ناشطة حقوقية أفغانية بارزة تشعر بخيبة أمل بعد عام من حكم طالبان

ناشطة حقوقية أفغانية بارزة تشعر بخيبة أمل بعد عام من حكم طالبان

13 اغسطس 2022
سيما سمر في تحرّك سابق قبل سيطرة طالبان على أفغانستان (مسعود حسيني/ فرانس برس)
+ الخط -

بعد عام على سيطرة حركة طالبان على الحكم في أفغانستان ما زالت ناشطة حقوقية أفغانية بارزة تشعر بخيبة أمل إزاء ما جرى في بلادها. وكانت سيما سمر، وزيرة شؤون المرأة السابقة والرئيسة الأولى للجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان، قد غادرت العاصمة كابول في يوليو/ تموز من عام 2021 قاصدة الولايات المتحدة الأميركية في زيارة أولى لها بعد تراجع أزمة كورونا الوبائية، ولم تتوقّع أن يفرّ الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني من البلاد وأن تسيطر الحركة على السلطة للمرّة الثانية في أغسطس/ آب من العام نفسه.

وبمناسبة مرور عام كامل على وضع حركة طالبان يدها على أفغانستان تقول سمر: "أظنّ أنّها ذكرى سنوية حزينة بالنسبة إلى أغلبية شعب بلادي"، لا سيّما النساء "اللواتي لا يملكنَ ما يكفي من طعام، ولا يعرفنَ ما هو الغد لهنّ".

وسمر الباحثة الزائرة في "مركز كار لحقوق الإنسان" التابع لكلية كينيدي في "جامعة هارفارد" كتبت المسوّدة الأولية لسيرة ذاتية، وهي تعمل على ورقة سياسات حول القانون العرفي المتعلّق بالمرأة الأفغانية. وتحاول الناشطة الحقوقية كذلك الحصول على إقامة في الولايات المتحدة الأميركية، لكنّها تشير إلى أنّه "بصراحة لا يمكنني توجيه نفسي، أين أنا وما الذي أفعله"، في حين تأمل أن تتمكّن من العودة إلى وطنها من دون أن يكون ذلك ممكناً.

وفي مقابلة لها مع وكالة أسوشييتد برس، أمس الجمعة، تتذكّر سمر مؤتمراً صحافياً لحركة طالبان بعد أيام قليلة من سيطرتها على السلطة، حين أعلنت الحركة أنّ أولئك الذين يعتذرون عن أفعالهم السابقة سوف يُغفَر لهم. تضيف سمر، وهي من أقلية الهزارة المضطهدة منذ فترة طويلة في أفغانستان: "قلت، هل يجب أن أعتذر لأنّني أنشأت المدارس للناس؟ هل يجب أن أعتذر لأنّني أنشأت المستشفيات والعيادات في أفغانستان؟ هل يجب أن أعتذر لأنّني حاولت أن أوقف تعذيب طالبان؟ هل يجب أن أعتذر لمعارضتي عقوبة الإعدام، بما في ذلك (تلك التي تطاول) قيادة طالبان؟".

وتشدّد سمر التي تبلغ من العمر اليوم 65 عاماً على أنّه "طوال حياتي، ناضلت من أجل الحياة كطبيبة. لذلك لا يمكنني التغيّر ودعم عقوبة الإعدام. لا ينبغي أن أعتذر عن مبادئ حقوق الإنسان هذه ولا أن أُعاقب".

وقد أصبحت سمر ناشطة عندما كانت طالبة في الطب تبلغ من العمر 23 عاماً ولديها طفل رضيع. ففي عام 1984، اعتقلت الحكومة الشيوعية آنذاك زوجها الناشط، ولم تره مرّة أخرى. ففرّت إلى باكستان مع ابنها الصغير وعملت طبيبة للاجئين الأفغان وأنشأت عيادات عدّة لتقديم العناية للنساء والفتيات الأفغانيات.

