غابات المانغروف.. حصن قطر الأخضر لمواجهة تغيّر المناخ

غابات المانغروف.. حصن قطر الأخضر لمواجهة تغيّر المناخ

11 سبتمبر 2022
لقطة من غابات المانغروف نشرتها وزارة البلدية في قطر (فيسبوك)
+ الخط -

نجح القائمون على القطاع البيئي في دولة قطر، في خلال الأعوام القليلة الماضية، في مضاعفة مساحات أشجار المانغروف أو الأيكات الساحلية من نوع القرم من ستّة كيلومترات قبل ثلاثة أعوام لتصل إلى 14 كيلومتراً، في مناطق نموّها عند الشواطئ على امتداد الخليج. ويبلغ معدّل زيادة مساحتها 55%، في حين يبذل المسؤولون عن قطاع البيئة جهوداً مكثفة للحفاظ على غابات المانغروف وتنميتها وتطوير مناطقها.

وعمدت وزارة البيئة والتغيّر المناخي إلى زرع المانغروف في أربع مناطق على السواحل الشمالية والشرقية بعد أن كانت مقتصرة على منطقتَي الخور والذخيرة، فتعدّدت بالتالي مواقع زراعتها على مساحات كبيرة تُقدَّر بآلاف الهكتارات، إذ نجحت هذه الزراعة في كلّ من الرويس وأمّ الحول وفويرط وراس مطبخ.

وتمكّنت الدولة من المحافظة على البيئة بشكل ملحوظ. ففي عام 2014 خُصّصت أكثر من 23% من مساحتها البرية كمحميّات طبيعية. وفي المجمل ثمّة 12 محمية طبيعية بيئية برية هي العريق، والذخيرة، وخور العديد، والرفاع، وأمّ العمد، وأمّ قرن، والصنيع، والريم، والشحانية، والمسحبية، والوسيل، ووادي سلطانة. أمّا مساحة المحميّات البحرية فتبلغ 720 كيلومتراً مربّعاً، تشمل محميّتَي خور العديد والذخيرة.

تجدر الإشارة إلى أنّ محميّة خور العديد تأتي على رأس المحميّات البرية لجهة المساحة مع 1293 كيلومتراً مربّعاً، بنسبة 47 في المائة من إجمالي المحميات البرية. كذلك تُعَدّ كبرى المحميّات البحرية مع 540 كيلومتراً مربّعاً، أي بنسبة 75% من إجمالي المحميّات البحرية.

ويتراوح معدّل انقراض غابات المانغروف الساحلية في العالم ما بين ثلاث إلى خمس مرّات أسرع من الغابات الأخرى، لذلك تحرص وزارة البيئة والتغيّر المناخي في قطر على حمايتها والمحافظة عليها والعمل على تنميتها، فهي عنصر جوهري من عناصر معالجة تغيّر المناخ وقد يؤدّي اندثارها كذلك إلى آثار اجتماعية واقتصادية جسيمة.

وفي منطقتَي الخور والذخيرة وهما من أبرز المناطق التي تنمو فيها أشجار المانغروف بكثافة، فإنّها تغطّي مساحة تتخطّى سبعة كيلومترات مربّعة في داخل مياهها، ويصل ارتفاع تلك الأشجار إلى أربعة أمتار. وتنتشر غابات المانغروف في الذخيرة على مساحة شاسعة مزدهرة بالنباتات الطبيعية وسط الصحراء المحيطة بها من كلّ الجوانب.

وبموجب القانون رقم 6 لسنة 2006، صُنّفت منطقة الذخيرة محمية طبيعية، علماً أنّ هذه المنطقة التي تبعد عن الدوحة نحو 64 كيلومتراً تتميّز بغابات المانغروف دائمة الخضرة صيفاً وشتاءً والتي تنمو على مياه البحر. وهذه الأشجار قادرة على التنفّس عندما تغمرها مياه البحر شديدة الملوحة، علماً أنّها تحوّلها إلى مياه عذبة وتتغذّى عليها. فهي تعمد إلى ترشيح المياه المالحة عن طريق غدد في الجذور، ثمّ تطرح الزائد منها.

وتمثّل غابات المانغروف مواقع طبيعية نادرة ومدهشة وزاخرة بالأحياء البرية تفصل ما بين اليابسة والبحر، وتعمل على إنتاج الأكسجين وامتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون والغازات السامة، الأمر الذي يساعد بشكل كبير في تقليص الاحتباس الحراري.

وتكمن أهمية المانغروف في أنّها تعمل على تثبيت التربة وحماية الشواطئ من التآكل، بالإضافة إلى تحسين ظروف تنمية الثروة السمكية، علماً أنّ ثمّة أسماكاً ذات أهمية اقتصادية في دولة قطر مثل البدح.

وتعمل البكتيريا على تحليل أوراق المانغروف التي تتساقط إلى مركّبات عضوية أولية تستفيد منها أنواع مختلفة من الكائنات البحرية في نظامها الغذائي، وبذلك تُعَدّ بيئة المانغروف موطناً مناسباً لأنواع عديدة من الكائنات البحرية، مثل الأسماك والروبيان والطحالب والقشريات والفطريات والديدان وغيرها.

وتُستخدَم سيقان المانغروف الصلبة في عمليات البناء أو كوقود للطبخ والتدفئة وفي صناعات خشبية مختلفة مثل صناعة القوارب الشراعية، نظراً إلى المتانة التي تتميّز بها والقدرة على تحمّل الملوحة. كذلك تُستخدَم السيقان والأوراق الطرية كعلف للحيوانات الأليفة، مثل الجمال والأغنام والماعز.

وأشجار المانغروف تخفّض ثاني أكسيد الكربون بنحو ثمانية أضعاف الغابات المطيرة، وتقلّل انجراف تربة الشواطئ، وتحدّ بنسبة 66% من الأمواج الناجمة عن العواصف، فيما تشكّل نظماً بيئية مميّزة وتقدّم مجموعة كبيرة من سلع وخدمات تلك النظم.

وتُعَدّ غابات المانغروف نادرة على الرغم من أنّها تنتشر في 123 منطقة في العالم، من بينها قطر، فهي تمثّل واحداً في المائة تقريباً من الغابات الاستوائية حول العالم، وما لا يزيد على 0.4% من مجمل الغابات، مع الأخذ في عين الاعتبار أنّ إدارة وترميم نظمها البيئية ممكنان بأقلّ التكاليف بهدف ضمان تأمين الأمن الغذائي لمجتمعات ساحلية عديدة.

والنظم البيئية في غابات المانغروف هي أحواض كربون فعّالة جداً تعمل على عزل كميات هائلة من هذا الغاز في داخل التربة والأوراق والفروع، ويمكن لهكتار واحد تخزين 3.754 أطنان من الكربون. ولأنّ التربة غنية إلى حد كبير بالكربون، يمكن لأشجار المانغروف أن تقلّل من الضرر الحاصل من جرّاء الكوارث الطبيعية وبالتالي زيادة المقاومة ضدّ التغيّر المناخي وآثاره.

تجدر الإشارة إلى أنّ المانغروف أشجار استوائية مدارية بثلاثة أنواع، أحدها القرم أو الشورى. وتنمو أشجاره على امتداد الشاطئ (منطقة المدّ والجزر) وقد أتى اسم منطقة راس القرمة إلى شرق مدينة الخور نسبة إلى شجرة القرم.

(قنا)

المساهمون