ملابس العيد لأطفال غزة: عزوف أو "بالة"

ملابس العيد لأطفال غزة: عزوف أو "بالة"

20 ابريل 2023
ملابس جميلة وحركة شراء قليلة (محمد الحجار)
+ الخط -

بحثت سمر حجاج (36 عاماً) ثلاثة أيام عن ملابس جيدة لأطفالها الثلاثة تناسب الميزانية التي رصدتها لعيد الفطر، وتنقلت بين أكبر ثلاثة أسواق للملابس في شارع عمر المختار وسط مدينة غزة، وشعرت بصدمة من الأسعار المعروضة في المحلات، والتي اعتبرت أنها أغلى بكثير مما كانت عليه في الأعوام الماضية. ثم توجهت إلى سوق "فرّاس" للملابس المستعملة (البالة) حيث اشترت ملابس العيد لأطفالها.
تعمل سمر معلمة في روضة أطفال مقابل راتب شهري يبلغ 500 شيكل (136 دولاراً) والذي يشكل أيضاً كل راتب عائلتها باعتبار أن زوجها بقي معظم أيام شهر رمضان بلا عمل في ورشة البناء. وجدت سمر أن أسعار ملابس "البالة" ارتفعت، لكنها اضطرت إلى الشراء كخيار أخير متاح لها، خصوصاً أن المبلغ في حوزتها استخدمته أيضاً في شراء حلوى وطعام العيد المتمثل في الفسيخ والطماطم المقلية بحسب العادة في غزة.

عموماً، أثارت شكاوى الغزيين من غلاء ملابس العيد في المتاجر والأسواق وحتى البسطات ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي منذ منتصف شهر رمضان، وشملت خصوصاً أسعار ملابس الأطفال التي تعتبر حركة شرائها الأكبر في الأعياد. وقد أجبرت الأسعار المرتفعة الكثير من العائلات على العزوف عن شراء ملابس الأطفال، في حين اشترى آخرون ملابس مستعملة لإسعاد أطفالهم. 
تقول سمر لـ"العربي الجديد": "أعمل معلمة في روضة أطفال منذ سبع سنوات، وأخصص في كل موسم عيد مرتبي الصغير لشراء الملابس، أما زوجي فيعمل لأيام قليلة حالياً، ويبذل قصارى جهده لتوفير قليل من الطعام. وهذا العام وجدت أنني أحتاج إلى مرتب شهر ونصف الشهر لشراء ملابس لأطفالي فقط، ثم شجعتني بالصدفة امرأة في السوق على الذهاب إلى محلات البالة التي علمت لاحقاً أن أسعارها ارتفعت أيضاً، لكنني استطعت شراء ملابس جيدة منها، وأفرحتني رؤية أطفالي سعداء، وهذا يكفي".

الصورة
ارتفعت أسعار بضائع كانت معروضة قبل أشهر قليلة (محمد الحجار)
ارتفعت أسعار بضائع كانت معروضة قبل أشهر قليلة (محمد الحجار)

من جهته، لاحظ مهند زهد (40 عاماً) أن البضائع نفسها التي كانت معروضة قبل أشهر قليلة في السوق ارتفعت أسعارها في موسم العيد الحالي. ويخبر "العربي الجديد" أن "أسعار أطقم وفساتين معروضة تلائم أطفالي وصلت إلى 120 شيكل (32 دولاراً)، ففضلت الشراء من بسطات رفعت بدورها الأسعار، لكنها ظلت أقل من تلك التي في المحلات. وأنا كنت أعمل سابقاً كسائق سيارة عمومية، ثم أصبحت بلا عمل قبل شهر، لكنني أردت ألا أحرم أطفالي من فرحة العيد".

ويؤكد أنه امتنع منذ سنوات عن شراء أي ملابس جديدة له خلال الأعياد، علماً أنه كان يشتري ثياباً جديدة في السابق كي يزور أقاربه في العيد، ثم فضّل أطفاله عليه في الأزمات الاقتصادية الكثيرة التي واجهها. يعتبر أن أسرا كثيرة عزفت عن شراء ملابس الأطفال بسبب الفقر والغلاء هذا العام، ويقول: "تحتوي الأسواق على بضائع قديمة، لكن معظم الأسعار لا تناسب ميزانيات الناس الذين يشتكون من الغلاء الحاد، وأصعب نقطة يواجهها الفقراء هي تلبية احتياجات الأطفال الذين لا يفهمون معنى العيش في ظروف صعبة".

الصورة
امتنعت أسر كثيرة عن شراء ملابس الأطفال هذا العام (محمد الحجار)
امتنعت أسر كثيرة عن شراء ملابس الأطفال هذا العام (محمد الحجار)

في سوق جباليا شمالي قطاع غزة، عجز رمضان أبو خلة (43 عاماً) وصديقه ساعد خميس (45 عاماً) عن شراء ملابس لأطفالهما، فهما بلا عمل بعدما جرى تسريحهما من عملهما في مصنع لحجارة البناء قبل ثلاث سنوات، وباتا يعتمدان على مخصصات مالية تمنحها وزارة التنمية الاجتماعية. وهما استطاعا تأمين مبلغ لشراء ملابس لأطفالهما، لكن الأسعار صدمتهما فقررا التوجه إلى أسواق البسطات الشعبية في سوق جباليا ومحلات "البالة".
يقول أبو خلة لـ"العربي الجديد": "كنا دائماً نقول إن الفقر لن يصيبنا في لقمة العيش، حتى جاء وحرمنا من الكثير من الأطعمة التي اعتدنا عليها وحتى اللحوم، ثم قلنا أن أطفالنا بخير يلبسون ويأكلون، لكن الفقر حرمهم من ملابس مناسبة للعيد. وحتى الأطفال يشعرون بنوعية الملابس حين يحتكون ببعضهم البعض، لكن يبقى من الأفضل أن أجلب لهم أي شيء بدلاً من عدم فعل ذلك".
في المقابل، يبرر أصحاب المحلات التجارية الغلاء الحاصل بأسباب عدة منها ارتفاع أسعار البضائع عالمياَ، وزيادة الضرائب على الملابس التي تفرضها الجمارك التابعة للإدارة العامة لشؤون قطاع غزة الخاضعة لسلطة حركة "حماس"، وأيضاً غلاء قيمة شحن البضائع الى قطاع غزة من خلال المعابر التي تتحكم بها إدارة الاحتلال الإسرائيلي.

قضايا وناس
التحديثات الحية

يقول صائب عوض، صاحب سنتر الورود لملابس الأطفال، لـ"العربي الجديد": "وضعت بسبب الغلاء شعار أسعار نهائية غير قابلة للخفض على كل قطعة لباس، لكن ذلك لم يمنع استغراب الناس الأسعار، ومحاولتهم المساومة عليها، علماً أن أسعار بعض البضائع ارتفعت بنسبة 50‎ في المائة‎ عن العام الماضي".
يضيف: "ايجارات المحلات في الأسواق وقرب الشوارع العامة مرتفعة جداً، علماً أننا نختار هذه المواقع لضمان أرزاقنا، لكن هذا لا يلغي واقع أن الإقبال ضعيف على شراء البضائع، وفي الأيام العادية يدخل زبائن قليلون يسأل غالبيتهم عن الأسعار من دون أن يشتروا. ولا بدّ من الإشارة إلى أن التجار اتفقوا على توحيد بعض أسعار أطقم وفساتين الأطفال في السوق". 


 

المساهمون