شوارع غزة تمتلئ بباعة الذرة

شوارع غزة تمتلئ بباعة الذرة

25 يوليو 2023
يعتمد على بيع الذرة لتأمين الدخل (محمد الحجار)
+ الخط -

تتزيّن شوارع قطاع غزة بالأكشاك والعربات المتنقلة التي تبيع الذرة المسلوقة في فصل الصيف. وتوفر عملاً مؤقتاً للشبان وحتى الأطفال الذين تدفعهم عائلاتهم إلى العمل في ظل ظروفهم المعيشية الصعبة. ومن بين مئات البائعة المنتشرين على طول الشريط الساحلي لشاطئ بحر غزة، يبرُز بائعو الذرة المسلوقة والمشوية، وتشتد المنافسة في ما بينهم، ويقدمونها في أطباق قد تكون مصنوعة من الفخار أو في كؤوس وغير ذلك.
ويقول أحمد أبو جهل الملقب بـ"سيكا" والمعروف ببيع الذرة للعام الرابع على التوالي، إن عدد الباعة يزداد، وأصبح المتجولون من الباعة أكثر من العربات المنتشرة على الشاطئ. وفي بعض الأحيان، يكون أصوات بائعي الذرة أعلى من أصوات المتوجهين إلى الشاطئ لقضاء الوقت. ويقول "سيكا" لـ "العربي الجديد": "نُزيّن العربات بأشكال مختلفة، سواء كنا نبيع عليها الذرة أو غير ذلك، إذ إن الزينة تشكل عنصر جذب. وأحتاج في عملي إلى الحطب معظم الأحيان، علماً أن سعره مرتفع بالمقارنة مع العام الماضي". يضيف: "يحب الزبائن رائحة الحطب. كما أحتاج إلى قارورة غاز لسلق الذرة. لكننا نقول إن الرزق القليل أفضل من انعدام الرزق". 
من جهته، يعمل حسن أبو لبن (40 عاماً) وأبناؤه الثلاثة في بيع الذرة المسلوقة. يقود عربته الصغيرة في عدد من الشوارع خلال النهار، ليتوجه مساء إلى شاطئ البحر. كما يبيع أبناؤه الذرة المعبأة في دلوين، ويجولون بين المصطافين بعد صلاة العصر وحتى المساء. لجأ إلى هذا العمل بسبب البطالة التي استمرت سنوات، هو الذي كان يعمل خياطاً. عمل أبو لبن بائعاً للعديد من المسليات على عربته. وقبل عامين، ركز على بيع الذرة. يقول: "نبيع الذرة في ظل قلة الاحتمالات المتاحة. خلال فصل الشتاء، بعت السحلب في كؤوس بلاستيكية، ولا يقبل عليها المواطنون إلا في أوقات البرد الشديد، الأمر الذي يشعرني بالتعب. أما الذرة، فيمكن بيعها في أي وقت". 

الصورة
يواجه الباعة تحديات كثيرة (محمد الحجار)
يواجه الباعة تحديات كثيرة (محمد الحجار)

وكان للحصار الإسرائيلي تأثير على مزارع الذرة في ظل تقييد دخول البذور ذات الجودة إلى القطاع، بالإضافة إلى المعدات، عدا عن زيادة ملوحة المياه وانقطاع التيار الكهربائي، الأمر الذي يؤثر على جودة الذرة. وما سبق هو جزء من التحديات التي تواجه المزارعين، بالإضافة إلى الكلفة التشغيلية. كذلك المياه شديدة الملوحة على الرغم من مساعي محطات المعالجة التابعة للبلديات إلى تنقيتها. لكن تتفاقم المشكلات التي تؤثر على جودة البنى التحتية وباقي الخدمات، وقد تضرر غالبية المزارعين من هذا الحال، ما دفعهم لشراء مياه ومولدات كهربائية وبالتالي تحمل أعباء إضافية.

الصورة
يزداد التنافس بين باعة الذرة (العربي الجديد)
يزداد التنافس بين باعة الذرة (العربي الجديد)

تُزرع الذرة في مساحاتٍ واسعة بعيدة عن الكثافة السكانية، لتحصل على أشعة الشمس طوال اليوم. كان خالد أبو سعود يملك مساحة 15 دونماً يزرعها بالذرة بالكامل. لكنها تقلصت إلى أن أصبحت 5 دونمات فقط، يزرعها في بداية شهر مارس/ آذار بحبوب مستوردة.  

يقول خالد أبو سعود لـ "العربي الجديد": "عملت مزارعاً في السودان ومصر على مدى سنوات، حيث تخصص مساحات لزراعة الذرة. وتستفيد منها لصنع زيت الذرة وغيرها من منتجات التجميل. لكن في غزة، يصعب القيام بذلك. تزرع في موسمها فقط بنسبة 90 في المائة، ويصعب استغلالها لغير الأكل". يضيف أن محصوله كان جيداً لكن الربح كان قليلاً بالمقارنة مع السنوات السابقة. وتقدر كلفة زراعة الدونم الواحد بحوالي 700 دولار، وهو مبلغ مرتفع بالمقارنة مع ما كان عليه الحال. 

الصورة
يتوجه الباعة إلى مختلف الأحياء والشاطئ (محمد الحجار)
يتوجه الباعة إلى مختلف الأحياء والشاطئ (محمد الحجار)

إلى ذلك، يقول المتحدث باسم وزارة الزراعة محمد أبو عودة إن زراعة الذرة في قطاع غزة تشهد توسعاً على الرغم من الصعوبات في ظل حاجة المزارعين للإنتاج وتأمين الرزق. وتبلغ إجمالي المساحة المزروعة خلال عام 2023 حوالي ألف دونم، وينتج الدونم الواحد حوالي أربعة أطنان من الذرة.

ويقول أبو عودة لـ "العربي الجديد": "قطاع الزراعة يتأثر بشكل كبير بالظروف السياسية والحصار. ولا خيار أمام المزارعين إلا تحمل الظروف الصعبة بسبب غياب البدائل". يضيف: "نحاول دعمهم بالإرشادات المتواصلة لتعزيز اعتماد بعض المصانع على منتجاتهم مثل معلبات الذرة، وإدخالها في الأعلاف الخضراء كغذاء أساسي للحيوانات".
وبينما يحاول المزارعون والباعة تأمين رزق عائلاتهم فإنّ الظروف المعيشية والاقتصادية تزداد صعوبة يوماً بعد يوم في القطاع المحاصر.

الصورة
زراعة الذرة في قطاع غزة تشهد توسعاً (محمد الحجار)
زراعة الذرة في قطاع غزة تشهد توسعاً (محمد الحجار)

المساهمون