قصص عائلات سورية فرّقها "لم الشمل"

قصص عائلات سورية فرّقها "لم الشمل"

07 نوفمبر 2021
تظاهرة أمام القنصلية الألمانية في أثينا بسبب تأجيل لم الشمل (نيكولاس إيكونومو/ Getty)
+ الخط -

نجا الكثير من السوريّين، ممّن حالفهم الحظ بالوصول إلى إحدى الدول الأوروبية بعدما نجوا من الموت خلال رحلات اللجوء، من أهوال الحرب. على الرغم من ذلك، دفع هؤلاء ثمناً باهظاً من نوع آخر لعدم قدرة البعض على لم شمل أسرهم، أو حدوث حالات انفصال نتيجة الضغوط الكثيرة التي عاشوها. 
لم تكن جمانة (26 عاماً)، وهي من ريف حمص، التي طلبت عدم الكشف عن اسم عائلتها لأسباب اجتماعية، تدري أن رحلة اللجوء الذي خاضها زوجها إلى إحدى دول اللجوء قبل خمس سنوات، لن تنقذها وطفلتها من حياة الفقر التي عانت منها من جراء فقدان زوجها عمله. وتقول لـ"العربي الجديد": "كان آخر ما نملكه في سورية هو شقة سكنيّة صغيرة باعها زوجي مع الأثاث ليغطي تكاليف سفره. بعدها، انتقلت وطفلتي للعيش لدى عائلة زوجي. لم نتوقع أن يستغرق الأمر سوى بضعة أشهر. لكن شيئاً لم يحصل، ورحت أتنقل ما بين منزلي عائلتي وعائلة زوجي في وقت كانت المشاكل تزداد بيني وبين زوجي، وخصوصاً أنه خلال الفترة الأولى لم يكن زوجي قادراً على أن يرسل لنا المال". 
تتابع: "كانت الضغوط تحيط بي من كل جانب. لم أعد أحتمل فوضعته أمام خيارين: إما أن يؤمن لنا انتقالنا إلى حيث هو أو يعود إلى سورية. طلب مني الانتظار مجدداً لكنني لم أستطع الاحتمال أكثر، وانفصلنا في نهاية المطاف. واليوم، هناك نزاع مع عائلة زوجي على حضانة طفلتي". 
من جهته، يقول عبد المجيد رعد (35 عاماً)، وهو من ريف دمشق، لـ"العربي الجديد": "واجهت العديد من المصاعب حتى اليوم، وحرمت من إمكانية لم شمل عائلتي، بالإضافة إلى تحدي تعلم اللغة. حتى زوجتي لم تتمكن من تعلم اللغة وكانت هذه عقبة ثانية أمامنا. كان أطفالي الثلاثة يكبرون بعيداً عني، في وقت تزيد فيه ضغوط الحياة علي وعلى عائلتي". 
يتابع: "عاما بعد عام، كانت زوجتي تواجه أعباء إضافية، وكان هذا حالي أيضاً. وتملك زوجتي الكثير من الأفكار السلبية والغيرة والشك، وخشيت أن أكون قد تزوجت من أخرى أو أن تكون لدي علاقة بإحداهن. في النهاية، أصرّت على الطلاق رغم محاولتي ثنيها. في الوقت الحالي، ما زلت أحاول لم شمل الأطفال، لكن الأمر صعب جداً". 

لاجئ سوري يعمل في مخبز في ألمانيا (توماس نيدرمولر/ Getty)
لاجئ سوري يعمل بمخبز في ألمانيا (توماس نيدرمولر/Getty)

أما مجدي عبد الحميد (32 عاماً)، والذي يقيم في إحدى دول اللجوء، فقد اختار أن يلتقي بزوجته في دولة أخرى لإنقاذ زواجه. ويقول لـ"العربي الجديد": "أمضيت ثلاث سنوات وأنا أحاول إنجاز لم شمل العائلة. كانت الظروف دائماً معاكسة وخصوصاً مع تفشي فيروس كورونا الجديد، عدا عن الشروط المتعلقة بتعلم اللغة. وكان للبعد أثر كارثي على علاقتي بزوجتي. في النهاية، شعرت بأنه في حال لم نلتقِ ستتدمر علاقتنا". يتابع عبد الحميد: "قررت أن ألتقي بزوجتي في إحدى الدول المجاورة لسورية. أخذت إجازة لمدة شهر ونصف الشهر، على الرغم من الكلفة المرتفعة لهذه الإجازة التي وصلت إلى نحو 12 ألف دولار. إلا أنني أنقذت زواجي على أمل أن تأتي الموافقة على معاملة لم الشمل ونستقر كعائلة".               
في المقابل، كان لم الشمل فرصة لأخريات للتخلّص من زيجات تعرضن فيها للعنف والاضطهاد خلال وجودهن في سورية، كحال فاطمة م. (21 عاماً)، التي تحمل شهادة الثانوية العامة، وتعمل في مجال التجميل، وكانت متزوجة من حميد (25 عاماً). الأخير كان يحمل بدوره شهادة الثانوية العامة ويعمل في مجال البناء، وقد أنجبا طفلة تبلغ سنتين من العمر. كان الوصول إلى أوروبا بالنسبة إليها فرصة للخلاص بعدما تعرضت للعنف والخيانة الزوجية. تقدمت بدعوى تفريق وحماية ضد زوجها، وتخلت عن طفلتها لوالدها لتحصل على حريتها. في الوقت الحالي، هي تقيم وتعمل بعيداً عن طليقها. 

أما أم أحمد، والتي لجأت إلى إحدى الدول الأوروبية، فتقول لـ"العربي الجديد": "في هذه البلاد، المساعدات التي تقدم للاجئ لا تؤمن مستوى الحياة التي نحلم بها. بعدما تحقق لم الشمل، كنت في نقاش دائم مع زوجي حول كيفية تطوير أنفسنا، لكن من دون جدوى. كان يحد من طموحي، فقررت أن أنفصل عنه وآخذ طفلي معي، وانتقلت إلى مدينة أخرى. في الوقت الحالي، أعمل وأعيش حياتي كما أريد".    
من جهته، يقول باسم حوا لـ"العربي الجديد"، إن "العلاقات الأسرية تتعرض لكثير من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، وقدرة الأسر على تحمل تلك الضغوط تختلف من شخص إلى آخر". يضيف أن "هناك الكثير من الزيجات الهشة، وخصوصاً تلك القائمة على ما يعرف بالزواج الاجتماعي أو التقليدي، عدا عن زواج القاصرات. وغالباً ما تعاني العائلات من التعنيف والتهميش". يضيف أن "القانون في الدول الأوروبية ينصف المرأة ويجعلها قادرة على الانفصال عن زوجها وبدء حياة جديدة".
إلى ذلك، يتحدر محمد من بلدة ريناس، في القامشلي (شمال شرق سورية)، وقد هاجر إلى إحدى الدول الأوروبية قبل نحو 8 سنوات عن طريق البحر. وبعد سنوات عدة، أراد الزواج من فتاة من بلده مستعيناً بعائلته لكنه لم يتمكّن من إنهاء الأوراق لأن الفتاة كانت مكتومة القيد، وما من وسيلة للوصول إلى أوروبا إلا عن طريق التهريب. فأجبرتها عائلتها على الانفصال. يضيف أن السفر عن طريق التهريب يكلف نحو 15 ألف دولار، وهو غير آمن. 

المساهمون