بولندا تفرض الطوارئ لتجنب "لسعات لوكاشينكو"

بولندا تفرض الطوارئ لتجنب "لسعات لوكاشينكو"

04 سبتمبر 2021
لاجئ أفغاني عالق على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا (ماجييك موسكوفا/ Getty)
+ الخط -

عززت الحكومة البولندية إجراءات حماية حدودها من تدفق اللاجئين عبر بيلاروسيا، نتيجة تقارير نشرتها صحف أوروبية، استناداً إلى معلومات وفّرتها مصادر استخبارات غربية، عن "إمعان الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في استخدام تدفق اللاجئين للانتقام من العقوبات الاقتصادية الأوروبية على بلاده". ويتزامن ذلك مع تزايد مخاوف الدول الأوروبية من مواجهة أزمة لاجئين أفغان على حدودها بعد المستجدات الأخيرة في البلد الآسيوي. ويخشى الاتحاد الأوروبي تحويل باكستان التي تستقبل ملايين الأفغان في الأساس، إلى بلد منشأ لهؤلاء اللاجئين على طريقة "النقل الجوي البيلاروسي"، وسط أجواء تحذّر أساساً من نشوء أزمة إنسانية تتعلق باللاجئين الآتين من أفغانستان ودول الجوار. كذلك يُخشى استغلال الحال الناشئة في أفغانستان في عمليات الاتجار غير الشرعي والتهريب، لخلق مأساة وتكدس حدودي في ظروف صعبة كما يحصل بين بولندا وبيلاروسيا اليوم. وصرّح رئيس الوزراء البولندي ماتيوس مورافيكي في مؤتمر صحافي عقده أخيراً، بأن "الوضع على الحدود مع بيلاروسيا متأزم ومتوتر، لذا أطالب الرئيس أندري دودا بإعلان حالة طوارئ لمدة شهر من أجل التعامل مع زيادة تدفق اللاجئين من بيلاروسيا، ونصفهم تقريباً من الأفغان". 
وكان سماح سلطة لوكاشينكو في مينسك بتوجه لاجئين آتين من العراق ومناطق أخرى مباشرة نحو حدود دول البلطيق وبولندا قد سبّب توتراً أمنياً وديبلوماسياً، وحتم في نهاية المطاف ممارسة الولايات المتحدة الأميركية ضغوطاً على بغداد لوقف رحلات الخطوط الجوية العراقية التي تنقل لاجئين إلى مينسك. 
وتوسّع الخلاف بين وارسو ومينسك بعدما لاحظ حرس الحدود والجيش البولنديان زيادة عدد عابري الغابات، بالتزامن مع عدم تراجع عمليات إرسال اللاجئين إلى حدود الاتحاد الأوروبي خلال الأسابيع الأخيرة، ما دفع بولندا إلى الإعلان في نهاية أغسطس/ آب المنصرم أنها ستبني سياجاً شائكاً يشكل حائط صدّ مماثل لآخر شيّدته ليتوانيا ولاتفيا في البلطيق.

وتعتقد بولندا أن نظام لوكاشينكو ينوي فتح خط هجرة ولجوء جديد عبر شركات طيران لنقل آلاف الأفغان الراغبين في التوجه نحو حدود أوروبا، علماً أن منطقتي بودلاسكي ولوبليسكي الحدوديتين مع بيلاروسيا تشهدان استنفاراً أمنياً وعسكرياً للتعامل مع احتمال محاولة حوالى خمسة آلاف لاجئ، بينهم مرضى ونساء، الهرب عبر الغابات، فيما تمنع السلطات البولندية مئات الأفغان من مغادرة المنطقة الحدودية بين الدولتين، وتقول إن "نظام لوكاشينكو قرر دفع هؤلاء الناس إلى الأراضي البولندية والليتوانية واللاتفية لمحاولة زعزعة استقرارها". 

