النظام السوري يستغلّ الراغبين في الحج عبر فرض تكاليف باهظة

النظام السوري يستغلّ الراغبين في الحج عبر فرض تكاليف باهظة

18 ابريل 2024
حاج في بلدة سرمدا بمحافظة إدلب قبل مغادرته لأداء الحج، 11 يونيو 2023 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- سوريون يشتكون من استغلال النظام السوري في تكاليف الحج الباهظة والشروط المجحفة، مع تحديد 17500 حاج من 50000 متقدم بناءً على الأعمار وتفضيل المسنين.
- التكلفة الرسمية للحج تتراوح بين 5880 و13800 دولار، مع فارق كبير بين التكلفة الفعلية والرسمية يصل إلى 6 ملايين و200 ألف ليرة سورية، ما يعكس استغلال مالي.
- إدارة ملف الحج أصبحت مناصفة بين النظام والائتلاف المعارض، مع تخصيص 22500 حاج لسورية. الهيئة السورية للحج والعمرة توفر تسهيلات وتكاليف أقل في مناطق المعارضة، بتكلفة تصل إلى 4600 دولار.

اشتكى سوريون تقدّموا بطلباتهم لأداء فريضة الحجّ من استغلال النظام السوري لهم، وسط اضطرارهم لدفع تكاليف باهظة وشروط مجحفة بحسب ما أفادوا "العربي الجديد"، مؤكدين أن إدارة الملف في السنوات السابقة كانت أفضل من الفترة الحالية.

وكانت وزارة الأوقاف في حكومة النظام السوري، قد أعلنت الثلاثاء، أنه تمت الموافقة على أداء 17500 شخص للركن الخامس من أركان الإسلام من بين خمسين ألفاً من المتقدمين، موضحة أن القبول جرى وفق مفاضلة الأعمار، حيث تم تفضيل المسنين من مواليد 1955، 1956، 1957 فما دون مع مرافقيهم المسجلين بغض النظر عن تاريخ ميلاد المرافقين.

وقال المواطن السوري محمد العسيري في حديث لـ"العربي الجديد" إن التكلفة الرسمية للحج تراوحت بين 85 و200 مليون ليرة (5880 - 13800 دولار) حسب أسعار السوق حاليا، وهي تدفع بالعملة الصعبة وفق سعر صرف المركزي، مبيناً أن التكلفة تشمل طبيعة درجة الحجز في الطيران ومستوى النزل أو الفندق في السعودية.

فيما أوضح سمير عربجي المقيم في دمشق لـ"العربي الجديد"، أنه "لا يمكن وصف ما يتعرض له الراغبون في أداء الحج من طرف النظام السوري إلا بعملية سرقة، وذلك عبر إرغامهم على شراء الدولار من السوق السوداء بسعر واحتسابه في المركزي بسعر أدنى لدفع تكاليف الفريضة، عدا عن الإلزام بتسديد الفواتير والذمم المالية المترتبة عن الخدمات الحكومية أيضاً بالعملة الصعبة".

وأكد عربجي أن أدنى تكلفة للحج بالدولار تقدر بـ 85 مليون ليرة سورية أي ما يعادل 8600 دولار وفق نشرة أسعار الصرف الرسمية في البنوك السورية، فيما هي فعليا وحسب سعر الصرف في السوق السوداء تجاوزت 14500 دولار، ما يعني أن هناك نحو 6 ملايين و200 ألف ليرة سورية تسرق من جيب المواطن الراغب بالحج في مناطق النظام السوري.

ويقارن عربجي بين تكلفة الحج في مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة المعارضة، ويشير إلى أن صهره في ريف حلب الشمالي التابع لسيطرة المعارضة والذي رغب بأعلى خدمات الحج لم يكلفه ذلك أكثر من 5200 دولار. ويضيف ساخراً: "نذهب لنؤدي فريضة محللة شرعا فتجرنا الحكومة للمشاركة بفعل محرم يندرج تحت حكم ربا النسيئة وهو التلاعب المؤجل بأسعار الصرف لعملة ما دون أن نشعر". 

مخاوف أمنية  

وقال عبد الجيل أبو أحمد المنحدر من حمص لـ"العربي الجديد"، الذي تحفظ على ذكر اسمه بالكامل، مبرراً ذلك أنه لا يريد زيارة فرع فلسطين بدمشق مرة أخرى، إن ملف الحج في مناطق النظام يخضع لعدة عراقيل على رأسها المساءلات الأمنية في كثير من الأحيان خاصة وأنه حاول قبل أعوام الحج عن طريق لبنان، مشيراً إلى أن لجنة الحج في لبنان طلبت منه موافقة أمنية من سورية حتى يتم قبوله، وعندما سعى للحصول عليها، حاول الأمن السياسي، المسؤول عن هذه الموافقات ابتزازه بالمال، وحين رفض تم استدعاؤه لفرع فلسطين ولم يخرج منه إلا بعدما دفع المقابل المادي صاغراً، ليستطيع النجاة بحياته".

