ليبيا: تشجير لتعويض خسائر الغطاء النباتي

ليبيا: تشجير لتعويض خسائر الغطاء النباتي

08 فبراير 2021
تشذيب شجرة في طرابلس (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

في ليبيا، على الرغم من أزمات التقسيم والمعارك والتهجير والفقر وجائحة كورونا، حملات تشجير تطوعية مستمرة، على المستوى الوطني، هدفها زيادة المساحات الخضراء، ومكافحة التلوث ما أمكن، وتلطيف البيئة عموماً

عام 2014، أطلق عدد من الشباب المتطوعين حملة تشجير في مدن ليبية عدة، وبمرور السنوات والنجاحات الواسعة التي حققتها الحملة، انضمت مؤسسات رسمية إليها، بحسب عاطف زبيدة، أحد ناشطي الحملة. يؤكد زبيدة، لـ"العربي الجديد" أنّ الحملة بدأت وما زالت بفضل المتطوعين. يشير إلى أنّ الحملة تهدف، خلال العام الجاري، إلى زرع أكبر عدد من الأشجار في مختلف أنحاء البلاد. وحتى الآن، تمكن المتطوعون وعددهم مائة، من زرع عشرات من شتول أشجار الغابات في مناطق الجبل الغربي. ويقول زبيدة إنّ الجمعية الليبية للأحياء البرية، انضمت إلى الحملة الراهنة، كما تتولى الشرطة الزراعية توفير الحماية للمتطوعين في المناطق الجبلية. وفيما يؤكد زبيدة أنّ هدف الحملة في كلّ مواسمها السابقة هو تلطيف البيئة وتوفير الغطاء النباتي اللازم الذي فقد كثيراً من مساحاته الكبيرة بسبب التجريف والتحطيب، يشير إلى أنّ الحملة لفتت أنظار منظمات دولية وإقليمية، مثل مبادرة "من أجل أفريقيا أفضل" التي تعمل في ليبيا بالشراكة مع الجمعية الليبية للأحياء البرية.

طلاب وشباب
التحديثات الحية

في السياق نفسه، برزت مبادرة أهلية أخرى، شرقي البلاد، قوامها متطوعون تحت مسمى "غصون"، تمكنت خلال عام 2019، بحسب تصريحات القائمين عليها، من زراعة ما يقرب من 6 آلاف شجرة في إطار سعيها لزراعة 25 ألف شجرة، توازياً مع حملة توعية بأهمية الغطاء النباتي. وتمكنت الحملة من حشد مئات المتطوعين بهدف استعادة النباتات والأشجار التي قُطعت أو أزيلت في السنوات الأخيرة، مع دعوة السلطات إلى ضرورة الالتفات إلى خطورة انحسار الغطاء النباتي بسبب التجريف والحرائق الواسعة.
نجاح الحملات التطوعية استرعى انتباه جهات رسمية لتنظيم الجهود، فقد أعلن مكتب الزراعة والثروة الحيوانية في بلدية العزيزية، جنوب العاصمة طرابلس، أخيراً، عن توزيع نحو 10 آلاف شتلة من مختلف الأنواع على مندوبي الجهات الحكومية والفلاحين، لغرسها في الحدائق العامة والمدارس والمباني داخل البلدية. وبالتزامن، أطلقت وزارة داخلية حكومة الوفاق "الحملة الوطنية للتشجير" بالتنسيق مع جهاز الشرطة الزراعية ووزارة الزراعة والثروة الحيوانية ومفوضية الكشافة والهلال الأحمر وعدد من منظمات المجتمع المدني بحسب بيان للوزارة. وأشار البيان إلى أنّ الوزارة ستبدأ حملتها بتشجير المتنزهات والحدائق بهدف "تلطيف" بيئة المدن والمناطق والمحافظة على الغطاء النباتي اللازم للحياة.
وتلقى الحملات التطوعية للتشجير دعماً كبيراً، واهتماماً، من جانب مؤسسات مدنية ورسمية، بالإضافة لتعاون بعض القطاعات والشركات التي أعطت لموظفيها الراغبين في التطوع ضمن الحملة عطلة لأيام عدة، فيما تنتشر الحملات داخل المدن، من خلال زراعة أشجار داخل المدارس والمستشفيات ومقار خدمية أخرى.
وتؤكد الأكاديمية الليبية، الناشطة في مجال البيئة، منال ساسي، من جانبها، على أهمية هذه الحملات، موضحة أنّ "انحسار الغطاء النباتي والتجريف الجائر باتا يهددان الإنسان قبل المكونات البرية". وتقول لـ"العربي الجديد" إنّه لا تحديد رسمياً للمساحات المفقودة من الغابات، لكنّ الصور الجوية التي يعتمدها الباحثون تشير إلى فقدان نحو عشرة آلاف هكتار في الجبل الأخضر، شرقي البلاد، وحده. وبينما تلفت ساسي إلى أنّ هذه المعلومات هي نتاج دراسات طلاب بأقسام البيئة والجغرافيا المتعددة، في جامعات ليبيا، فإنها تقدّر عدم دقتها أيضاً، ما يحتم ضرورة التفات السلطات إلى الخطر المحدق بالبيئة، سواء على مستوى صحة الإنسان أو المكونات البرية المختلفة.

وليست حملات التشجير الأهلية كافية، بحسب ساسي، فالمراحل التالية للعملية مفقودة، ما يجعل نتاج تلك الحملات عرضة للاندثار، ما يعني عودة مظاهر التصحر مجدداً، خصوصاً أنّ بعضها لا يراعي صلاحية التربة ونوعيتها بالنسبة للأشجار المستهدفة بالغرس في تلك المساحات. وتلقي باللوم على الجهود الحكومية، لافتة إلى أنّ "كثيراً من الناشطين مارسوا ضغوطاً من خلال الحديث إلى الإعلام أو بالتقدم بالشكوى للأجهزة المعنية بالغابات، لكنّ المستفيدين من أراضي الغابات تقدموا إلى القضاء لإعادة ملكيتهم لأراضي الغابات التي أممتها الدولة. وفي ظلّ حماية قبلية للمستفيدين تراجعت حكومتا ليبيا عن خطواتهما". تضرب مثالاً بمحمية الشماري، في الجبل الأخضر، شرقي البلاد، التي تقول إنّ آلاف الهكتارات منها جُرفت وبيعت بواسطة المعتدين في شكل مقسّمات يجري عليها الآن بناء مساكن خاصة، من دون تحرك الحكومة، محذرة من خطورة هذه التعديات على المناخ في المديين المتوسط والبعيد.

المساهمون