تهريب الطعام وسيلة الصائمين للإفطار في مخيم الركبان السوري

تهريب الطعام وسيلة الصائمين للإفطار في مخيم الركبان السوري

17 مارس 2024
معاناة مخيم الركبان لا تنتهي (تويتر)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في مخيم الركبان على الحدود السورية الأردنية، يواجه النازحون الصائمون ظروفًا قاسية خلال رمضان، مع صعوبات في تأمين الطعام بسبب الحصار وارتفاع أسعار السلع الأساسية، مما يفتقر السكان للمأكولات والعصائر الرمضانية التقليدية.
- تضاعفت أسعار الخضراوات والفواكه بشكل كبير بسبب الحصار، مع تواجه العائلات صعوبات في توفير اللحوم والحلويات، مما يجعل الحياة اليومية شاقة ومحرومة من مظاهر رمضان التقليدية.
- سكان المخيم يشعرون بالحنين للحياة الطبيعية ويناشدون المجتمع الدولي لتقديم المساعدات وفك الحصار، مع تراجع عدد السكان من أكثر من 100 ألف قبل 2019 إلى 10-12 ألف نسمة حاليًا، مما يعكس الوضع الإنساني المتردي.

يفتقد النازحون الصائمون في مخيم الركبان، الواقع على الحدود السورية الأردنية، أبرز مقومات الحياة، حيث تستمر معاناتهم تحت الحصار الذي يطبقه النظام السوري عليهم منذ سنوات.

ومع بدء شهر رمضان، تزداد الظروف المعيشية تردياً، لتحرم سكان المخيم من تسوّق طعام إفطارهم وسحورهم، نتيجة ارتفاع أسعار السلع التي غالباً ما تدخل بطريقة التهريب.

بشار العدوي، أحد سكان المخيم، قال لـ"العربي الجديد"؛ إن مسألة تأمين الطعام باتت خلال الشهر من المسائل الصعبة، نتيجة غلاء السلع وضيق الحال المعيشي لقاطني المخيم.

فيما تفتقد سناء السعيد العصائر الرمضانية كالتمر الهندي والعرق سوس وقمر الدين، التي لا تزال غائبة عن سوق رمضان في المخيم لهذا العام، وبعض المأكولات مثل كعك المعروك والتماري، كما تفتقد (صوت المسحراتي) الذي كان كل عام يوقظ أهل المخيم على صوت قرع (التنكة) التي كان يحملها ويضرب عليها لينبههم إلى ساعة السحور.

أسعار مضاعفة في مخيم الركبان

وحول أسعار الخضراوات الأساسية، يوضح عمار أبو خالد، أن أسعارها تضاعفت مع بداية الشهر الكريم، حيث إن حواجز قوات النظام السوري التي تسمح بتهريب الخضار إلى داخل المخيم بعد "قبض إتاوات من سيارات الخضار" أطبقت حصاراً منعت خلاله عبور الخضراوات والفواكه قبل أسبوع من رمضان، لتفسح المجال مع بداية الشهر لمهربي الخضار بإدخالها للمخيم بأسعار مرتفعة، حيث يتعدى كيلو البصل والبطاطا والبندورة 10 آلاف ليرة سورية، فيما وصل كيلو الخيار والفليفلة الحلوة عتبة 17 ألف ليرة.

ويقول أبو خالد لـ"العربي الجديد"، إن الطحين قد توفر بعد دعمه ورفع سعر الربطة إلى 1500 ليرة سورية، بعدما كانوا في وقت سابق يواجهون صعوبات في توفير مادة الخبز.

وأكد أبو خالد؛ أن الفرّوج المشوي عاد إلى سوق المخيم بعد جفاء طويل، ولكن بسعر لا يخول إلا من لديه مغتربون لشرائه، حيث بلغ سعر الفروج المشوي مع مقبلاته نحو 150 ألف ليرة سورية. (افتتح محل واحد في المخيم مع بداية الشهر الفضيل، لكن المرور من جانبه عقوبة قاسية لرب الأسرة وأطفاله)، كما أكد.

أما الفروج المذبوح النيئ فقد وصل سعر الكيلوغرام منه إلى حدود 60 ألف ليرة سورية. واللحم الأحمر، ذلك الضيف الذي أصبح ثقيل الظل على موائد السوريين داخل وخارج المخيم، فيشير إلى أن سعر الكيلو منه والذي يقتصر على لحم العجل تجاوز حاجز 150 ألف ليرة، فيما لا يتوفر لحم الضأن في المخيم -بحسب أبو خالد.

وأضاف أبو خالد؛ أن معظم عائلات المخيم حرمت هذا العام مأكولات (بياض رمضان) التي يبدأ الشهر بها عادة، كالكوسا المحشي باللبنية، والشاكرية وغيرها، نتيجة غلاء أسعار مكوناتها.

كما يشير إلى أن الحلويات أيضاً هذا العام توفرت بتوفر الطحين، كما أن بعض الأنواع تدخل المخيم بطرق غير شرعية كالكنافة والهريسة بسعر 40 ألف للصحن الذي يزن حوالي نصف الكيلو.
ويذهب غالبية القاطنين في المخيم إلى أن حياتهم اليومية باتت لا تشبه الحياة في شيء سوى الروتين اليومي القاتل "هنا تفكر فقط في الماء والطعام، لا شيء يمكن أن يعوّض دفء البيت والحارات والعادات التي نسيناها رغماً عنا". كما قال أحد السكان، مشيراً إلى أن قدوم شهر رمضان كل سنة يفتح عليهم الذكريات الجميلة، ويحاولون نقلها لأبنائهم بأي شكل من الأشكال دون أن ينجحوا في ذلك، فحياة النازح تبقى معلقة بالماضي، وحاضره معلقا بخيمة وطرق موحلة، وعذابات مجانية.
ويناشد قاطنو المخيم المنظمات الأممية والمجتمع الدولي لتقديم المساعدات لسكان المخيم الذين فرض عليهم النظام حصاراً شديداً منذ عام 2019 وصل إلى منع دخول الماء إلى المخيم، متذرعاً بأن المخيم كان يسيطر عليه تنظيم داعش الإرهابي وانطلق منه لتنفيذ هجمات على محافظة السويداء في تموز 2018 الأمر الذي تنفيه غالبية عظمى من سكان المخيم.

وفي الوقت ذاته يغلق الجانب الأردني الحدود أمام قاطني المخيم، الأمر الذي دفع عشرات الآلاف من سكانه للعودة إلى مناطق سيطرة النظام، رغم الخطر الذي يهددهم إبان العودة.

الجدير بالذكر، أن أعداد سكان المخيم حاليا تتراوح بين 10 و12 ألف نسمة، فيما كان عددهم قبل عام 2019 يفوق 100 ألف نازح.

المساهمون