يُذكر أن إدارة ملف الحج صارت مناصفة بين النظام السوري والائتلاف المعارض كل في مناطق سيطرته بعد إعادة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية، بعدما كانت لجنة الحج العليا التابعة للمعارضة السورية تديره خلال الأعوام الاثني عشر الماضية.

شروط الحج وتكلفته

من جهته، قال المتحدث باسم الهيئة السورية للحج والعمرة في مناطق المعارضة، هشام الخطيب لـ"العربي الجديد": إنه بتاريخ الثاني من إبريل/ نيسان وقّعت الهيئة ووزارة الحج السعودية على تفويض لإدارة ملف الحجاج في شمال سورية وذلك عبر مكتبي باب الهوى وباب السلامة، وفي تركيا عبر مكاتب إسطنبول غازي عنتاب والريحانية، بالإضافة إلى عدد رمزي من أربيل وقطر.

وبيّن الخطيب أن حصة سورية تبلغ 22500 حاجّ، وهذا العدد كانت تديره الهيئة السورية للحج والعمرة كاملا في السابق، وبسبب بعض التغيرات تم تخفيضه إلى 5216 حاجا، وهي إدارة منفصلة ومعزولة بشكل كامل في جميع المراحل بدءا بالتسجيل والتحضير للسفر مرورا بالإقامة في فنادق مكة والمدينة وانتهاء بالمناسك.

وأوضح الخطيب بالنسبة للتسجيل: "نستقبل طلبات الراغبين بالحج بنظام الطلب العائلي الذي يحتوي على أربعة أشخاص من قرابة الدرجة الأولى، ويتم التسجيل بشكل مباشر باسم الأكبر سنا". أما قبول الأعمار فيكون بنظام الفئات، الفئة الأولى من مواليد 31-12-1960 فما دون، أي 64 سنة فأكثر، وكل صاحب طلب تنطبق عليه هذه الشروط يقبل هو ومن معه في الطلب العائلي والحد الأدنى للعمر 18 عاما".

أما بخصوص الأوراق المطلوبة، فهي "جواز سفر سوري صالح لغاية 12-12 2024 وأكثر، وصور شخصية وإثبات صلة قرابة بحال وجود محارم". ولفت الخطيب إلى نقطة هامة وهي أنه في حال وجود امرأة دون 45 عاما، فهي تحتاج إلى محرم، ومثال ذلك، امرأة مقبولة من مواليد 1958 وأرادت اصطحاب ابنتها بعمر 40 عاما، لا بد من وجود محرم لهذه البنت. وأيضا يطلب العقد بين الحاج والمجموعة، الحاج يتواصل مع إحدى مجموعات الحج السورية المعتمدة في شمال سورية وتركيا وأربيل وقطر ويوقع العقد ويجلب نسخة منه إلى المكتب ويقدم الأوراق المطلوبة كاملة ويدفع المبالغ المالية، وأيضا يقدم العقد بينه وبين رئيس المجموعة وتؤخذ له بصمة العين ويكون قد أتم الإجراءات ويحصل على إيصال بالمبالغ المدفوعة وينهي عملية التسجيل". وأشار إلى من ضمن الأوراق المطلوبة صورة الإقامة أو الكملك (خاص بتركيا وقطر وأربيل) أما قاطني الشمال السوري، فلا يحتاجون إليها.

وتختلف تكاليف الحج نتيجة اختلاف شركات الطيران والفنادق التي تتعاقد معها المكاتب في المدينة المنورة، ووفقاً للخطيب فإن كلفة الحج في شمال سورية وجنوب تركيا تصل إلى 4600 دولار، وفي إسطنبول وأربيل 4800 دولار، وفي قطر 5200 دولار، وسبب هذا الاختلاف هو سعر تذكرة الطيران بين مكتب وآخر وأيضا الناقل الجوي وشركة الطيران لها تأثير في مستوى هذا التغيير واختلاف مستويات فنادق المدينة المنورة للحجاج.

يشار إلى أن اللجنة السورية للحج أسست في مايو/ أيار من عام 2013، وتولت إدارة ملف الحجاج في سورية حتى موسم عام 2023، عبر مكاتبها في الشمال السوري وأربيل وتركيا وغيرها.

المساهمون