الفلسطينيون في الضفة الغربية: لا أعياد وغزة تُباد

الفلسطينيون في الضفة الغربية: لا أعياد وغزة تُباد

08 ابريل 2024
عائدون من بين الركام إلى منازلهم المدمرة في خانيونس (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في ظل الأوضاع المؤلمة بغزة، قرر علي أبو رضوان وأهالي الضفة الغربية عدم إدخال الحلويات والاحتفال بالعيد، معتبرين ذلك غير مقبول أخلاقيًا بسبب معاناة أهل غزة.
- انتشرت دعوات في الضفة الغربية لإلغاء مظاهر الاحتفال بعيد الفطر، مع التركيز على الشعائر الدينية وصلة الرحم، تضامنًا مع معاناة أهل غزة، مدعومة بحملات على منصات التواصل وبيانات من مؤسسات مختلفة.
- مؤسسات وعشائر في الضفة الغربية أعلنت عن إلغاء الاحتفالات والزيارات العائلية في العيد، مؤكدين على الاقتصار على العبادات والدعاء لله، كتعبير عن التضامن مع أهل غزة ورفض الإسراف في هذه الظروف.

"لقد أقسمت بالله أن لا أُدخل أي نوع من الحلويات لبيتي في هذا العيد، ومن يزورنا سنقدم له فنجانا من القهوة المرة مع حبة تمر، فهذا ليس بخلا، بل أقل ما يمكن أن نقدمه لأهلنا المذبوحين في غزة"، كلمات عبر بها علي أبو رضوان من أحد مخيمات اللاجئين في نابلس شمال الضفة الغربية، عن استعدادات الأهالي لاستقبال العيد في ظل العدوان الإسرائيلي على غزة المستمر منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
يقول أبو رضوان لـ"العربي الجديد": "أي عيد هذا الذي نحتفل به وأبناء شعبنا يذبحون على الهواء مباشرة، في ظل تواطؤ دولي وعربي غير مسبوق. أي عيد وأكثر من خمسين ألف عائلة فقدت أبناءها شهداء بصواريخ الاحتلال، ونسبة كبيرة منهم ما تزال تحت الركام! ليتنا نستطيع أن نفعل أكثر من هذا. لكن لا بأس فالشعور معهم واجب علينا جميعا".
ويضيف أبو رضوان، "أنا شقيق لشهيدين، وكنت أسيرا لسنوات في سجون الاحتلال الإسرائيلي، لذلك أدرك تماما ماذا يعني أن تفقد عزيزا على قلبك. ماذا يعني أن تخسر أعز الناس في سبيل الوطن! ومن هنا أبلغت زوجتي وأبنائي وكل أقاربي وجيراني أنني قد حرمت على نفسي كل الأمور الترفيهية والاحتفالية في العيد، والاقتصار فقط على الصلاة وصلة الرحم وزيارة قبور الشهداء وتفقد عوائل الأسرى". 
ويتابع أبو رضوان، "أعلم أن أطفالي ينتظرون العيد كي يشتروا الألعاب ويفرحوا وهذا حقهم، لكنني حاولت أن أشرح لهم ماذا حل بنحو 13 ألف طفل استشهدوا في غزة، والآلاف مثلهم باتوا معوقين أو جرحى أو فقدوا منازلهم. وقد تعهدت لهم أن اعوضهم كل هذه اللحظات عندما تنتهي الحرب ويعود أهل غزة إلى بيوتهم مرفوعي الرأس".  

دعوات لالغاء احتفالات العيد

موقف أبو رضوان، جاء بالتزامن مع الدعوات في الضفة الغربية لإلغاء كافة مظاهر الاحتفال بحلول عيد الفطر، واقتصارها على المشاعر التعبدية كصلاة العيد وصلة الرحم، تضامنا مع قطاع غزة الذي يتعرض لإبادة جماعية متواصلة منذ أكثر من ستة أشهر. ياتي ذلك، في وقت أعلن ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي عن حملة "لا أعياد وغزة تُباد"، عبر إصدار بيانات تدعو المواطنين لتقليل مظاهر العيد، والحركة في الأسواق.

