صيف الليبيين من الراحة إلى الهرب بسبب انقطاع الكهرباء

صيف الليبيين من الراحة إلى الهرب بسبب انقطاع الكهرباء

13 يوليو 2021
ليبيون اندفعوا بسياراتهم إلى الشاطئ (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

عادت أزمة الكهرباء لتؤرق حياة الليبيين، بالتزامن مع أطول موجة حرّ عرفتها بلادهم وامتدت نحو أسبوعين، في حين تستمر وعود الحكومة الخاصة بحلول إنهاء هذه الأزمة.
في الأسبوعين الأخيرين، تجاوزت، في شكل مفاجئ، ساعات تقنين التغذية بالطاقة الكهربائية الـ15 يومياً. وبررت إدارة الشركة العامة للكهرباء هذا الأمر بعجزها عن ملاحقة المعتدين على خطوط نقل الطاقة، وكون الشبكة متهالكة وتعاني أيضاً من ضعف في إمدادات الغاز التي تحتاجها محطات التوليد.
وطالبت شركة الكهرباء المواطنين بترشيد استخدامهم للطاقة، وعزت أسباب ارتفاع ساعات التقنين الى تأثير موجة الحرّ المفاجئة على محطات التوليد وخطوط نقل الطاقة، وتعهدت بمواصلة بذل قصارى جهودها لصيانة المحطات وشبكات النقل.
وتحت ضغط تزايد السخط في الشارع الذي عكسته بوضوح وسائل إعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، عقد رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة اجتماعاً عاجلاً مع مسؤولي إدارة الشركة العامة للكهرباء، فيما أمر مكتب النائب العام بضبط وإحضار كل من تكشف التحقيقات تدخله في عرقلة برنامج عمل الشركة خلال يونيو/ حزيران الماضي.
وأوضح مكتب رئاسة الحكومة أن بث شريط الاجتماع بين رئيسها الدبيبة ومسؤولي إدارة الشركة هدف إلى إطلاع المواطنين على الحقائق التي تتسبب في العجز عن تجاوز أزمة الكهرباء منذ أكثر من ست سنوات. وأبلغ الدبيبة ممثلي الشركة، خلال الاجتماع، أن الحكومة خصصت نحو مليار دينار (220 مليون دولار) لتنفيذ برامج الإصلاح والصيانة الخاصة بشبكة الكهرباء. واتهم إدارة الشركة بإهمال الأزمة، وعدم الجدية في مواجهتها ووضع حلول عملية لها وتنفيذها.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وكشف الدبيبة خلال اللقاء عن تجاوزات ترقى إلى مستوى اختلاسات متعمدة في عقد صفقات لمشاريع صيانة مع شركات أجنبية، مشيراً إلى أن بعضها وهمي. كما أعلن جملة قرارات، منها صرف علاوات للفنيين العاملين في قطاعات شركة الكهرباء، وقرر وقف عمل مجمع الحديد والصلب من أجل توفير نحو 150 ميغاوات من الطاقة التي يستهلكها المجمع، واستخدامها في دعم شبكة الكهرباء.
من جهته، أكد مكتب النائب العام فتح سلسلة تحقيقات حول أزمة الكهرباء، واتخاذ إجراءات لضبط وإحضار كل المعتدين على خطوط نقل الطاقة، أو موظفي الشركة الذين ارتكبوا مخالفات في تنفيذ المهمات الموكلة إليهم، وكل من ساهم في الاستيلاء على معدات وتجهيزات خلال نقلها، أو عمل على تلفها.
كما طالب المكتب الجهات الأمنية والعسكرية بالعمل لحماية منشآت الطاقة الكهربائية، سواء محطات التوليد أو خطوط النقل، عبر وضع مخطط أمني فاعل وقابل للتطبيق غرضه الحفاظ على المنشآت وحراسة أفراد فرق الصيانة العاملة في مختلف مواقع عملهم. وأكد أن النيابة العامة باشرت العمل لتحديد أسباب أزمة الكهرباء وآليات معالجة تأثيراتها السلبية.

الصورة
الشاطئ مكان الهروب الأفضل (محمود تركية/ فرانس برس)
الشاطئ مكان الهروب الأفضل (محمود تركية/ فرانس برس)

لكن هذه الإجراءات الرسمية لم تمنع الشركة من الإعلان، الأربعاء الماضي، أن شبكات أربع محطات موجودة غربي البلاد فقدت نحو 500 ميغاوات من الطاقة المتاحة، ما اضطرّها إلى زيادة عدد ساعات التقنين يومياً. وبررت الشركة حينها سبب ما حصل بمواجهة انخفاض حاد في ضغط الغاز من الخط الغربي الذي يغذي هذه المحطات.
يعلق المواطن من العاصمة طرابلس أنور تنتوش، في حديثه لـ "العربي الجديد"، قائلاً: "يسمع كل ليبي المبررات ذاتها، في حين تبقى الإجراءات بلا جدوى، ما يجعل الوعود الحكومية أشبه بمسكنّات". ويضيف: "الفساد مستشر، وملف الكهرباء أعجز الحكومات السابقة عن ايجاد حلول". وسأل: "أين أثر الـ150 ميغاوات التي أضيفت إلى طاقة الشبكة بعد وقف مصنع الحديد والصلب؟ فساعات التقنين لا تزداد ولا تنخفض".
ومنذ بدء موجة الحرّ الأخيرة، تشهد شواطئ مدن مصراتة وزليتن والخمس وطرابلس، وصولاً الى زوارة أقصى غرب البلاد، ازدحاماً شديداً من مواطنين فارين من درجات الحرارة العالية. ويوضح بشير اندير، من مدينة بني وليد جنوب شرقي طرابلس، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه اضطر إلى حجز استراحة لأكثر من عشرة أيام، بعدما توسط لدى مشرفين على شاطئ في منطقة مجاورة لمدينة الخمس شرق طرابلس، و"ذلك للهرب من شقتنا التي تحوّلت من شدة الحر الى ما يشبه جهاز التنور الخاص بتحضير الخبز الساخن". يضيف: "توقعنا الأزمة، لكن موجة الحرّ حلّت في شكل مفاجئ، وبتنا لا نستطيع توقع ساعات التقنين اليومية، علماً أن مجموع ساعات وجود الكهرباء لا يتجاوز العشر يومياً في الوقت الحالي".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويأمل اندير أن تستطيع الحكومة الحالية حلحلة الأزمة، "خصوصاً أنها امتلكت جرأة اتخاذ إجراءات لم تفعلها حكومات سابقة، مثل مواجهة مسؤولي شركة الكهرباء، ووقف عمل عدد من المصانع من أجل توفير ما يمكن من كهرباء لتخفيف ساعات التقنين". لكن سناء الشوشان، المواطنة من مدينة أجدابيا (شرق البلاد)، تبدي استياءها من تردي الوضع، وتقول: "بمرور السنوات أدركنا أن أزمة الكهرباء مفتعلة، وأن مضايقات فساد الحكومة تزداد علينا، بدليل أنها حوّلت موسم الاصطياف من موسم راحة الى موسم هرب. والأكيد أن أطرافاً نافذة لا يروقها استقرار البلاد، وتفتعل الأزمات".

المساهمون