ليبيا: حملات للحد من فساد الغذاء والدواء

ليبيا: حملات للحد من فساد الغذاء والدواء

01 نوفمبر 2022
الرقابة على الأسواق الليبية ضرورة (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

يواصل مفتشو مركز الرقابة على الأغذية والأدوية تنفيذ حملات لحماية المستهلك الليبي، برفقة أفراد من الحرس البلدي أو جهاز الأمن الداخلي، عبر جولات على محال المواد الغذائية، والمطاحن، والمخابز، ومحال بيع اللحوم والأسماك، كما توسعت الحملات لتشمل أسواق ومحال الخضراوات والفواكه، بغرض التثبّت من مطابقة المنتجات المواصفات القياسية. 
وينشر المركز تفاصيل حملاته بشكل يومي عبر صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، ويشير في بعضها إلى مشاركته في رسم الخطط والسياسات المتعلقة بالمنتجات الغذائية، والمشاركة في اجتماعات مع ممثلي وزارة الاقتصاد ومصلحة الجمارك وجهات أخرى "لوضع آلية متكاملة للرقابة على المنتجات المستوردة"، وضمان ضرورة تطابقها مع أحكام الدين الإسلامي، لا سيما اللحوم. 
وقال المركز الحكومي إن الاجتماعات تمخضت عنها لجنة مشتركة لوضع آلية متكاملة للرقابة على المنتجات والسلع الغذائية، وذلك من خلال ضبط جميع مراحل التوريد والتصنيع، ووضع ضوابط لتنظيم عمليات الاستيراد، والتتبع، والفحص قبل اعتماد جهات إصدار شهادات الحلال. 
لكن اللافت كان استمرار الحملات الرقابية، إذ شملت أغلب بلديات العاصمة طرابلس، وكذلك مدن غريان، وسرت، والجفارة، وصرمان، ويفرن في غرب طرابلس، ومدن سبها، وبراك الشاطئ، وأوباري، والقرضة في جنوب البلاد. 
وعرض المركز عبر "فيسبوك"، صوراً تظهر حجم الإهمال الذي تعاني منه العديد من المحال والمخابز والمعامل، خاصة فيما يتعلق بالنظافة العامة، وعدم توفر شهادات صحية للعاملين، ومخالفات في كيفية حفظ المواد الغذائية والخضراوات والفواكه واللحوم، فضلاً عن إجراءات وعمليات التصنيع.
وأشار إلى قيام عناصر الحرس البلدي المرافقين لمفتشي المركز بإغلاق محال وأسواق ومخابز، وإنذار أخرى، وإحالة نتائج الجولات والتقارير المرفقة إلى الجهات الضبطية من أجل اتخاد الإجراءات اللازمة. 
ويثني الطبيب الليبي عبد الخالق الوريمي، على نشاط المركز، إلا أنه يرى أنه "ما زال غير كاف لتفادي انعكاسات استيراد وتصنيع الأغذية غير المطابقة على صحة المواطنين"، ويوضح لـ"العربي الجديد": "شهدت البلاد خلال الأشهر القليلة الماضية موجة تسمم غذائي كبيرة، ودخل المئات من المواطنين المستشفيات بسببها، وهذا دليل على أن بلادنا أصبحت مرتعاً لكل من يريد تصريف بضاعته الفاسدة، فالحدود المفتوحة على مصراعيها لا تساعد في ضبط ما يجري توريده". 

الصورة
ضبط الحدود الليبية يجب أن يسبق الرقابة على الأسواق (محمود تركية/فرانس برس)
ضبط الحدود الليبية يجب أن يسبق الرقابة على الأسواق (محمود تركية/فرانس برس)

ويشدد المواطن عبد اللطيف بالأمين، على ضرورة أن تشمل أعمال الرقابة الحدود والجمارك، ويقول لـ"العربي الجديد": "ما الفائدة من ملاحقة الأغذية الفاسدة في الداخل بعد تركها تمر عبر الحدود. أغلب عوائل المسؤولين السياسيين وقادة السلاح يعيشون خارج ليبيا، ولهذا لا يهمهم ما يحدث في الداخل، وسلبية الشعب ساهمت في تسلل كل ما هو ضار إلى الأسواق، وبعض حملات التفتيش هنا وهناك لن تتمكن من متابعة آلاف الأطنان من المواد الموردة يومياً". 
في المقابل، يتحدث تاجر الجملة يحيى دريرة، عن معاناة التجار من أجل توفير بضاعة جيدة وسط التخبط الذي تعيشه البلاد، ويقول لـ"العربي الجديد"، إن "فساد الأغذية لا ينتج دائماً من توريد، أو حتى تهريب البضائع الفاسدة، ففي أحيان كثيرة تأتي البضاعة في حال جيدة، ثم تفسد هنا، والأسباب عديدة، فمثلاً تجار اللحوم يطالبون الدولة بإصلاح قطاع الكهرباء قبل محاسبتهم على فساد اللحوم في ثلاجات التخزين، ثم إغلاق محالهم لأسباب لم يفتعلوها، والأمر كذلك بالنسبة لمنتجات الألبان والخضراوات والفواكه. تاجر الجملة يتعرض لأزمة نقص الوقود، وعليه شراؤه بأسعار باهظة ليزود ثلاجاته بالكهرباء التي تنتجها مولدات خاصة يشتريها أيضا بأثمان عالية". 

ويعلق الوريمي، بالقول: "قد يكون هذا مفهوماً بالنسبة للأغذية، لكن ماذا عن الأدوية التي لا يصنع منها شيء في ليبيا، ولا تحتاج لكميات كبيرة من الأدوية، وحملات التفتيش تثبت انتهاء صلاحيتها قبل مدة من توريدها"، مؤكداً وجود فساد مستشرٍ يتطلب ضبطاً للحدود، ومشاركة في جهود مركز الرقابة على الأغذية والأدوية من المؤسسات الأخرى المعنية. 
ويضيف الوريمي: "أغلب من يستوردون الدواء تجار ليس لديهم أية خبرة في مهنة الصيدلة، وبعضهم ليس لديه أي وازع من ضمير أو أخلاق، وعند استيراد الدواء لا يهتمون إلا بأن يكون شكل وألوان العلب مطابقاً للأدوية الحقيقية، أما المحتوى فقد يكون أي شيء آخر، والشيء نفسه يحدث مع المواد الغذائية التي لا تراعي مواصفات مكسبات اللون والطعم، ويمتد الأمر إلى كل ما يُستورد، حتى الطباشير، وعلى السلطات التدخل لإنهاء ذلك، لأنه يندرج ضمن القتل غير المباشر للمواطنين".

المساهمون