سكان مناطق النفط الليبية ينتظرون "عودة الحياة"

سكان مناطق النفط الليبية ينتظرون "عودة الحياة"

24 أكتوبر 2021
تسرّبات النفط خلقت بركاً ملوثة وسط أحياء سكنية (Getty)
+ الخط -

يعيش سكان مناطق الواحات الليبية وسط انتشار واسع للتلوث الناتج من تسرّبات حقول النفط ومصافيها التي تتواجد في أماكن غير بعيدة عن الأحياء، خصوصاً في مناطق جالو وأوجلة، وتلك في الهلال النفطي القريبة من سواحل التصدير (وسط).
ووعدت حكومة الوحدة الوطنية أخيراً ببحث مشاكل الانتهاكات المرتكبة في هذه المناطق وتهديداتها، وبينها التلوث النفطي، وإطلاق مشاريع لتنميتها، علماً أن وفداً من ممثلي أهالي منطقتي الهلال النفطي والواحات ناقش مع رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس العراقيل التي تواجه بلداتهم على صعيد التلوث البيئي، ووضع الشباب والوظائف. ونقل الوفد عن الدبيبة حرصه على إيجاد حلول في إطار برنامج الحكومة لـ "عودة الحياة" الذي أطلقته في عدد من المناطق.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وبعد اللقاء، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط إطلاق مشروع لمراقبة التلوث وإجراء تحاليل بيئية في منطقة الواحات، مؤكدة أن هذا المشروع "يوجه رسالة صريحة لأهالي المنطقة تفيد بأننا نخضع بلداتهم لاختبارات تهدف إلى معالجة الآثار السلبية لعمليات استخراج النفط".
ووصفت المؤسسة الوطنية للنفط في بيان أصدرته هذا المشروع بأنه "الأكثر أهمية في عملياتها، ويثبت اهتمامنا البالغ بالبيئة وبحمايتها". ورجحت أن يبدأ المشروع قريباً في تنفيذ كل الاختبارات البيئية التي تهم كل مناطق العمليات النفطية.

وأوضحت المؤسسة أنها اتخذت منذ عام 2012 حزمة إجراءات للعمل على تحسين الوضع البيئي في كل مناطق عملياتها، وبينها مشاريع تقليل الغازات المنبعثة، وتقليل برك المعالجة للنفط. لكن خليفة المجبري، أحد سكان جالو بمنطقة الواحات، يؤكد لـ"العربي الجديد" أن "لا شيء يثبت حقيقة مشاريع المؤسسة على أرض الواقع، إذ لا يزال سكان الواحات يعانون من آثار التلوث".
ورغم أن حقول نفط ليبية مثل الشرارة والفيل بعيدة عن المناطق السكنية، تنتج حقول الواحات وحوض النفط ملايين براميل النفط في محاذاة مناطق آهلة بالسكان، لا سيما في جالو وأجخرة وزلة ومرادة وغيرها. 

ويوضح المجبري أن "مزارع جالو الأكثر شهرة في ليبيا في إنتاج التمور والطماطم وأصناف زراعية متعددة أخرى، تعاني من جفاف حاد منذ سنوات بتأثير تزايد معدلات التلوث النفطي في الهواء. كما انتشرت فيها أمراض لم نعرفها سابقاً مثل السرطان، وتعرضت النساء لحالات إجهاض كثيرة، ما يجعل الناس أكثر اقتناعاً اليوم بأن هذه الظواهر المرضية سببها التلوث النفطي الذي يمكن لأي شخص يعبر منطقة الواحات أن يلاحظه بوضوح وسهولة في الهواء".
ويتابع: "التقى الأهالي مرات وفوداً حكومية وممثلين للمؤسسة الوطنية النفط، ونقلوا لهم شكاوى كثيرة عن استمرار تسرّب مخلفات النفط الى داخل الأحياء السكنية أو جوارها، وتشكيلها بركاً كبيرة فيها، وكذلك من ارتفاع أعمدة الدخان المنبعثة من حقول استخراج النفط في سماء مناطق الواحات، والذي بات مشهداً اعتيادياً لديهم".

تلوث هواء خطر في مناطق منشآت النفط الليبية (Getty)
تلوث هواء خطر في مناطق منشآت النفط الليبية (Getty)

من جهته، يؤكد رئيس المجلس التنفيذي لبلدية جالو، فرج عقيلة، في حديثه لـ"العربي الجديد" عدم تجاوب الجهات الحكومية مع الأزمة البيئية التي تعانيها مناطق الواحات والهلال النفطي، ويقول: "التقينا وفداً من شركة الواحة للنفط رافقه مسؤولون من وزارة النفط والغاز، وأبلغناهم ضرورة حل مشكلة التلوث وانبعاثات الغاز الناتجة من عمليات النفط".
ويشير عقيلة إلى أن الحكومة تعهدت إنشاء صناديق لإعمار ودعم مناطق النفط تموّل من خلال حسم نسبة من كل برميل نفط يستخرج من هذه المناطق، مشدداً على أن حل مشكلة التلوث البيئي "ستكون إحدى أهم أولويات البلدية في حال إنشاء صندوق الإعمار".

في المقابل، لا يرى المهندس في شركة الواحة النفطية المبروك غويلة، في حديثه لـ"العربي الجديد" وجود حل واقعي لأزمة التلوث النفطي إلا في حال عادت الشركات الأجنبية التي تعمل في مجال النفط، لأنها تملك الإمكانات والتقنيات اللازمة التي لا تتوافر لدى القطاع المحلي، علماً أن بنود عقود عملها في ليبيا تلزمها إنشاء مشاريع لتنمية مناطق استخراج النفط يمكن أن يُطلب عبرها حل أزمة التلوث".

وتتحدث تقارير إعلامية تتناول قضية التلوث البيئي في مناطق النفط عن معاناة السكان من التداعيات الصحية للتلوث، وبينها انتشار أمراض حساسية جلدية وأنواع من السرطانات، خصوصاً سرطان الجلد، وأيضاً عن الأضرار التي تخلفها شاحنات وصهاريج شركات النفط على شبكات النقل، وتلك المرتبطة بالمزروعات والنباتات والحبوب التي تنتجها هذه المناطق.