العراق: ضغوط حكومية على النازحين من دون تأمين العودة إلى مناطقهم

العراق: ضغوط حكومية على النازحين من دون تأمين العودة إلى مناطقهم

20 مارس 2024
في أحد مخيمات النازحين العراقيين في شمال العراق (سفين حميد/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- العراق يسعى لإغلاق مخيمات النازحين بحلول 30 يوليو 2024، مع عودة طوعية للنازحين من دهوك إلى سنجار بالتعاون مع منظمة الهجرة الدولية.
- وزارة الهجرة تزيد منحة العودة لتشجيع النازحين، وتؤكد على إنهاء ملف النزوح بإغلاق مخيم تازة، مع دعم رئيس الوزراء للخطة.
- انتقادات لخطة الحكومة من لجنة الهجرة بالبرلمان وناشطي حقوق الإنسان، مشيرين إلى ضرورة إعمار المناطق المهدمة وعدم الضغط على النازحين للعودة.

تفرض وزارة الهجرة والمهجرين في العراق ضغوطاً مختلفة على النازحين بهدف إغلاق المخيمات التي تؤويهم، من دون أن توفّر لهم الظروف المناسبة للعودة إلى المناطق التي هُجّروا منها منذ اجتياحها من قبل تنظيم داعش في صيف عام 2014.

وكان مجلس الوزراء العراقي قد حدّد أخيراً يوم 30 يوليو/حزيران 2024 موعداً لإغلاق مخيمات النازحين وعودة هؤلاء طواعية إلى مناطقهم الأصلية، الأمر الذي دفع وزارة الهجرة والمهجرين إلى العمل من أجل ختم الملف في الفترة المحدّدة.

والأسبوع الماضي، أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين عودة أكثر من 320 نازحاً من مخيم كبرتو في محافظة دهوك بإقليم كردستان العراق شمالي البلاد إلى مناطقهم الأصلية في قضاء سنجار الذي يقع غربي محافظة نينوى الشمالية، والذي يخضع لنفوذ مسلحي حزب العمال الكردستاني. وأوضحت الوزارة في بيان أصدرته حينها أن "عملية نقل العائلات تمت بالتعاون مع منظمة الهجرة الدولية"، مؤكدة أنها "مستمرّة في العمل لإعادة جميع النازحين بشكل طوعي وإغلاق الملف".

ومساء أمس الثلاثاء، أكدت وزيرة الهجرة والمهجرين، إيفان فائق جابرو، أن وزارتها سوف تعمد إلى قطع الدعم عن المخيمات بعد انتهاء المهلة المحددة. وقالت في تصريح لقناة "العراقية الإخبارية" الرسمية إن الأمطار تؤثّر سلبياً على النازحين في العادة، وإن إنهاء ملف المخيمات واجب أخلاقي تتحمّله الحكومة بصفتها "حكومة الإنجازات".

أضافت جابرو أن "الوزارة ملتزمة بإنهاء ملف النزوح، ولديها القدرة على إنهائه في مدة شهر"، مشيرةً إلى أنها "أغلقت مخيم تازة بالكامل في محافظة السليمانية (شرقي إقليم كردستان العراق) في الأيام الماضية". وبيّنت أن "الحكومة اتّخذت قرارات لتشجيع العودة الطوعية للنازحين إلى مناطقهم، من بينها زيادة منحة العودة من مليون إلى أربعة ملايين دينار عراقي (نحو 2650 دولاراً أميركياً)".

وأوضحت وزيرة الهجرة والمهجرين في العراق أن "رئيس الوزراء (محمد شياع السوداني) لديه الإرادة الحقيقية لإنهاء ملف النزوح". وشدّدت على "ضرورة إنهاء الملف قبل الموعد المحدّد"، مضيفةً أنّ "الوزارة سوف تسحب دعمها عن المخيمات بعد الموعد" المحدّد. ولفتت جابرو إلى أنّ ثمّة "أطرافاً سياسية مستفيدة من وجود النازحين في المخيمات، كذلك فإنّ ثمّة عائلات لا ترغب في العودة إلى مناطقها (الأصلية) على الرغم من زيادة مبلغ المنحة" المقدّم لها.

