أوروبا "تعاقب" اليونان بسبب اللاجئين

أوروبا "تعاقب" اليونان بسبب اللاجئين

03 سبتمبر 2021
اللاجئون تركوا مرات لمصيرهم (أريس ميسينيس/ فرانس برس)
+ الخط -

بعد أكثر من عام على نشر تقارير حقوقية عن ارتكاب قوات خفر السواحل اليوناني، بالتعاون مع الوكالة الأوروبية لحماية الحدود (فرونتكس)، تصرفات غير قانونية مع قوارب للاجئين في بحر إيجه، وتعريضهم هؤلاء اللاجئين لمخاطر الغرق، أوقف الاتحاد الأوروبي مساعداته المالية لأثينا، وأعلن فتح تحقيق في تصرفات "فرونتكس". وأكدت المفوضية الأوروبية، الأحد الماضي، أنها "لن تدفع أموالاً لتنفيذ عمليات وحشية مماثلة"، وطالبت بضرورة إيجاد أثينا آليات أخرى لتنفيذ مهمات مراقبة مستقلة تحترم حقوق الإنسان.
وكانت تقارير متعددة المصادر أفادت بأن "القوات اليونانية تعاملت بعدوانية غير مبررة مع قوارب مطاطية حملت نساء وأطفالا، عبر استخدام أدوات حادة لإغراقها مع الركاب، وإطلاق النار والتهديد بالسلاح في عمليات الصد والإرجاع، ما يمثل انتهاكاً جسيما لحقوق الإنسان". وأكدت التقارير أن عنف العمليات التي تنفذها القوات اليونانية التي تحرس الحدود الخارجية لأوروبا في سبيل صدّ اللاجئين، زاد بعد فبراير/شباط 2020، وأن هذه العمليات خضعت لتغطية أمنية من "فرونتكس" وسياسية من أعضاء في الاتحاد الأوروبي، ما دفع المفوضة الأوروبية لشؤون الهجرة والداخلية، الفنلندية إيلفا يوهانسون، إلى التصريح بأنه "يجب معاقبة اليونان على تصرفاتها". وأبلغت يوهانسون، صحيفة "دير شبيغل" الألمانية، أن "طلب اليونان الحصول على مزيد من الأموال الأوروبية لحراسة بحر إيجه رُفض". أضافت: "قلنا لهم أن لا أموال، وأن إعادة التمويل ترتبط بإيجاد آليات أخرى تحظى فيها الحقوق الأساسية بوسائل مراقبة واضحة. ونحن نتوقع حدوث تقدم في هذا الاتجاه".

وكانت اليونان طالبت أخيراً بنحو 15.8 مليون يورو "لمواجهة تزايد محاولات لاجئين الهرب عبر بحر إيجه"، فيما اشتكى وزيرها للتجارة البحرية يوانيس بلاكيوتاكيس، المسؤول عن خفر السواحل، من معاناة البلاد من أزمات اقتصادية عمّقها تفشي وباء كورونا، وتكدّس معسكرات طالبي اللجوء سنوات في أراضيها.

التمويل الأوروبي
ودفع الاتحاد الأوروبي منذ بدء تمويله قوات خفر السواحل اليوناني عام 2015، إثر اجتياز أكثر من مليون لاجئ ومهاجر حدود القارة عبر اليونان وإيطاليا، نحو 643 مليون يورو، إلى جانب أموال أخرى على شكل دفعات بقيمة 15 مليون يورو، من أجل تغطية تكاليف الحراسة الطارئة في أوقات شهدت كثافة في محاولة الوصول إلى جزر وبرّ اليونان، تمهيداً للعبور إلى أوروبا.
وترافق ذلك مع تدهور أوضاع آلاف اللاجئين على الجزر اليونانية، وصولاً إلى حدّ الشكوى من "معسكرات غير إنسانية"، كما الحال في معسكر موريا الذي شهد حرائق افتعلها لاجئون مراهقون غاضبون.

حملة لتطعيم اللاجئين في اليونان (مانوليس لاغوتاريس/ فرانس برس)
حملة لتطعيم اللاجئين في اليونان (مانوليس لاغوتاريس/ فرانس برس)

واعتبر بعض البرلمانيين الأوروبيين، تجميد تمويل خفر السواحل اليوناني "رسالة واضحة لرفض أوروبا انتهاك حقوق الإنسان في اليونان، وربما إشارة إلى أن دولاً أخرى تتعامل بقسوة مع طالبي اللجوء، كما يحصل في كرواتيا وإيطاليا، حيث تعيد الشرطة تحت الضرب المبرح لاجئين إلى البوسنة والهرسك، بهدف إبعادهم عن حدود الاتحاد الأوروبي".

تسريبات لفضائح "فرونتكس"
ولم يخفِ برلمانيون أيضاً قلقهم من تسرّب أفلام وصور تظهر وحشية تعامل "فرونتكس"، وفضائح لقواتها في البحر الأبيض المتوسط، وعلى الحدود البرية في وسط أوروبا، خصوصاً في عمليات صدّ اللاجئين في كرواتيا.
وأظهرت تسريبات نشرت على نطاق واسع تعمّد عناصر في البحرية اليونانية، تعريض قوارب مطاطية لموجات بقصد إغراقها، أو إطلاق رصاص حي عليها، ثم ثقب القوارب، قبل إلقاء طوافات إنقاذ برتقالية قابلة للنفخ الذاتي للاجئين، ومطالبتهم باستخدامها للرجوع إلى الشواطئ التركية.
وتشير تقارير رصدتها منظمات حقوقية تتعلق بسياسات الهجرة الأوروبية وأخرى لمنظمة العفو الدولية (أمنستي) إلى أن "الانتهاكات ضد الواصلين الذين نجوا من عمليات الصد العنيف تتعدى المياه إلى الجزر اليونانية مثل لسبوس وساموس، حيث يجبرون على ركوب قوارب، ويتركون لمواجهة مصيرهم في البحر بقصد إعادتهم إلى شواطئ تركيا، وسط الرعب من الأمواج العاتية، وعدم وجود محركات للتحكم بالمراكب".

تورط ألمان
إلى ذلك، كشفت تحقيقات أجرتها "شبيغل" الألمانية في خريف 2020 مشاركة الشرطة الألمانية المنضمة إلى عمليات "فرونتكس" في مساعدة خفر السواحل اليوناني، في تنفيذ تصرفات قاسية.
وأورد أحد التقارير أن "القوات الألمانية وغيرها من الأوروبيين المشاركين في "فرونتكس"، يمنعون وصول اللاجئين إلى البر الأوروبي، عبر توقيف القوارب والإيحاء لهم بأنهم يجرونهم إلى برّ الأمان، في حين يسلمونهم فعلياً إلى خفر السواحل اليوناني الذي يبدأ موجة صدّ عنيف ومرعب للاجئين بقصد دفعهم بعيداً بلا أي معونة نحو تركيا أو المياه الدولية. واعترف رئيس "فرونتكس" الفرنسي فابريس ليجيري بعمليات غير قانونية للوكالة.
ويعتبر برلمانيون أوروبيون أن "ما اتخذ في حق أثينا ليس سوى خطوة أولى في الاتجاه الصحيح"، في حين تواصل أثينا التحذير من أن منطقة شرق المتوسط تشهد مزيداً من عمليات تهريب البشر عبر قوارب صغيرة نحو الحدود الأوروبية.

المساهمون