تراجع كبير لدور المرأة التونسية بسبب الانتهاكات والمحاكمات

تقرير يرصد تراجع دور المرأة التونسية بسبب الانتهاكات والمحاكمات

06 مارس 2024
خلال عرض تقرير مشاركة النساء وانخراطهن في الشأن العام (العربي الجديد)
+ الخط -

كشفت جمعية "تقاطع" للحقوق والحريات في تونس، عن تعرّض ناشطات ومحاميات وسياسيات وإعلاميات إلى عدة انتهاكات ومحاكمات غير عادلة، ارتفعت وتيرتها منذ عام 2021.

وأكدت في تقرير نشرته اليوم الأربعاء، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، الموافق لـ8 مارس/آذار من كل عام بعنوان : "مشاركة النساء وانخراطهن في الشأن العام"، عن حجم العنف الذي تتعرض له النساء وتراجع انخراطهن في الشأن العام.

وقالت الباحثة النسوية في جمعية "تقاطع"، جنين التليلي، إن "التقرير الذي تم عرضه بمناسبة اليوم العالمي للمرأة يرصد انتهاكات تعرضت لها ناشطات وسياسيات ومحاميات، وعمليات اقتياد للمراكز الأمنية، ومحاكمات من دون ضمانات قانونية، وتخويفا للنساء، إلى جانب هتك الأعراض والتشويه على شبكات التواصل الاجتماعي.

وأضافت، في تصريح لـ"العربي الجديد": "لقد تمّ العمل في هذا التقرير على عدة حالات لناشطات في المجتمع المدني وسياسيات ومحاميات، ولوحظ تراجع دورهن في الشأن العام، إلى جانب تراجع تمثيل المرأة في البرلمان وكذلك في المجالس البلدية، إذ بلغت النسبة 14 بالمائة منذ 25 يوليو/تموز 2021، بدلا من 36 بالمائة في الانتخابات التشريعية التي سبقتها".

وأشارت المتحدثة إلى أن "السلطة السياسية في تونس لا تتبنّى تعزيز دور النساء في الشأن العام". ولفتت إلى أن "القيادية في جبهة الخلاص الوطني، شيماء عيسى، أُحيلت إلى القضاء، وفق المرسوم 54 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، الذي أصدره الرئيس التونسي قيس سعيّد في سبتمبر/أيلول 2022، وتم توجيه عدة تهم لها كإتيان فعل موحش تجاه رئيس الجمهورية، وتعرضت لانتهاكات ومضايقات حتى داخل السجن، إلى جانب عدة تهديدات أخرى".

وأضافت "كما أن رئيسة الحزب الحر الدستوري، عبير موسي، تقبع في السجن أيضا، وقد تم منع أهلها وعائلتها من رؤيتها دون تفسير أو توضيح للأسباب"، مؤكدة أن "السياسية يمينة الزغلامي تعرضت إلى عنف لفظي ومعنوي إثر مشاركتها في أحد الاحتجاجات. ورغم تقدمها بشكاية في الغرض إلا أنه لم يتم إنصافها".

وأوضحت التليلي، أن "الانتهاكات طاولت إعلاميات مثل أروى بركات التي تعرضت للاعتداء بالعنف الشديد من قبل دورية أمنية، وتم اتهامها بأنها هي التي اعتدت على موظف أثناء القيام بمهامه. وأحيلت الإعلامية منية العرفاوي إلى القضاء بسبب مقال انتقدت فيه أداء وزير الشؤون الاجتماعية وحوكمت وفق المرسوم 54".

وتابعت المتحدثة أن "الإعلامية شذى بالحاج مبارك في السجن اليوم فيما يعرف بقضية شركة أنستالينغو، كما أن وضعها الصحي متدهور والوضعية في السجون التونسية عموما متدهورة".

ولفتت إلى أن "الناشطات في المجتمع المدني يتعرضن بدورهن إلى انتهاكات، مثل رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات سابقا، المحامية بشرى بالحاج حميدة، التي أحيلت في قضية التآمر إلى أمن الدولة، وهي حاليا في باريس ولا يمكنها العودة إلى تونس. وكذلك رئيسة جمعية تقاطع للحقوق والحريات، أسرار بن جويرة، التي تتم مقاضاتها بسبب حملها لافتة ناقدة لرئيس الجمهورية في إحدى الوقفات الاحتجاجية ضد قيس سعيد".

وبيّنت أن "عدة ناشطات يتعرضن لحملات تشويه، من ذلك الناشطة غفران بينوس التي انتقدت أحد خطابات قيس سعيد عن المهاجرين الأفارقة، وقد تعرّضت إلى حملات عنصرية وعبارات لا أخلاقية، وذلك لمجرد تعبيرها عن رأيها"، مؤكدة أن "عدة محاميات يحاكمن وفق المرسوم 54 لمجرد التصريح الإذاعي أو نقد الوضع، من ذلك عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين، المحامية دليلة مصدق، وعدة محاميات".

بدورها، قالت الناشطة في المجتمع المدني، المحامية سعيدة قراش، لـ"العربي الجديد": إن "المرأة كانت حاضرة في بناء الدولة التونسية عبر مختلف الفترات التاريخية، وكان الحضور نوعياً خاصة في الشأن العام"، مبينة أن "وجودهن يعتبر تحدّياً لأن الحضور في الفضاء العام يفرض ترتيب وضعهن في الفضاء الخاص، وبالتالي وجودهن يمثل خطوة ثانية للتحرر".

وأفادت أنه "خلال الثورة حصل نوع من التصالح مع فكرة المواطنة لتغيير الوضع والسياسات، وكانت المرأة صمّام الأمان، وبعد الثورة حصلت الطفرة الأولى لتعزيز تواجد النساء، وتم خوض المعركة بشراسة، وحصل تناصف في المجلس التأسيسي حينها وكذلك في الشأن المحلي".

وأشارت قراش إلى أن "التناصف كان شكلا من أشكال فرض النساء في الشأن العام وتحققت عدة مكاسب للمرأة". ولفتت إلى أن "احتكار الدولة للسلطة لا يجب أن يتحول إلى مصدر تضييق على الحريات وتعثر دور المرأة في الوصول إلى مواقع القرار وفي الشأن العام"، مبينة أننا "لم نشهد محاكمات مثل التي تحصل الآن وخاصة بسبب المرسوم 54، وهو ما يشكل منعرجا خطيرا، إذ أنه من المفروض أن القوانين تحمي الأفراد وليس العكس، أو أن يتم نسف المكتسبات، لأنه لا يمكن تصور تحقيق المساواة والمواطنة في غياب مجتمع ديمقراطي".

المساهمون