مدارس أفغانستان تواجه "تفجيرات الأعداء"

مدارس أفغانستان تواجه "تفجيرات الأعداء"

05 مايو 2022
خوف من الحضور إلى المدارس بسبب التفجيرات (سيد خيضربردي سادات/ الأناضول)
+ الخط -

يعلم الأفغاني محمد مرتضى نويد جيداً أن الحرب في بلاده مستعصية ولا حدود لها ولا أدبيات ولا أخلاق فيها، لكنه لم يتوقع أن يخسر يوماً فلذة كبده محمد علي لدى ذهابه إلى المدرسة "كي يتلقى العلم ويكون إنساناً محترماً في هذا البلد"، دفن ابنه مع كتبه بعدما توفي بانفجار وقع قرب مدرسة عبد الرحيم الكائنة في حي يقطنه سكان من الأقلية الشيعة غرب البلاد، في 19 إبريل/ نيسان الماضي.
يقول مرتضى لـ"العربي الجديد": "شعرت في لحظة وفاة محمد بأن الحياة انتهت، لكنني لا أزال أعيش، وأخاف على أولادي الآخرين. لست وحدي من خسر ابناً في الانفجار فأحد الآباء فقد ثلاثة من أولاده".
يضيف: "واضح أن ظروف البلاد وأجواءها غير ملائمة لذهاب الأولاد إلى المدارس. وكوننا كبارا في السن رأينا الكثير ونعتبر أنه لا بأس إذا قتلنا، لكن ما ذنب الأطفال الأبرياء الذين لم يروا شيئاً من الدنيا ويتحلون بالبراءة، ويقتلهم الأعداء لأنهم أبناء هذا البلد".

طلاب وشباب
التحديثات الحية

وفيما شهد تاريخ 19 إبريل/ نيسان الماضي تفجيراً آخر في مركز ممتاز التعليمي الذي لا يبعد كثيراً عن مدرسة عبد الرحيم نفسها، وأسفر عن سقوط عشرات الجرحى، يبدو جلياً أن تنظيمات إرهابية تستخدم الطلاب والأطفال للوصول إلى أهدافها، علماً أن منفذ تفجير مركز ممتاز التعليمي طالب لاذ بالفرار بعدما نقل المتفجرات إلى داخل المركز، ثم فجرها باستخدام الهاتف.
وأفاد مسؤولون في مركز ممتاز التعليمي، في بيان أصدروه بعد التفجير، بأن "طالباً التحق بالصفوف قبل أربعة أيام من الواقعة من دون أن يكمل إجراءات تسجيله ويجري التثبت من هويته حتى تنفيذ الهجوم، أبلغهم أنه يريد أن يرى الفصل لعدة أيام قبل أن يلتحق بالمدرسة رسمياً. وفي يوم التفجير دخل هذا الطالب إلى الفصل ومعه حقيبته وكيس، وجلس كعادته في آخر الفصل، ثم تلقى اتصالاً هاتفياً فطلب إذناً من المعلم للخروج من دون أن ينتبه أحد إلى أنه ترك حقيبته والكيس اللذين انفجرا بعد دقائق من خروجه، ما أدى إلى جرح العديد من الطلاب، واختفى الطالب الذي بدا أنه جاء فقط لتنفيذ الهجوم".
وغداة التفجيرات، حصل انفجار آخر قبالة مدرسة حكومية في منطقة خوشحال خان، لكن لم يكن الهدف هذه المرة أبناء الأقلية الشيعة، إذ حصل في منطقة يسكنها سنّة، وخلّف جريحين على الأقل من طلاب المدرسة.
وبينما أغلق مركز ممتاز التعليمي إلى أجل غير معلوم، فتحت مدرسة عبد الرحيم أبوابها للطلاب والطالبات بعد أربعة أيام من التفجير. وبدأ اليوم الدراسي بتوزيع الزهور والأقلام والدفاتر على الطلاب من أجل إظهار أن الوضع طبيعي، وتشجيعهم على الحضور إلى المدرسة، لكن ذلك لم يكن ذا جدوى كبيرة، إذ لم يحضر إلا نصف عدد الطلاب المسجلين، وتملك الخوف معظمهم.

الصورة
طالبت وزارة التعليم في حكومة "طالبان" بتوفير الحماية (جاويد تنوير/ فرانس برس)
طالبت وزارة التعليم في حكومة "طالبان" بتوفير الحماية (جاويد تنوير/ فرانس برس)

يقول مدير مدرسة عبد الرحيم، غلام حيدر حسيني، لـ"العربي الجديد": "رغم أن أياماً مرت على الحادث المروع، بقيت آثاره موجودة لدى الطلاب الذين يعيشون في خوف من الحضور إلى المدرسة، وهو أمر مؤسف للغاية لأنه يعني أن الأعمال الإرهابية لا تتسبب فقط في إزهاق الأرواح، بل تدمر قطاع التعليم، لكن يجب أن نقاوم ما يحصل، وقد عرفنا أوقاتاً أكثر قسوة من الحالية، ونتمنى أن تتحسن الأمور في المستقبل".
ويشرح مدرّس في الصف الثالث الابتدائي لـ"العربي الجديد" فضل عدم ذكر اسمه، أن عدد التلاميذ في صفه كان 45  لم يحضر إلا ثمانية منهم، ما يعكي واقع أن الباقين لديهم مشاكل نفسية أو يخاف ذووهم عليهم، ويرفضون إرسالهم إلى المدرسة.
من جهتها طلبت وزارة التعليم أن توفر حكومة "طالبان" الحماية اللازمة لجميع المدارس أكانت في العاصمة كابول أم في الولايات خوفاً من تعرضها لهجمات إرهابية مثيلة. وقالت الوزارة في بيان: "نأسف لما حدث في حق أطفالنا، وندين الأعمال الإرهابية الجبانة، ونطالب أجهزة الأمن والحكومة بأن تتخذ خطوات عاجلة لتوفير الحماية اللازمة للمدارس كي لا تتكرر أحداث مشابهة فيها".
أما المعضلة الأساس فتتمثل في توفير الأمن والحماية للمدارس في المناطق النائية التي تفتقر غالبيتها إلى مبانٍ، ولا تحيط بغرفها أسوار وجدران، ما يعرضها لخطر أكبر من تلك في كابول. 

طلاب وشباب
التحديثات الحية

وفي ولاية دايكندي مثلاً التي تسكنها غالبية من أبناء الأقلية الشيعية، لا تضم 50 في المائة من المدارس مباني، وتواصل التدريس بطرق بسيطة وبدائية.
ويقول رئيس الإدارة المحلية في الولاية الملا رحمت الله مدثر إن "50 في المائة من مدارس الولاية تقدم خدمات التعليم من دون أن تتوفر مبانٍ لحماية الطلاب من المخاطر، وقد تحدثت مع الحكومة المركزية لمحاولة حل هذه القضية".

المساهمون