبد الكريم أمنكاي وعمار شمايلة، الورقة الأولى، "الحصيلة الأولمبية للأنظمة السلطوية: هل من أثر لشخصنة الحكم؟"، وقدم الباحث في المركز العربي، أحمد قاسم حسين، الورقة الثانية، بعنوان "الرياضة وحقل العلاقات الدولية: كيف تعاملت النظريات الوضعية مع ظاهرة الرياضة؟"، وعالج فيها تنامي الظاهرة الرياضية في العالم وتأثيرها في النظام العالمي، إلى درجة أصبح فيها الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" قادراً في مباراة بين منتخبين وطنيين، أو ناديين، في إحدى البطولات المحلية أو الإقليمية، أن يجاري الأحزاب السياسية في الدول الكبرى ذات التأثير في السياسة الدولية؛ من حيث القدرة على الحشد والتعبئة وإدارة البطولات وتنظيمها. ثمّ إنّ الدول باتت تخضع للقواعد والقوانين التي يضعها "فيفا".

ومن هذا المنطلق، انتقل الباحث لتسليط الضوء على تأثير الظاهرة الرياضية في السياسة الدولية، ولا سيما أنّ الرياضة في عالم اليوم لم تعد هواية فحسب، بل صارت ظاهرة معولمة جرى إضفاء الطابع المؤسسي العالمي عليها، وهو ما يستدعي التوقف ملياً عند تأثيرها في حركة التنظير داخل حقل العلاقات الدولية.

أما الأستاذ المشارك في التربية البدنية والرياضة، نديم ناصيف، فاقترح مؤشراً لقياس قدرات البلدان على استخدام الرياضة أداةً للقوة الناعمة. ولفت الباحث إلى أنه في أثناء تنفيذ سياسات الرياضة على المستوى الوطني، يكون أحد الأهداف الرئيسة للحكومات هو الاستثمار الرياضي، والهدف من ذلك تحقيق مكانة دولية.

خُصّصت الجلسة الأخيرة من اليوم الأول للندوة لموضوع "الرياضة فضاءً للمقاومة: حالة فلسطين"، وتناول الباحث في المركز العربي، إيهاب محارمة، "تحولات المقاطعة الرياضية لإسرائيل وتأثيراتها"، محلّلًا جذور المقاطعة الرياضية لإسرائيل، والتحولات التي مرت بها، وتأثيرها في نظام الاستعمار والأبارتهايد الإسرائيلي، مناقشاً الأسباب التي أدت إلى تطور المقاطعة الرياضية لإسرائيل في البطولات الرياضية الدولية الكبرى في العقد الأخير، وكيف أنّ اندلاع الثورات العربية في أواخر عام 2010 قد منح الرياضيين العرب فرصةً لتحويل البطولات الرياضية الدولية الكبرى إلى فضاء للعمل السياسي. وتطرّق الباحث إلى تأثير هذه المقاطعة في صورة إسرائيل، ومكانتها الدولية، وعلامتها التجارية الرياضية، وجهودها الدبلوماسية المتعلقة بتسويق شركاتها الرياضية الناشئة.

أمّا مدير الأبحاث والسياسات في مركز الأبحاث الفلسطيني، إبراهيم ربايعة،  فقدّم ورقةً بعنوان "المؤسسة الرياضية في الأرض الفلسطينية المحتلة (1967-1995)"، تتبّع فيها تاريخ المؤسسة الرياضية الفلسطينية منذ نكسة 1967، التي شكّلت صدمةً لبنى الفعل الاجتماعي الفلسطيني ونواظمه في الضفة الغربية وقطاع غزة، مستعرضًا - من خلال مقابلات مع الحركة الرياضية الفلسطينية وأرشيف رابطة الأندية في الضفة الغربية - تطور تكوينات المؤسسة الرياضية الجمعية المتمثلة في الأندية، وبناءَها المتدرج لتكيفها المقاوِم في مواجهة منظومة السيطرة والتحكم الاستعمارية، وتطويرها لأدواتها وحضورها السياسي والاجتماعي.

وتعقد الندوة، غداً الأحد، أربع جلسات، تتناول "الرياضة والحركات الاجتماعية: ظاهرة الألتراس في  المغرب العربي"، و"الرياضة والحكامة: مقاربات من الإدارة المحلية"، و"الرياضة والمرأة: مقاربات جندرية"، ويخصص المشاركون جلسة للملاحظات الختامية.

المساهمون