العراق: مليون شجرة لمواجهة التصحر

العراق: مليون شجرة لمواجهة التصحر

17 مارس 2022
التصحّر يجتاح الأراضي العراقية (زيد العبيدي/ فرانس برس)
+ الخط -

بالتزامن مع تعرّض العراق إلى سلسلة من العواصف الترابية المتواصلة منذ نحو أسبوعَين، عزاها مسؤولون وخبراء بيئة إلى تفاقم التصحّر وانحسار الغطاء النباتي بالبلاد في العقدَين الماضيَين، أطلقت الحكومة العراقية، اليوم الخميس، مبادرة جديدة لزرع مليون شجرة في بغداد ومدن أخرى بتمويل حكومي، وهي خطوة عدّها ناشطون في مجال البيئة غير كافية، مطالبين بقانون يمنع تجريف الأراضي الخضراء أو تغيير طبيعتها من زراعية إلى سكنية.

المشروع الذي ترعاه حكومة رئيس الوزراء المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي يتضمّن زرع مليون شجرة مثمرة من التمور والحمضيات والفواكه المتنوّعة في بغداد وباقي مدن البلاد، بهدف زيادة المساحات الخضراء في العاصمة والمحافظات. وبحسب بيان للحكومة نشرته وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) فإنّ المبادرة تأتي من ضمن خطة عمل وطنية لدعم قطاع البيئة، مؤكداً أنّ المبادرة تتضمّن كذلك توعية بيئية وحملات زراعة في الجامعات والمدارس والساحات العامة ومداخل المدن.


ولم تفصح السلطات العراقية عن تفاصيل المشروع، لكنّ مسؤولاً في وزارة الزراعة يفيد "العربي الجديد" بأنّ "الأشجار سوف تُزرَع تدريجياً في الجزرات الوسطية والأرصفة والحدائق العامة والمتنزهات والدوائر الحكومية والمدارس". ويوضح المهندس في الوزارة عباس المحمداوي أنّ وزارته قد "جهّزت العدد المطلوب من الشتول، وسوف تكون السلطات البلدية مسؤولة عن عمليات سقي الأشجار ورعايتها للحؤول دون موتها كما كانت حال مبادرات كثيرة سابقة". ويتحدث المحمداوي عن "حاجة بغداد وحدها إلى أكثر من ثلاثة ملايين شجرة في محيطها وفي داخل نطاقها السكني بهدف إعادتها إلى سابق وضعها الذي كانت عليه قبل عام 2003"، لافتاً إلى أنّ "العاصمة فقدت مساحات خضراء كبيرة بفعل التجاوز الجائر وغير القانوني أو الجفاف وقلة المياه والرعاية". وإذ يُعدّ المحمداوي "المبادرة مهمة"، يراها "غير كافية".

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، صرّح المتحدّث باسم دائرة الأحوال الجوية العراقية بأنّ أسباب العواصف الترابية المتواصلة في البلاد وكذلك الغبار هي "قلة الغطاء النباتي وقلة الحزام الأخضر وهشاشة الأرض في المناطق الغربية والجزيرة والجهة الغربية وكذلك قلة الأمطار، حيث إنّ الرياح تؤثّر على هيجان الأتربة والغبار".

وتسبّبت موجات الغبار والأتربة في دخول أكثر من 800 شخص إلى المستشفيات في خلال الأيام الماضية بفعل الاختناق، خصوصاً بين سكان مناطق غرب البلاد وجنوبها. وتعليقاً على ذلك، يقول الناشط البيئي العراقي حسن الحديثي إنّه "لا يمكن للمبادرة أن تغيّر الوضع الحالي إذا لم يكن ثمّة موقف حاد من عمليات الاستيلاء على المزارع والبساتين وتحويل طبيعتها من زراعية إلى سكنية من قبل تجّار ومافيات العقارات في بغداد وباقي المحافظات".

يضيف الحديثي أنّ "ما لا يقلّ عن مليون دونم زراعي خرجت عن كونها زراعية وتحوّلت إلى قاحلة في عدد من المحافظات العراقية في خلال عام ونصف عام بسبب التصحّر وقلّة المياه، وهذا خطر كبير يضاف إليه واقع أنّ مافيات العقارات تواصل تعدّيها الجائر على المساحات الخضراء". ويرى الحديثي أنّه "لا يمكن لأيّ مشروع أن يكون نافعاً إذا لم يحترم ضواحي المدن والحفاظ على طبيعتها الزراعية والريفية ويفرض قوانين رادعة ضدّ المتجاوزين عليها أو من يُقدِم على قطع الأشجار وتجريف الأراضي".

المساهمون