الصيدلانية المصرية مايسة محمود: تجاوزنا الصعوبات

الصيدلانية المصرية مايسة محمود: تجاوزنا الصعوبات

08 مارس 2021
هؤلاء واجهن كورونا (جيوسيب كاكاس/ Getty)
+ الخط -

تقول الصيدلانية مايسة محمود، التي تعمل في أحد مستشفيات عزل مرضى كورونا في محافظة الجيزة (إحدى محافظات القاهرة الكبرى)، إنها عملت طوال فترة الجائحة التي ما زالت مستمرة، إلى جانب الكوادر الطبية والصحية الأخرى، وقد استطاعت التوفيق بين كونها أمّاً وبين عملها، مشيرة إلى أنها لم تخبر طفليها (10 و7 سنوات) عن طبيعة عملها، حتى لا يشعرا بالقلق. تضيف أن "أزمة كورونا فرضت ظروفاً معيشية صعبة على الجميع، إلا أنني وبالتعاون مع زوجي الذي يعمل في إحدى المؤسسات الحكومية، استطعنا تجاوز الأمر". وتلفت إلى أن زوجها حصل على إجازة من العمل للتفرغ للطفلين اللذين منعهما تفشي الفيروس من الذهاب إلى المدرسة واللعب مع أصدقائهما.

وتوضح محمود أنها كانت تعمل 8 ساعات يومياً، وأحياناً أكثر، بحسب الحاجة ومن دون تردّد "كوننا في ظروف استثنائية. كما لا أستطيع الحصول على إجازة، إذ تعدّ تهرباً في تلك الظروف. في الوقت نفسه، أحرص على تحقيق الاستقرار النفسي لدى عائلتي". وتقول إنه رغم التحديات الكثيرة ونقص المستلزمات الطبية، إلا أن العمل كان يسير على ما يرام.
من جهتها، تقول الطبيبة ميرفت نصير، إن الـ 24 ساعة في اليوم لم تعد كافية للمرأة الطبيبة في زمن كورونا. "أبدأ يومي بتحضير وجبة الفطور للأطفال، وتنظيف البيت وتعقيمه، وبعدها أذهب إلى العمل". كانت تعمل في مستشفى ناصر العام للعزل في شبرا الخيمة في محافظة القليوبية (تقع في شرق النيل عند رأس الدلتا). وفي بعض الأحيان، كانت تضطر إلى التغيب عن عائلتها ليالي عدة، بسبب ظروف العمل، مؤكدة أن العمل في مستشفيات العزل شاق ومقلق.

الصورة
مايسة محمود (العربي الجديد)
مايسة محمود (العربي الجديد)

تضيف: "على الرغم من متطلبات عمل الطبيبات، خصوصاً لناحية التوفيق بين المنزل والعمل، إلا أنهن أثبتن جدارتهن في تلك الأزمة. على المستوى الشخصي، كان عليّ تخفيف العبء النفسي عن زوجي الذي استقال من وظيفته الحكومية منذ خمس سنوات للعمل في قطاع التصدير، وقد توقف عمله نتيجة لتفشي كورونا، الأمر الذي أثر على دخل الأسرة. وصرت أتولى مسؤولية إعالة الأسرة في انتظار عودة القطاع إلى العمل".
تقول نصير إنها تخشى إصابة أفراد عائلتها بكورونا نتيجة عملها. وتضيف: "على الرغم من قضاء معظم اليوم في المستشفى في ظل الكثير من الضغوط النفسية، إلا أنني كنت أحرص على أن أبتسم طوال الوقت لرفع معنويات المرضى والحد من توترهم، ما أدى إلى تكوين صداقات مع عدد منهم وقد ظلوا على تواصل معي حتى بعد خروجهم من المستشفى. هؤلاء ما زالوا يدعون لي بالصحة".
وتختم حديثها قائلة: "أنا فخورة بما تقوم به الطبيبات والممرضات، فهن يشكلن جبهة قوية ويتسلّحن بالشجاعة والثقة في النفس، رغم ما يتعرضن له من مخاطر قد تؤثّر على حياتهن وحياة أسرهن".
ويضم "الجيش الأبيض" أيضاً العاملات في المختبرات الطبية. إحدى العاملات، وتدعى عبير إبراهيم، تقول إنّ المريض يأتي إلى المختبر وهو في حالة قلق شديدة لمعرفة نتيجة فحص كورونا، في ظل تشابه أعراض الفيروس مع الإنفلونزا الموسمية. تضيف: "أحاول التخفيف من قلق المرضى، خصوصاً أن كثيرين يعتبرون أن فيروس كورونا يعني الموت. وأسعد لحظات حياتي هي حين تظهر نتائج التحاليل سالبة، وكأنّ حياة جديدة كتبت للمريض"، مشيرة إلى أنها تحاول قدر المستطاع اتخاذ الاحتياطات اللازمة مع المرضى، بصرف النظر عما إذا كانوا مصابين بأمراض معدية أو لا. "أتبع الإجراءات نفسها في البيت مع أسرتي. فظروف لقمة العيش والحياة الصعبة تجعلنا جميعاً لا نستطيع الاستغناء عن أعمالنا".

الصورة
مايسة محمود (العربي الجديد)
مايسة في عملها (العربي الجديد)

بعيداً عن الجيش الأبيض، عمدت ربات بيوت مصريات إلى بدء مشاريع صغيرة لمساعدة عائلاتهن في ظل الأزمة المعيشية التي فرضها تفشي كورونا. مريم عطية، وهي في العقد الخامس من العمر، اشترت ماكينة خياطة واستأجرت محلاً في أحد شوارع الشرابية في العاصمة القاهرة، مستغلة خبرتها في هذا المجال. تشير إلى أن ظروفها الاجتماعية والاقتصادية الصعبة، خصوصاً بعدما توقف عمل زوجها نتيجة تفشي كورونا، دفعها إلى هذا الخيار. بدأت أولاً في إصلاح الملابس القديمة للفتيات والنساء، ثم باتت تحيك الملابس وتبيعها لمحال الجملة بمساعدة أولادها الثلاثة. تقول إن حلمها الوحيد هو توفير حياة كريمة لأسرتها، لافتة إلى أنها تخشى الإصابة بأي مرض قد يجعلها عاجزة عن الاستمرار في العمل.

من جهتها، تقول الباحثة في مؤسسة المرأة الجديدة، منى عزت، إن أزمة كورونا كشفت أن الكثير من العاملات في مشاريع صغيرة ومهن بسيطة، محرومات من أبسط حقوقهن في التأمين الاجتماعي والرعاية الصحية، وعدم وجود قواعد بيانات ومنظومة قانونية لحمايتهن، مطالبة بتوفير شبكة أمان صحي لهذه الفئة، ودعم مشاريعها الاقتصادية الصغيرة، وتوفير مظلة تأمينات اجتماعية تضمن حقوقها في ظل ارتفاع الأسعار، متمنية أن تحظى النساء حول العالم بالأمن والسلامة بمناسبة اليوم الدولي للمرأة، والقضاء على العنف ضد المرأة والختان والتسرب المدرسي والزواج المبكر وغيرها.

المساهمون