معلمو ألمانيا... مشكلة نقص بسبب إدارات "غير تقدمية"

معلمو ألمانيا... مشكلة نقص بسبب إدارات "غير تقدمية"

08 أكتوبر 2023
200 ألف تلميذ إضافي في ألمانيا في العام الدراسي الجديد (مايا حتي/ Getty)
+ الخط -

شهد العام الدراسي الجديد في ألمانيا قبول أكثر من 200 ألف تلميذ إضافي في كل ولايات البلاد، ما يتطلب وجود نحو 6600 معلم، وأيضاً إيجاد حلول لمشاكل الضغط الذي يشكله التلاميذ الذين لجأوا من بلدان أخرى على الأعداد في الصفوف.
وتشير تقارير صحافية إلى أن "طفرة المواليد خلال السنوات الأخيرة زادت عدد التلاميذ أيضاً، في وقت تقاعد معلمون كثيرون، علماً أن مهنة التدريس باتت أقل جاذبية للشبان المتخرجين". 
واستدعت الأزمة المتفاقمة اتخاذ إدارات مدارس قرارات بإلغاء بعض الفصول، ولجوء أخرى إلى زيادة عدد التلاميذ في الصفوف، ما أرهق المعلمين. 

وذكرت صحيفة "لايبزيغرفولكس تسايتونغ" أن مسؤولي التربية في ولاية سكسونيا اعتمدوا 450 فصلاً تحضيرياً لنحو 7500 تلميذ قدِموا من أوكرانيا، وجرى دمجهم في شكل أفضل هذا العام في الصفوف العادية، تمهيداً للمشاركة في دروس منتظمة. 
وفي شأن الفجوة الموجودة في قطاع التعليم مع انطلاق العام الدراسي 2023 ـ 2024، يورد تقرير أن "البيانات المتوفرة مختلفة، لكن توصيات مؤتمر وزراء التعليم أكدت أن الحاجة جدّ ملحة لمدرسين، وأن النقص قد يصل إلى نحو 25 ألف مدرس بحلول عام 2025، و31 ألفاً بحلول عام 2030، علماً أنه يشمل اختصاصات الرياضيات والكيمياء والفيزياء والموسيقى والفنون وتكنولوجيا المعلومات والعلوم الطبيعية، ومعظم النقص في صفوف التعليم الأساسي". 
وفيما يكشف الباحث التربوي كلاوس كليم توقعات أكثر تشاؤماً من خلال حديثه عن أن الفجوة في الكادر التعليمي قد تصل إلى 40 ألفاً عام 2025، و85 ألفاً عام 2035، انتقدت رئيسة اتحاد التربية والتعليم مايكه فينرن "عدم قيام السلطات المعنية بما يلزم، وتجاهلها استثمار أموال كافية في المدارس طوال السنوات العشرين الماضية، ما يجعل نظام التعليم الحالي يعاني من نقص التمويل اللازم لتطوير المناهج". أما الرئيس السابق لرابطة المعلمين في ألمانيا، جوزف كراوس، فاتهم السياسيين والمسؤولين في الولايات الفيدرالية بـ"الفشل في اعتماد منهجية تقدمية للتعليم طوال عقود من الزمن". 
إلى ذلك، ذكرت صحيفة "تاغس شبيغل"، أن "مدارس العاصمة الألمانية برلين تواجه نقصاً يتجاوز 2000 معلم مع بداية العام الدراسي، وذلك رغم تعيين 3255 مدرساً جديداً"، وأكدت أنه يصعب تحسين هذا الوضع في المستقبل. 
ويقول رئيس رابطة نقابة التربية والتعليم في برلين، توم اردمان، إن "عدد التلاميذ ارتفع في شكل كبير في مدارس برلين وصولاً إلى أكثر من 6000 تلميذ هذا العام مقارنة بالعام الماضي، وسيؤدي النقص في كوادر التعليم إلى إلغاء فصول دراسية أحياناً". 
وينقل تلفزيون "زد دي أف" الألماني عن مديرة مدرسة قولها إن "النظام التعليمي الألماني بات في الجوهر عبارة عن قنبلة موقوتة لا يمكن تفكيكها إلا من خلال توفير موارد كافية وعدد مناسب من معلمين. والحقيقة أن تواصل التعليم في المدارس والثانويات يرتبط حالياً بوجود معلمين متفانين، لكن السؤال المطروح إلى متى سيستمر هؤلاء في تأدية مهمات بهذا الشكل، في حين لا يحظون بتقدير كافٍ". 
تضيف: "باتت مدارس عدة في الولايات تتشدد في قواعد الدوام الجزئي، وقد لا تسمح لهم بالعمل بدوام جزئي إلا إذا كانت لديهم أسباب قانونية بينها تربية الأطفال ورعاية الأقارب ومواجهة مشاكل صحية".

