كُوّة ضوء

كُوّة ضوء

05 يوليو 2023
غادر آلاف السودانيين المدن عائدين إلى قراهم (أشرف شاذلي/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت الحرب الدائرة في السودان عن مخاطر إهمال الريف، وتجاهل ما يحدث من تآكل للبيئة، وفقدان التنوع الحيوي من جراء هجر السكان لقراهم، وتفضيلهم العيش في المدن، ثم يزيدون بعد العودة تهديد البيئة، إذ هجم البعض على ما تبقى من غطاء نباتي في ظل انعدام غاز الطبخ وانتشار البطالة.
يعمل حامد في بقالة بالعاصمة الخرطوم، وحين عاد إلى قريته لم يجد ما يعول به أسرته، فحمل فأسه إلى الوادي القريب، حيث القليل من أشجار الأكاسيا الناجية من فؤوس المحتطبين، مؤكدا أنه بلا حيلة، فالجميع في حاجة متزايدة إلى الطاقة، وقليل منهم يدرك أن النتيجة ستكون كارثية على البيئة.
اكتشف الجميع السياسات التنموية العرجاء بعد نزوح الآلاف إلى القرى والمدن الصغيرة، وطرح سؤال تلو سؤال.
ما دام الريف قادراً على استيعاب كل هذه الأعداد من العائدين والنازحين، فلماذا سمحت الحكومات المتعاقبة بإفراغه من هذا الرأسمال الاجتماعي، وهذه القوى الإنتاجية لصالح التكدس في المدن؟ وما بال أصحاب القرار التنموي يتعامون عن تنمية الريف ويسمحون بتوقف المشاريع الكبيرة فيه؟ ولماذا يصبح الاستثمار من الشؤون السياسية لا الاقتصادية البيئية والاجتماعية؟
كوة أمل صغيرة انفتحت في إحدى قرى شمالي السودان بعدما دخلتها عشرات الأسر من أبنائها وأصهارهم وجيرانهم، فقد تصادف أن يكون من بين الضيوف مهندس غابات عائد لتوه من إحدى الدول الأوروبية، حيث يمثّل الاهتمام بالريف ضمانة لصعود الاقتصاد، واستمرارية الغطاء البيئي.
خرج المهندس في جولة مسائية حول القرية بصحبة شباب الأسرة المستضيفة، وهالته عشرات الهكتارات الصالحة للزراعة التي تحتلها غابات المسكيت ونبتة العُشر. على أثر النقاش، استقر رأيهم على استثمار تلك المساحات بما يضمن صلاح البيئة، وإيجاد فرص لتشغيل الشباب، مع ضمان عائد مادي مجزٍ.

موقف
التحديثات الحية

أعلن المهندس الضيف عزمه على وضع ما لديه من أموال كميزانية تأسيس للمشروع، مع دعوة لمشاركة من يقنع بالفكرة ممن انفتحت عيونهم على خطأ البقاء في المدن، في ظل حاجة أهلهم وقراهم لهم.
سرعان ما التف حول المشروع الحلم عدد من الشباب، واقترح بعضهم البدء بقطع المسكيت، وتحويل أخشابه إلى فحم نباتي يدخل عائده في ميزانية المشروع كأسهم، مثلما عُدّت مساعي متابعة إجراءات تسجيل التعاونية البيئية من بين الأسهم، وساهم البعض في دورات التدريب على تحويل النفايات إلى سماد طبيعي، كما دخلت الزراعة المنزلية كمكون في المشروع.
بات أهل القرية منشغلون عن لعن الظلام بعدما تهيأت لهم فرصة إشعال الشمعة.
(متخصص في شؤون البيئة)

المساهمون