كما دعت مؤسسات رسمية وحزبية وعشائرية وعائلية في الضفة الغربية تدعو إلى اقتصار مظاهر استقبال العيد على الشعائر الدينية وعدم فتح الدواوين لاستقبال المهنئين والابتعاد عن البهجة والبذخ والإسراف بسبب الظروف الراهنة والأوضاع الصعبة في غزة والضفة.
ودعا تجمع دواوين الديار النابلسية الذي تنطوي تحت لوائه أكثر من 100 عائلة في محافظة نابلس، إلى اختصار مراسم عيد الفطر على الشعائر الدينية والاجتماعية الضيقة فقط، احتراما وتقديرا للدماء الزكية الطاهرة التي روت أرض الوطن. ويقول رئيس التجمع سمير الخياط لـ"العربي الجديد": "إن هذا الموقف يأتي تعبيرا عن تلاحمنا كشعب واحد لا يمكن تقسيمه، مهما حاول الاحتلال الذي يقصف غزة بالصواريخ ويحاصر الضفة بالحواجز العسكرية، لذلك فهذا أقل ما يمكننا فعله تجاه هذا النزيف الزكي من الدماء التي روت وما تروي أرضنا المباركة".
ويتابع الخياط، "من لديه القدرة على الفرحة في هكذا أوضاع؟ كيف نسامح أنفسنا إن أكلنا الحلويات ولبسنا الجديد وأبناء شعبنا في غزة جياع ولا يجدون ما يسد رمقهم. لذلك هي دعوة تم تعميمها على كافة المنتسبين في تجمع دواوين الديار النابلسية لعدم المبالغة في شراء الكماليات أو التباهي بأي مظهر احتفالي، وحتى عدم نشر التهاني على منصات التواصل الاجتماعي. بالمقابل تعزيز صلة الأرحام والتزاور، والوقوف إلى جانب المعسورين".
في مدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية، أجمعت عدة مؤسسات حكومية وأهلية على ضرورة حث المواطنين على عدم فتح الدواوين العائلية في أيام العيد واقتصار التواصل في المساجد والزيارات البيتية، واقتصار العيد على الشعائر التعبدية من زكاة فطر وصلاة العيد وصلة الأرحام. 

ويقول الناشط محمود عفانة لـ"العربي الجديد": "إن هذه الدعوة شملت محافظة وبلدية قلقيلية ولجنة الإصلاح ومديرية الأوقاف والغرفة التجارية، وهي في جوهرها تحمل رسالة دعم مؤازرة مع أهلنا في غزة في وجه آلة القتل الإسرائيلية، وكذلك تراعي الأوضاع الصعبة في الضفة الغربية، من خلال حث المواطنين على الابتعاد عن البهجة والبذخ والاسراف وعدم استخدام المفرقعات والألعاب النارية والصوتيات".
ويضيف عفانة، "دعونا أيضا لعدم الكلفة في الضيافة وتقديم الحلويات والفواكه للمهنئين، والاقتصار على تقديم القهوة والتمر، وندعو الأبناء إلى عدم تكليف أولياء أمورهم بجديد اللباس، وعدم اللوم من المحارم عند زيارة الأرحام من عدم تقديم العيدية لمن لا يملكها".
وفي بلدة "إذنا" غرب مدينة الخليل شمال الضفة الغربية المحتلة، أصدرت العشائر هناك بيانا، أعلنت فيه إلغاء كافة مظاهر الاحتفالات والزيارات وما يترتب عليها من التزامات مادية، واقتصار العيد على العبادات والتضرع إلى الله أن يرفع الغمة على الشعب الفلسطيني وينعم بالأمان وأن يزول الاحتلال ويتحرر الأقصى والأسرى". وأهابت عشائر إذنا بالضفة الغربية أن تحذو حذوها وأن تلتزم بحالة التضامن الكامل مع غزة.

المساهمون