يأتي ذلك في وقت ما زال فيه نحو نصف مليون نازح عراقي ممنوعين من العودة إلى مدنهم وبلداتهم بقرار من فصائل مسلّحة تستولي عليها، ولعلّ أبرز المناطق جرف الصخر التي تقع في شمال محافظة بابل وسط العراق، والتي تسيطر عليها "كتائب حزب الله" و"النجباء" و"عصائب أهل الحق" و"جند الإمام" منذ نهاية عام 2014. كذلك منعت تلك الفصائل سكان بلدات أخرى، أبرزها العوجة ويثرب وعزيز بلد وقرى الطوز وقرى مكحول في محافظة صلاح الدين بوسط العراق، والعويسات وذراع دجلة وجزء من منطقة الثرثار ومجمع الفوسفات في محافظة الأنبار غربي البلاد، وقرى المقدادية وحوض العظيم في محافظة ديالى شمال شرقي البلاد، من العودة إليها.

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

برلمان العراق "ضعيف" في وجه خطة الحكومة

من جهتها، انتقدت لجنة الهجرة والمهجرين في البرلمان العراقي خطة الحكومة وعدّتها "غير منصفة". وقال أحد أعضاء اللجنة الذي فضّل عدم الكشف عن هويته لـ"العربي الجديد" إنّ "خطة الحكومة لا تنسجم مع الواقع، إذ إنّ مناطق النازحين ما زالت مهدّمة وغير صالحة للسكن. كذلك فإنّ مناطق كثيرة ما زالت تحت سيطرة الفصائل المسلحة التي تمنع عودة النازحين".

ورأى عضو لجنة الهجرة والمهجرين في البرلمان العراقي أنّ "الحكومة تريد التخلّص من الملف بأيّ شكل من الأشكال، وأنّ مبلغ أربعة ملايين دينار لا يساوي شيئاً أمام ما فقده النازحون من عقارات وأملاك"، منتقداً "دور البرلمان الضعيف إزاء الملف، وأنّه بات مسلوب الإرادة ولا يستطيع منع خطة الحكومة".

في سياق متصل، رأى الناشط في ملف حقوق الإنسان عدنان الفراجي "ضرورة إيجاد حلول واقعية للملف". أضاف الفراجي لـ"العربي الجديد" أنّ "الحكومة ذاتها لا تستطيع دخول المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة وتمنع عودة أهلها"، متسائلاً "كيفية إنهاء الملف؟". وتابع الفرجي: "نحتاج إلى حلول منصفة وواقعية، من بينها حلّ ملف المناطق التي تسيطر عليها الفصائل وإعمار المناطق المهدمة".

وأوضح الناشط الحقوقي أنّ "العائلات تناشد من أجل معالجة ملفها، وعدم الضغط عليها وتخييرها ما بين العودة إلى مناطقها الأصلية وبين مواجهة إغلاق المخيمات وسحب الدعم" علماً أنّه ضعيف في الأساس. وبيّن أنّ "الحل الحكومي هو بمثابة فرض واقع مؤلم تتحمله العائلات النازحة في العراق فقط. فهي كما أُجبرت على النزوح (في السابق) فإنّها تُجبَر اليوم على العودة".

يُذكر أنّ نحو 37 ألف نازح عراقي ما زالوا في مخيمات النزوح في العراق، بحسب آخر البيانات الرسمية، علماً أنّ هذا الرقم لا يتضمّن النازحين في خارج المخيمات والذين تزيد أعدادهم عن 750 ألفاً ويقيمون في مجمّعات سكنية على نفقتهم الخاصة، في إربيل والسليمانية وبغداد والأنبار وغيرها.

المساهمون