الصورة
تستقبل مدراس ألمانيا أعداد كبيرة من التلاميذ اللاجئين (إينا فاسبندر/ فرانس برس)
تستقبل مدارس ألمانيا أعداداً كبيرة من التلاميذ اللاجئين (إينا فاسبندر/ فرانس برس)

وتحدد تقارير استقصائية أسباب فشل الإصلاحات الأساسية في قطاع التعليم بألمانيا بتطبيق كل ولاية استراتيجية مختلفة لحل المشاكل، في حين يعتبر خبراء أنه من الأفضل أن تملك الحكومة الاتحادية سياسة تعليمية تنسق تفاصيلها مع حكومات الولايات، لكن أي محاولات جدّية لم تحصل حتى الآن لتغيير هذا الوضع من خلال اعتماد سياسة على المستوى الوطني، علماً أن الحكومة الاتحادية تموّل بمليارات اليورو خطط التوسيع التقني للمدارس منذ العام 2019، كما تدعم الرعاية النهارية في المدارس الابتدائية.
وفي شأن اقتراحات ومطالب تحسين وضع التوظيف في المدارس، دعت أكثر من 90 منظمة ورابطة ونقابة تعليمية وأعضاء في لجان الأهل إلى إنشاء برامج خاصة للمدارس من أجل تدريب المعلمين وتحسين ظروف عملهم. 
إلى ذلك، قدمت اللجنة العلمية الدائمة في مؤتمر وزراء التعليم مجموعة كاملة من الاقتراحات لتحسين وضع التوظيف في المدارس، بينها تأهيل معلمين في ورش عمل لتحسين قدراتهم والإفادة منهم في تعليم مواد أخرى أيضاً، وتسهيل الاعتراف بالمؤهلات التي اكتسبت في الخارج، وإعفاء أعضاء الكوادر التعليمية من المهمات التنظيمية والإدارية. 
وتشير وزارة التعليم في ولاية سكسونيا السفلى إلى أن "المال وحده لن يحل مشكلة النقص في كوادر التعليم، وحتى لو توفر لأشياء معينة هناك حاجة إلى عقول لتنفيذها، وأيضاً إلى حلول مستدامة لمواجهة النقص في العمال المهرة خلال السنوات الـ10 أو الـ15 المقبلة".

وعموماً تنسق كل ولاية في ألمانيا، بحسب قوانينها وأساليبها الخاصة، الإجراءات الخاصة بسد نقص المعلمين. ومثلاً يكافح مسؤولو ولاية مكلنمبورغ فوربمرن النقص بإغراء المعلمين بمكافآت شهرية إضافية قيمتها 424 يورو (454 دولاراً) للتدريس في مناطق ريفية، كما يشمل ذلك مدرسي مواد الرياضيات والكومبيوتر والفيزياء والكيمياء.
ويدرس مسؤولو ولايات في سكسونيا تطبيق برامج مماثلة، علماً أنه يمكن أن يحصل المعلمون الجدد في المناطق البعيدة والأقل جاذبية في ولاية بافاريا على مكافأة لمرة واحدة مقدارها 3000 يورو (3212 دولاراً)، في حين تريد ولايات أخرى اللجوء الى التدريس لمدة أربعة أيام أسبوعياً، على أن يُخصص يوم التدريس الخامس للمشاريع ومهمات العمل الذاتي والتنظيمي. 

المساهمون