تونسيون يشكون النسيان بسبب كوفيد-19

تونسيون يشكون النسيان بسبب كوفيد-19

13 مارس 2023
أحد مرضى كورونا يتلقى العلاج في مستشفى تونسي (ياسين محجوب/ Getty)
+ الخط -
يعاني بعض المرضى من أعراض كوفيد طويل الأمد (ياسين محجوب/ Getty)
يعاني بعض المرضى من أعراض كوفيد طويل الأمد (ياسين محجوب/ Getty)

"لم أعد أتذكر أموراً من الماضي، وبتّ أنسى العديد من التفاصيل التي حدثت قبل أيام أو أشهر قليلة. أحياناً، أنسى أسماء الأشخاص وبعض الأحداث، وما أريد فعله أو ما فعلته في يومي"، تقول عربية (38 سنة) لـ "العربي الجديد". تضيف أن معاناتها من النسيان تلت إصابتها بفيروس كورونا. كانت تعرف أن النسيان هو أحد أعراضه، لكنها لم تتوقع أن تستمر المشكلة حتى بعد مرور سنتين على شفائها. 
هذه المشكلة دفعت عربية إلى قراءة العديد من المقالات العلمية حول مشكلة النسيان لدى بعض الأشخاص الذين أصيبوا بفيروس كورونا حتى بعد شفائهم تماماً. كما قرأت عن معاناة العديد من المرضى الذين كانوا قد أصيبوا بفيروس كورونا، من النسيان، والتي استمرت حتى بعد شفائهم من الفيروس. وتقول إن طبيبها أبلغها أن النسيان من بين أعراض فيروس كورونا، وقد عانى العديد من الذين أصيبوا بالفيروس منه. واستمرت مشكلة النسيان لدى البعض حتى بعد مرور وقت على شفائهم من الفيروس. تضيف أن "حالة النسيان تلك تختلف من شخص إلى آخر. كما أن مدة استمرارها تختلف أيضاً من شخص إلى آخر، وقد تستمر لبضعة أيام لدى البعض، وعدة أشهر أو سنوات لدى آخرين". 
وتشير أبحاث ودراسات إلى أن النسيان من بين أبرز الأعراض التي تصيب مرضى كورونا، وهو من أعراض كوفيد طويل الأمد. وبحسب دراسة أجرتها جامعة "أكسفورد" البريطانية، فإن المتعافين من كورونا، والذين ظهرت عليهم أعراض خفيفة، ولا يعانون من أي أعراض تقليدية أخرى طويلة الأمد، يمكن أن يظلوا عرضة لتدهور الانتباه والذاكرة لفترة ستة إلى تسعة أشهر بعد الإصابة. والمشاكل الذهنية التي تؤثر على مستويات التركيز، بالإضافة إلى النسيان والإعياء، هي من الأعراض طويلة الأمد. 
ويقول رئيس قسم طب الشغل بمستشفى شارل نيكول وعضو اللجنة العلمية لمجابهة فيروس كورونا، نزار العذاري: "ثبتت معاناة العديد من المتعافين من فيروس كورونا من مشكلة النسيان، وقد تستمر لدى العديد من الأشخاص. لكن الأمر ليس خطيراً ويمكن التعافي منه عبر المراجعة المستمرة للطبيب واتباع النصائح. الأمر مختلف تماماً عن مرض ألزهايمر. لكن على المريض اللجوء إلى المتخصصين للعلاج وعدم التهاون بالأمر".  

من جهته، يقول عادل العامري (41 عاماً) الذي أصيب بفيروس كورونا مرتين، إنه يعاني من مشاكل في الذاكرة، علماً أنه لم يكن يعاني منها قبل إصابته بالفيروس. يضيف أنه "أصيب بفيروس كورونا مرتين، وقد عانى من أعراض عدة من بينها الإعياء وضيق التنفس والنسيان بالإضافة إلى ارتفاع كبير في درجة حرارة جسمه. وعلى الرغم من تعافيه، ما زال يشكو حتى اليوم من الإعياء المستمر والنسيان. ينسى العديد من الأمور التي كان يتوجب عليه فعلها. كما ينسى بعض الأشياء التي كان يجب أن يأخذها معه إلى البيت، بالإضافة إلى المواعيد. وبات يستعين بتطبيقات على الهاتف لتذكيره ببعض الأمور والمواعيد".


يعمل عادل في مجال تصليح الساعات القديمة، ولم يؤثر النسيان على إتقانه لعمله، لكنّه أثر على مواعيده مع الناس وتنظيمه لعمله وحياته الخاصة. ويشير عادل إلى أنه "توقع في البداية أن الأمر سيتواصل بضعة أشهر فقط. لكن على الرغم من مرور عام ونصف العام على إصابته الثانية بالفيروس، ما زال يعاني من النسيان". ويقول إنّه "يتابع العلاج باستمرار مع طبيبه المباشر، ولا يعرف مدة العلاج. حتى الأطباء لا يعلمون أية تفاصيل نظراً لغياب الدراسات المتعلقة بكوفيد طويل الأمد. لكن استمرار تلك الأعراض بات يشعره بالقلق على صحته، وما إذا كانت سترافقه طوال حياته أم لا".
وتنطوي متلازمة ما بعد كوفيد على أعراض مستجدة أو متكررة أو مستمرة تظهر لدى الأشخاص بعد مرور أكثر من أربعة أسابيع على الإصابة بكوفيد-19. وتستمر هذه المتلازمة لدى بعض الأشخاص لأشهر عدة أو سنوات وقد تُسبّب الإعاقة.

وتشمل الأعراض الأكثر شيوعاً التعب، ضيق التنفس أو صعوبة في التنفس، مشاكل الذاكرة أو التركيز أو النوم، السعال المستمر، ألم في الصدر، متاعب في الكلام، آلام في العضلات، فقدان حاسة الشم أو حاسة الذوق، الاكتئاب أو القلق، والحمى. وقد يواجه هؤلاء الأشخاص صعوبة في أداء وظائفهم اليومية. وقد تؤثر حالتهم على قدرتهم على القيام بأنشطة يومية مثل العمل أو الشؤون المنزلية.
ويقدّر "معهد المقاييس الصحية والتقييم"، ومقره الولايات المتحدة، أن نحو 145 مليون شخص حول العالم عانوا من أحد أعراض كوفيد الطويل الأمد على الأقل عامي 2020 و2021.

المساهمون