رفقاً بالفهود

رفقاً بالفهود

25 ابريل 2022
يستمر الصيادون في انتزاع صغار الفهود من أحضان الأمهات (جوني كريسوان/ فرانس برس)
+ الخط -

جلس إلى جانبي منتعلاً حذاءً مصنوعاً من جلد الفهد، وقد ظهرت على هذه الحذاء آثار الزمن وطول الاستخدام، فسألته عن الأمر، أجابني ضاحكاً أن المسافات التي قطعها مرتدياً الحذاء تفوق تلك التي مشاها الفهد حين كان حيّاً. وزادت دهشتي حين علمت أن الجلد لجرو فهد مات بين أيدي أبناء أحد الأثرياء. وكان من حظ صديقي أن كلفوه بالتخلص من الحيوان النافق، وهم لا يدرون أنه منحوه ما يضعه في مصاف كبار القوم الذين ينتعلون جلود حيوانات نادرة.
ماذا ينقص هؤلاء الأثرياء ليقضي بَطرُهُم بالتعدّي على صغار الحيوانات المتوحشة، ولا يهمهم إن وصل سعر الجرو الواحد إلى 15 ألف دولار أو أكثر؟ ألم يكفهم هذا الكم الهائل من الحيوانات الأليفة وشبه الأليفة حتى تدخل صغار الفهود ضمن مقتنياتهم التي يتباهون بها، ويأخذون الصور إلى جانبها؟
300 جرو تُهرّب سنوياً عبر أرض الصومال، ما جعل مهتمين بالتنوّع الإحيائي يقاومون هذه الهجمة، ونجحوا في استعادة عدد منها عبر مبادرات. وتكشف أرقام أن 100 ألف فهد كانت في أنحاء العالم قبل مائة عام، ولم يبقّ منها الآن إلا 7 آلاف. وأشارت دراسة نُشرت أخيراً إلى أن أكثر من 3600 فهد بيعت في شكل غير قانوني خلال العقد الذي انتهى في ديسمبر/ كانون الأول 2019. أما مديرة صندوق الحفاظ على الفهود لوري ماركر فتقول: "إذا استمرت الأمور على هذا النحو، ستتسبب هذه المتاجرة في انقراض الفهود في وقت قصير". 
وإلى الاتجار، يعزو خبراء خطر الانقراض إلى تدمير البشر وأطماعهم التي لا تنتهي بموائل الحيوانات، علماً أن الفهود تفضّل العيش في مساحات من الأراضي العشبية والسافانا والغابات والتضاريس الجبلية، والتي توجد في أفريقيا وآسيا. أما اليوم فتعيش 10 في المائة فقط من الأماكن التي كانت فيها على مرّ التاريخ، وبينها في شمال أفريقيا وكينيا وتنزانيا في شرق أفريقيا، وناميبيا وبوتسوانا في جنوب أفريقيا. 
وحتى وقت قريب كانت الفهود في منطقة الساحل التي تقع بين الصحراء الكبرى والسافانا السودانية. وتميل أنثى الفهد عادة إلى العيش بمفردها أو مع صغارها، بينما يعيش الذكر في مجموعات أسرية صغيرة لحماية الموقع. ولا تتواصل الإناث مع الذكور إلّا عند التزاوج، وتتولى تربية الصغار بمفردها، حتى سن الستة أشهر، ثم تبدأ بتعليمها الصيد وطرق تجنب الحيوانات المفترسة، مثل الأسود والضباع والنسور، وكذلك البشر. لكن الصيادين ظلوا ينتزعون صغار الفهود من أحضان الأمهات قبل أن يبلغوا ستة أشهر.

موقف
التحديثات الحية

تحب الفهود تناول الأرانب والطيور والخنازير، لكن أهمّ الفرائس التي تطاردها هي الظبية المتوسطة الحجم والغزلان مثل نوع طومسون. وفي مناطق السهول في أفريقيا يتكوَّن معظم غذاء الفهد من هذه الكائنات، حيث تفضل اللحوم الطازجة، ويندر أن تتناول بقايا الحيوانات الميتة التي لم تصطدها بنفسها. ورغم أنها لا تأكل النباتات والخضراوات، لكنها تمضغ العشب حين تعاني من مشاكل في المعدة. وتتراوح كمية اللحوم التي يتناولها الفهد البالغ يومياً بين 2.8 كيلوغرام و10 كيلوغرامات.
ألا.. رفقاً بالبيئة وبصغار الفهود يا هؤلاء!
(متخصص في شؤون البيئة)

المساهمون