وتستعيد سمر حكم حركة طالبان السابق ابتداءً من عام 1996، عندما حُبست النساء إلى حدّ كبير في منازلهنّ وحُظر التلفاز والموسيقى ونُفّذت عمليات إعدام علنية. وفي عام 2001، أدّى الغزو الذي قادته الولايات المتحدة الأميركية إلى طرد طالبان من السلطة بعد أشهر من هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول من العام نفسه.

وبعد إطاحة طالبان، عادت سمر إلى أفغانستان وحصلت على أعلى المناصب في مجال حقوق المرأة وحقوق الإنسان. وعلى مدى عشرين عاماً، أُنشئت مدارس وجامعات للفتيات ودخلت النساء سوق العمل وكذلك السياسة وأصبحنَ أيضاً قاضيات.

لكنّ سمر كانت قد لفتت في مقابلة سابقة مع "أسوشييتد برس" في إبريل/ نيسان 2021، قبل أربعة أشهر من استيلاء طالبان على الحكم في البلاد للمرة الثانية، إلى أنّ المكاسب التي تحقّقت هشّة وإلى أنّ أعداء الناشطين في مجال حقوق الإنسان كثيرون في أفغانستان، وهم من المتشددين وأمراء الحرب وأولئك الذين يريدون خنق النقد.

واليوم، ترى سمر أنّ السلطات الأفغانية، خصوصاً حكومة غني، مسؤولة بشكل أساسي عن اقتحام حركة طالبان كابول والاستيلاء على السلطة. لكنّها تلقي باللوم كذلك على الأفغان "لأنّنا منقسمون جداً". يُذكر أنّه في كلّ خطاب ألقته سمر وفي كلّ مقابلة أجرتها، سواءً كان ذلك محلياً مع عالمياً، على مرّ السنين، كانت تشدّد على وجوب أن يكون الأفغان موحّدين وتقول: "علينا كسب دعم الشعب وإلا سوف نخسر".

وبصفتها رئيسة للجنة حقوق الإنسان، تخبر أنّها واجهت انتقادات متكرّرة تفيد بأنّها كانت تحاول فرض القيم الغربية على أفغانستان. تضيف: "وظللت أقول إنّ حقوق الإنسان ليست قيماً غربية. كلّ فرد هو إنسان في حاجة إلى مأوى... وإلى الحصول على التعليم والخدمات الصحية والأمن".

ومنذ استيلاء الحركة على السلطة منعت الفتيات من مواصلة تعليمهنّ بعد الصف السادس وقيّدت عمل النساء وشجّعتهنَ على البقاء في المنزل وأمرتهنّ بتغطية وجوههنّ في الأماكن العامة.

وفي هذا السياق، تدعو سمر المجتمع الدولي إلى ممارسة ضغوط، ليس فقط بهدف السماح لجميع الفتيات بالالتحاق بالمدارس الثانوية والجامعات، إنّما لضمان كلّ حقوق الإنسان. وتشدّد على أهمية تعليم الصبية الصغار الذين قد يتعرّضون لخطر الانخراط في إنتاج الأفيون أو تهريب الأسلحة أو أعمال العنف، في حال لم يحصلوا على قسط من التعليم.

كذلك تحثّ المجتمع الدولي على مواصلة البرامج الإنسانية التي تُعَدّ بالغة الأهمية لإنقاذ الأرواح، لكنّها ترى وجوب التركيز على الغذاء في مقابل العمل أو النقد في مقابل العمل بهدف إنهاء الاعتماد الكلّي للأفراد على المعونات ومنحهم "الثقة بالنفس والكرامة".

بالنسبة إلى سمر فإنّ المجتمع الأفغاني قد تغيّر في خلال العقدَين الماضيَين، مع ارتفاع نسبة وصول الأفراد إلى التكنولوجيا وارتفاع مستويات التعليم بين الشباب. تتابع أنّ مثل هذه الإنجازات تجعل من الممكن حدوث تغيير إيجابي في المستقبل، "فهذه هي الأمور التي لا تستطيع طالبان السيطرة عليها. إنّها ترغب في ذلك، لكنّ الأمر ليس بوسعها".

(أسوشييتد برس)

المساهمون