دراسة توصي بزراعة نبات القرم لحماية سواحل دول الخليج من التآكل

دراسة تتوصي بزراعة نبات القرم وبناء المصدات لحماية سواحل دول الخليج من التآكل

30 يونيو 2021
استمرار تآكل الشواطئ سيؤدي إلى انخفاض عدد السياح (Getty)
+ الخط -

أوصت دراسة أجراها عدد من الباحثين الدوليين، ومن ضمنهم رئيس الفريق العلمي والبحثي بوزارة البلدية والبيئة القطرية محمد سيف الكواري، والتي قدّمت في منتدى تحالف منظمات المجتمع المدني لدعم "مبادرة الشرق الأوسط الأخضر"، الأحد الماضي، بسرعة وضع الحلول لتآكل الشواطئ في منطقة الخليج والبلدان العربية. 

وحذرت الورقة، التي حصل "العربي الجديد" على نسخة منها، من تأثير ذلك على مناخ الاستثمار والاقتصاد في هذه الدول، حيث إنّ استمرار تآكل الشواطئ سيؤدي إلى انخفاض عدد السياح الذين يقصدون المدن أو المنتجعات الساحلية للاستجمام، كما أنّ ذلك يمثل خطراً مُحدقاً بالحياة البحرية والنظام البيئي مع اختلال الخط الفاصل بين الشاطئ والمياه، وتفقد قيمتها كموائل طبيعية لتعشيش السلاحف والطيور وتهدِّد حياة الكائنات الحية.

ولفت الكواري، في الدراسة، إلى أنّ بعض السواحل والشواطئ في دول مجلس التعاون الخليجي "سوف تتأثر بارتفاع مستويات البحار، وبالتالي يجب الاستعداد من الآن لاتخاذ كافة الإجراءات والحلول النموذجية المستدامة التي تحمي وتعزز البيئة الخليجية، وتحدّ من الظواهر السلبية لتآكل السواحل والشواطئ".

الكواري: يجب الاستعداد من الآن لاتخاذ كافة الإجراءات والحلول النموذجية المستدامة التي تحمي وتعزز البيئة الخليجية

واقترح عدداً من الحلول لهذه الظاهرة، كبناء حواجز ومصدات لحماية الشواطئ وإرساء الشعاب المرجانية الاصطناعية التي تحمي السواحل القريبة من قوى تآكل البحر، وبالتالي تحمي المساكن الساحلية والأراضي الزراعية والشواطئ، لافتاً في هذا الصدد إلى أنّ أكثر من 150 ألف كيلومتر من الخط الساحلي في بلدان وأقاليم عديدة تتلقى بعض الحماية من الشعاب المرجانية الاصطناعية.

كا دعت الدراسة إلى زراعة النباتات المحلية المانجروف "القرم"، لقدرتها على تحمل ملوحة البحر واحتوائها على جذور سائدة تسمى الجذور التنفسية تعمل على تقليل تيارات المد والجزر وتسبب ترسباً هائلاً في الطين.

ونبات القرم مكون بيئي رئيسي في المحافظة على رطوبة ودورة المياه في التربة، ويلعب دوراً هاماً في منع ظاهرتي الانجراف والتعرية للتربة الساحلية، إذ يقوم بتكوين التربة الطينية عن طريق تجميع الرواسب العضوية حول الجذور الدعامية والهوائية التنفسية في المواقع الساحلية .

كما تعتبر زراعة القرم من أهم النظم البيئية في تخليص الجو من الغبار والمعلقات الضارة في الهواء، وتقوم بالمحافظة على درجة الحرارة المناسبة للمناطق الساحلية التي توجد فيها، وخاصة في تقليص الفوارق الحرارية بين النهار والليل.

وأشارت الدراسة إلى عدد من الأبحاث والدراسات الدولية التي نشرت سابقاً، ومنها دراسة صدرت في العام الماضي بعنوان "شواطئ رملية مهددة بالتعرية"، أظهرت أنّ عمليات النحت والتآكل ستدمر 36097 كيلومتراً (13.6%) من السواحل الرملية حول العالم خلال 30 عاماً، ويُتوقع أن يزداد الوضع سوءًا في النصف الثاني من القرن الحالي، ما قد يتسبب في تآكل 95061 كيلومتراً، بما يعادل (25.7%) من شواطئ العالم.

وفي معرض ردّه على سؤال لـ"العربي الجديد" حول دقّة التقديرات التي تحدثت عن أنّ مدناً ساحلية عديدة حول العالم مهددة بالغرق خلال العقود المقبلة بسبب الانحباس الحراري، قال الكواري إنّ الدراسة "لم تتحدث عن غرق الجزر أو المدن الساحلية، وهي جزء من بحث علمي حول تأثر السواحل والشواطئ بالتغيرات المناخية، ومنها ارتفاع منسوب سطح البحر، والحديث الآن عن التعرية والتآكل، ويمكن اعتبار ذلك من المراحل الأولية لإمكانية غرق بعض المدن الساحلية، لكن بالضرورة أن هناك بلداناً ستتخذ احتياطات وحلولاً مستدامة، ربما تحد من حالة الغرق، التي تحدثت عنها بعض المراكز البحثية وبعض الأوساط العلمية".

يذكر أن تآكل الشواطئ يعّرَف "بالإزالة الفعلية لرمال الشواطئ إلى المياه العميقة في البحر، بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر بفعل التغيّرات المناخية"، إضافة لبعض الممارسات البشرية، كالتوسع العمراني على الشواطئ، الذي يُؤدِّي إلى مَنْع إمداد الشواطئ بالأتربة من اليابسة، وإقامة المشاريع التنموية والخدمية بالقرب من منطقة المد والجزر، والذي بدوره يؤدي لضعف تماسك التربة على الشاطئ، وبالتالي يُسهِّل عملية تآكلها، وكذلك إنشاء الكواسر والموانئ وما يُسببه من تغيير في حركة واتجاه الأمواج والتيارات، والتي بدورها تسبِّب تغييراً في شكل وطبيعة الشاطئ.

المساهمون