بوادر حل جزئي لمعاناة الطلبة اللبنانيين في الخارج

بوادر حل جزئي لمعاناة الطلبة اللبنانيين في الخارج

20 أكتوبر 2020
قانون يسمح لطلاب لبنان بالخارج بتصريف 10 آلاف دولار بسعر الصرف الرسمي (Getty)
+ الخط -

دخلت قضية الطلاب اللبنانيين، الذين يتلقّون تعليمهم في الخارج، طريقها إلى الحلّ الجزئي، لا الشامل، مع توقيع الرئيس ميشال عون، الجمعة الماضي، القانون الرامي إلى إلزام المصارف العاملة في لبنان، بصرف مبلغ عشرة آلاف دولار أميركي وفق سعر الصرف الرسمي (1515 ليرة لبنانية)، عن العام الدراسي 2020 – 2021، للذين يدرسون في الخارج قبل العام المذكور، وهو ما يعرف بـ "الدولار الطالبي"، وذلك بعد إقراره في مجلس النواب، في 30 سبتمبر/أيلول الماضي.

ويعاني طلّاب لبنان في الخارج، وعددهم بالآلاف، منذ أشهر طويلة من حجز المصارف اللبنانية للعملة الخضراء، بحيث تعذّر على الأهالي إرسال الأموال إلى أولادهم بالدولار الأميركي، لتلبية حاجاتهم من أقساط جامعية أو مصروف يوميّ، قبل أن يتمكّنوا من القيام بهذا الإجراء من خلال سحب المبلغ اللازم بالليرة اللبنانية وتحويله إلى الدولار، عبر شرائه من السوق السوداء وفق سعر صرف يفوق الـ 8000 ليرة لبنانية.

واضطرّ عددٌ كبيرٌ من الطلاب إلى البحث عن وظائف بدوام ليلي لتأمين مصروفهم، أو الحصول على دين من بعض الأصدقاء والزملاء للصمود، قبل أن تزداد معاناتهم مع انتشار فيروس كورونا السريع، وإقفال دول العالم لمؤسساتها، الأمر الذي جعل هؤلاء الطلاب وحيدين في بلدٍ خارج وطنهم، ومن دون أي مال أو عمل أو طريقة للعيش، وبعضهم عاد إلى لبنان بمجرّد فتح مطار بيروت الدولي، فترك جامعته، وآخرون أتوا الى عائلاتهم للحصول على المال، بالعملة الوطنية، لشراء الدولار من السوق السوداء بأسعار خيالية، ومن ثم السفر لتكملة تعليمهم.

ونفذ الأهالي طوال الأشهر الماضية تحرّكات عدّة للمطالبة بإقرار الدولار الطالبي، وإنقاذ أولادهم الذين يعانون جداً بالعيش لوحدهم في الخارج، من دون أي معيل أو مساعد، وزاد على همّهم ومشاكلهم الوضع الداخلي اللبناني، وأزمة الدولار، التي حرمتهم ليس فقط من دفع القسط الجامعي بل أيضاً من الحصول على المصاريف اليومية، وبدلات الإيجار، وغيرها من الأموال التي يحتاجها المرء. 

وآخر هذه الاعتصامات كان اليوم الإثنين، على طريق القصر الجمهوري لمطالبة الرئيس عون بتوقيع القانون، قبل أن تصدر الرئاسة اللبنانية توضيحاً تؤكد فيه أن التوقيع حصل الجمعة الماضي.

وناشد الأهالي، رئيس الجمهورية، أن يشمل القانون الطلاب الذين تعثروا في دراساتهم نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي كانوا ولا يزالون يعانون منها، والذين تلقّوا تحذيرات كثيرة من جامعاتهم في الخارج لدفع الأقساط وإلاّ يتعرّضون للفصل.

وأقرّ البرلمان اللبناني، قانون الدولار الطالبي بمادة وحيدة معدلاً بشكل يتيح لمن ليس لديهم حسابات في المصارف الاستفادة منه، ويرمي القانون الذي تقدّمت به "كتلة الوفاء للمقاومة" (تمثل حزب الله في مجلس النواب)، قبل إضافة المادة الوحيدة عليه، الى التزام مصرف لبنان المركزي بصرف مبلغ عشرة آلاف دولار أميركي عن العام الدراسي 2020 – 2021 للطلاب الجامعيين الذين يتابعون دراستهم في الخارج، وذلك وفق سعر الصرف الرسمي.

ويقول أمين سرّ "الجمعية اللبنانية لأولياء الطلاب في الجامعات الأجنبية"، ربيع كنج، لـ"العربي الجديد" أنّ هذه الخطوة تعدّ بمثابة نقطة إيجابية مضيئة في عتمة كبيرة لا تزال تطغى على الملف، وذلك بعد تحرّكات لأكثر من 9 أشهر بهدف حلّ قضية الطلاب الذين يواجهون أسوأ الظروف في الخارج، والتي تحوّلت الى قضية رأي عام، نظراً لحجم المعاناة التي يعيشها هؤلاء، وإقامتهم التي باتت مهدّدة حيث يتلقون دروسهم.

ويضيف كنج، أنّ هذا القانون يذكر نقطة سلبية جداً، ويجب التوقف عندها، ألّا وهي أنّ الاستفادة منه تقتصر على سنة واحدة فقط، علماً أنّ مطلبنا الأساسي كان خلال كل المسيرات والتحرّكات التي نفذها الأهالي، يشمل كل السنوات التعليمية حتى التخرّج، بما يضمن استمرارية الطلاب والحؤول دون إهدار مجهودهم وتعبهم والأعوام الماضية التي أمضوها على مقاعد الدراسة، وهذا يعني أننا سنصبح أمام معركة جديدة تفتح كلّ عام.

ويوضح كنج أنّ عدد الطلاب اللبنانيين في الخارج كبير جداً، ويوجد في أوكرانيا وروسيا وبيلاروسيا وجورجيا نحو 5 آلاف طالب وطالبة، كما ينتشرون في رومانيا والتشيك وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا واليونان وقبرص وتركيا، مشيراً إلى أنّ أوضاع الطلاب تختلف طبعاً بحسب حالتهم الاجتماعية.

وكان رئيس الجالية اللبنانية في أوكرانيا، علي شريم، قال لـ "العربي الجديد"، إن عدد الطلاب الموزعين على المدن الأوكرانية يقدر بنحو ألفي طالب لبناني، هؤلاء كانوا يعيشون حياتهم بشكل عادي حتى نهاية عام 2019، وارتفاع حدة الأزمة الاقتصادية في لبنان خصوصاً النقدية، وبعدها أزمة كورونا التي فاقمت الوضع سوءاً.

المساهمون