"تجارة" اللجوء
وفي 24 أغسطس الماضي، أفاد موقع "بوليتيكو" الأميركي بأن "تقارير مختلفة رصدت منذ سيطرة حركة طالبان على أفغانستان منتصف الشهر نفسه، سعي لوكاشينكو إلى فتح خطوط جديدة انطلاقاً من باكستان، وأن استخدامه اللاجئين كسلاح لمواجهة الخناق الاقتصادي الأوروبي المفروض على نظامه حوّلهم إلى مسألة مربحة مالياً لمينسك". 

جدار شائك لمنع تدفق اللاجئين العراقيين والأفغان (دومينيكا زارسكيكا/ Getty)
جدار شائك لمنع تدفق اللاجئين العراقيين والأفغان (دومينيكا زارسكيكا/ Getty)

ورأى مصدر حكومي في لاتفيا أن مسألة السفر من دول بينها المغرب إلى بيلاروسيا بهدف الوصول إلى الاتحاد الأوروبي "باتت مسألة تجارية تراوح كلفتها بين 2000 يورو (2363 دولاراً أميركياً) و3000 يورو (3555 دولاراً)، وتشمل المبيت بواسطة وحدات عسكرية نظامية إلى الحدود". وخلال ذروة اللجوء إلى دول الاتحاد الأوروبي في عامَي 2014 و2015، لم يقتصر التدفق على السوريين الذين اضطروا إلى الهرب من الحرب المستعرة في بلدهم، إذ انضم إلى خط السير مهاجرون من جنسيات عدة، بينهم آسيويون تعجّ بهم مراكز رفض اللجوء، إلى جانب لوائح المنويّ ترحيلهم إلى دولهم.
ويقدّر وزير الدفاع اللاتفي أرتيس بابريكس، أنّ حوالى 10 آلاف شخص يتجمعون على حدود دول البلطيق وبولندا، "ما اضطرنا إلى إعلان حالة طوارئ لثلاثة أشهر من أجل مواجهة الأزمة". وكانت مفوضة شؤون الهجرة في الاتحاد الأوروبي إيلفا يوهانسون، قد نددت قبل أيام بتصرفات بيلاروسيا التي "تهدف إلى إغراق الاتحاد الأوروبي بالمهاجرين"، معتبرة أن ما يجري على الحدود "لا يتعلق بقضية هجرة، ولكنه جزء من عدوان لوكاشينكو على بولندا وليتوانيا ولاتفيا بهدف زعزعة الاستقرار الأوروبي". وتحدثت منظمات حقوقية بولندية عن الأوضاع الصعبة التي يعيشها اللاجئون "وسط غياب النظافة والطعام والماء الصالح للشرب، والدواء، باستثناء بعض الخبز الذي تمنحه لهم سلطات بيلاروسيا".

وكشفت شهادات أدلى بها لاجئون عالقون وقوع كُثر في فخ النصب من خلال إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي، وبينهم عراقيون. وتحدثت عن أن "حدود الاتحاد الأوروبي باتت مفتوحة". ووقع هؤلاء في فخاخ دفع آلاف اليوروهات لنيل تذكرة سفر إلى مينسك ووعود نيل سكن لائق لم يحصلوا عليه، قبل أن يجدوا أنفسهم في وضع مأسوي على حدود الدول. 
وخلال الأسابيع الماضية، أحصت وارسو اجتياز نحو ألف شخص الحدود إلى بيلاروسيا، فيما لا يزال نحو ألف آخرين في ظروف سيئة جداً، بحسب شهادات منظمة حقوق الإنسان البولندية، فونداسيا أوكاليني، التي اتهمت سلطات بلادها بانتهاك معاهدة جنيف الخاصة بحق الناس في طلب لجوء. وعلى الرغم من ذلك، أعلنت وارسو أنها "غير ملزمة بفتح حدودها أمام عالقين على الحدود مع بيلاروسيا"، لكنها أكدت ضرورة منح هؤلاء الطعام والماء والملبس والعلاج بسرعة.

المساهمون