مسلمو الدنمارك متهمون بتفشي كورونا

مسلمو الدنمارك متهمون بتفشي كورونا

03 مارس 2021
لاجئون ينتظرون الحصول على مساعدات (نيكولاس إيكونومو/ Getty)
+ الخط -

تفرض الدنمارك تمييزاً بين المواطنين والمهاجرين من أصول غير أوروبية، وتُحمّل الفئة الأخيرة المسؤولية عن انتشار العدوى بكورونا، وإن كان هناك طروحات اليوم إلى تبني نموذج أكثر عدلاً

يسعى حزب التحالف الليبرالي (الاتحاد الليبرالي الدنماركي) في الدنمارك إلى الحدّ من انتشار العدوى المتزايدة بكورونا في المجمعات السكنية الأكثر عرضة للإصابة، من خلال فرض غرامات مالية تصل إلى نحو ألفين ومائة دولار، بحق المخالفين لإجراءات العزل الاجتماعي. وتأتي هذه الاقتراحات بعد حملة إعلامية باشر بها حزب الشعب الدنماركي اليميني المتشدّد، وحمّل "المهاجرين من أصول غير غربية مسؤولية اتساع انتشار العدوى في بعض البلديات". 
واقترح تحالف الليبراليّين "تبنّي النموذج النرويجي للحدّ من انتشار العدوى في المناطق التي تقطنها عائلات فقيرة"، في إشارة إلى بعض التجمعات السكنية التي يغلب عليها المهاجرون. ويرى أنّ فرض الغرامات المالية الكبيرة، التي شكك أصلاً حزب الشعب المتشدد بجدوى حجمها الكبير، يمكن أن يحدّ من العدوى "وخصوصاً في بلدية إيسهوي (القريبة من العاصمة كوبنهاغن)، حيث ينتشر الوباء بين المهاجرين غير الغربيين"، على الرغم من عجز مقرر الشؤون الصحية في البرلمان عن الحزب، هنريك دال، أو "حزب الشعب" المتشدد، عن توثيق هذه الادعاءات للصحافة المحلية. 

وكانت رئيسة الوزراء ميتا فريدركسن قد اعتمدت هذا التمييز الذي عرضها لانتقادات لاذعة من قبل خبراء في مجال الصحة، بالإضافة إلى أحزاب اليسار وممثلين عن الجاليات المسلمة، باعتبار أن الحملة تستهدف من هم من أصول غير غربية أو أوروبية. وعلى الرغم من انتقال الفيروس إلى حيوانات المنك التي تم إعدامها من قبل عمال من أوروبا الشرقية، إلا أن الحملة بقيت تركز على مهاجري دول غير أوروبية. ويرى دال أن فرض غرامات مالية بحق من يخالف الإجراءات، من بينها تجمع أكثر من 5 أشخاص، "يمكن أن يوقف انتشار العدوى". وتشهد بلديات دنماركية، من بينها كولدينغ، جنوب وسط البلاد، انتشاراً للوباء بشكل متسارع بين مرتادي رياض الأطفال والمدارس، ليسارع اليمين المتشدد إلى تحميل المسلمين المسؤولية، بسبب "عدم التزامهم بالإجراءات". 

وعلى الرغم من الانتقادات، استمرت بعض وسائل الإعلام بنقل تصريحات تتّهم الفئات الاجتماعية الأضعف، كاللاجئين  والمهاجرين، بالمسؤولية عن ارتفاع أرقام العدوى بكورونا، في ظل امتعاض كثيرين من استمرار الإغلاق، واستغلال اليمين المتطرف للتحريض عليهم. 
تجدر الإشارة إلى حرص المسلمين على إغلاق المساجد، المستمر منذ العام الماضي، على غرار الكنائس. كما يغلق هؤلاء متاجرهم أسوة بالمتاجر الأخرى. وينتقد اليمين المتشدّد بشكل خاص "عدم التزام فئات مهاجرة بحظر اجتماع أكثر من 5 أشخاص، وخروج المصابين من عزلتهم الصحية، ما يعرض الآخرين للعدوى". 

الصورة
الحياة اليومية في الدنمارك في ظل كورونا 2 (العربي الجديد)

ويرى حزب التحالف الليبرالي، وقبل أن يصدر تقرير طبي متخصص يوثق ما ذهب إليه مع الشعب الدنماركي، أن "النموذج النرويجي يمكن تطبيقه على تلك التجمعات السكنية". ولا تفرّق النرويج بين مهاجرين ومواطنين، بل يخضع الجميع للقانون، ويعاقب من يخرق الحجر الصحي المفروض بغرامة مالية تصل إلى نحو 2300 دولار، من دون النظر إلى أصوله العرقية.  
وتفرض الدنمارك غرامة مالية تصل إلى نحو 480 يورو بحق من يخالف الإجراءات، بما فيها السفر والعودة إلى البلاد من دون إجراء فحص كورونا، وذلك بعد سفر دنماركيين إلى الإمارات العربية المتحدة وعودتهم إلى البلاد من دون الالتزام بإجراءات الحجر، وقد تبين أن بعضهم أصيب بفيروس كورونا، على الرغم من إظهاره نتيجة فحص سلبية حصل عليها قبل عودته من دبي. ومعظم من سافروا هم من مشاهير وأثرياء الدنمارك.  
وتزداد الإصابات في بلديّات يقيم فيها مواطنون من أصول مهاجرة، مثل إيسهوي في مدينة أودنسه (جنوب غرب) وبلدية كولدينغ. وفي وقت سابق، أشار تقرير صادر عن مركز "أبحاث الدمج" إلى أن الفئات من أصول مهاجرة غير أوروبية أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا، من دون تحديد الأسباب التي يتذرع بها اليمين الدنماركي المتشدّد.

الصورة
الحياة اليومية في الدنمارك في ظل كورونا 1 (العربي الجديد)

ويشير التقرير إلى أن "مخاطر العدوى بين المهاجرين ترتبط أساساً بكونهم يعملون في مهن تجعلهم على تماس مباشر مع الناس، الذين يمكن أن ينقلوا إليهم العدوى، كسائقي الحافلات العامة وسيارات الأجرة والعاملين في خدمات التوصيل ونقل المرضى ومهنة التمريض والتنظيف ودور الرعاية وغيرها". ويأتي ذلك على خلفية الجدل الذي أثير أواخر صيف العام الماضي بعد انطلاق حملة استهدفت الصوماليين دوناً عن غيرهم، ليظهر لاحقاً أن المتهمين بنقل العدوى كانوا قد أصيبوا بها من خلال ركّاب دنماركيين في الحافلات حيث يعملون. وأدى وجود موظفين وعاملين من أصول مهاجرة في هذه المهن إلى تحملهم نسبة 18 في المائة من مجموع إصابات الدنمارك ما بين 6 مارس/ آذار (قبل أن تغلق الدنمارك) و4 مايو/ أيار من العام الماضي. 

على الرغم من ذلك، يعود معسكر اليمين المتشدد، ووسائل الاعلام الداعمة له، إلى طرح القضية من زاوية تحميل الفئات الأضعف مسؤولية تفشي السلالة الجديدة لوباء كورونا. صحيفة "بيرلنغكسا" اليومية اعتبرت أن هذا الحديث المتزايد عن تزايد أعداد الإصابات بين المهاجرين "يتزامن مع تقرير أصدرته مؤسسة مشروع الأمل، يظهر تراجعاً كبيراً في الالتزام بالإجراءات الحكومية لمواجهة كورونا".  

المساهمون