الدهون والسكر والقمامة... الوقود المستقبلي للطائرات

الدهون والسكر والقمامة... الوقود المستقبلي للطائرات

03 فبراير 2024
الوقود المستدام بديلاً أساسياً لخفض الانبعاثات الناتجة عن الطائرات (Getty)
+ الخط -

في إطار الجهود المستمرة للبحث عن طرق مختلفة لخفض انبعاثات الكربون، وتحديداً القطاعات الأكثر تلوثاً، على غرار الطائرات، بدأت الشركات البحث لإيجاد بدائل بيئية من الوقود المستدام، على غرار استخدام القمامة، والدهون، والمواد الطبيعية والموارد البيئية.

وخلال العام الماضي، حلقت طائرة عبر المحيط الأطلسي بعد تعبئتها، بالدهون والسكر، كخطوة تجريبية جديدة، الهدف منها، الابتعاد تدريجياً عن الوقود الأحفوري، لكن هذه الخطوة  باستخدام "الوقود المستدام" لا تزال في بدايتها، وقد تتطلب المزيد من الدراسات والوقت والتكلفة.

الوقود المستدام

عادة تطلق الطائرات ملايين الأطنان من ثاني أوكسيد الكربون سنوياً، فالطيران التجاري أنتج ما يقارب 707 ملايين طن من أوكسيد الكربون في عام 2013، وفي عام 2019، وصلت هذه القيمة إلى 920 مليون طن، بحسب تقرير صادر عن وكالة البيئة الأميركية.

الصورة
محاولات مستمرة لاستبدال الوقود الأحفوري بالمستدام (Getty)
محاولات مستمرة لاستبدال الوقود الأحفوري بالمستدام (Getty)

وشكلت الولايات المتحدة، التي تمتلك أكبر نظام للحركة الجوية التجارية في العالم، ما يقارب 200 مليون طن (23%) من إجمالي ثاني أكسيد الكربون العالمي لعام 2017، وهو ما فرض حقيقة معضلة حول أهمية البحث عن وقود مستدام، بحسب ما ذكرته صحيفة واشنطن بوست.
يعتبر الوقود المستدام بديلاً أساسياً لخفض الانبعاثات الناتجة عن الطائرات، ويمكن أن يحل محل وقود الطائرات التقليدي دون تغيير المحركات أو البنية التحتية أو مرافق التخزين الحالية. يتطابق هذا النوع من الوقود المصنع من منتجات النفايات البيولوجية ، كيميائياً،  مع وقود الطائرات التقليدي (الكيروسين)، ولكن بدلاً من الوقود الأحفوري، فهو مصنوع من مجموعة من المواد الأولية المتجددة، بما في ذلك زيوت الطهي المستعملة، أو بقايا الطعام، أو النفايات الصلبة البلدية.
ورغم أهمية هذه الطريقة في تزويد الطائرات بالوقود، إلا أن هناك عجزاً في إنتاج الوقود المستدام، وفي العام الماضي، أنتجت الولايات المتحدة أقل من 0.2% من استهلاك وقود الطائرات، فيما حاولت شركة الطيران "يونايتد" الأميركية، الاعتماد على الوقود المستدام، لكنها لم تتمكن من إنتاج أكثر من مليون غالون، فيما تستخدم سنويا ما لا يقل عن 4 مليارات غالون من الوقود التقليدي، ويرجع السبب في عدم التمكن من إنتاج ما يكفي من الوقود، إلى ارتفاع التكلفة من جهة، ونقص العرض، وغياب القدرة الفعلية على إنتاج الوقود المستدام.

الصورة
مصنع لانتاج الإيثانول السليولوزي في البرازيل (فرانس برس)
مصنع لإنتاج الإيثانول السليولوزي في البرازيل (فرانس برس)

الوقود من السكر
في العام 2021، بدأت شركة Virent Energy Systems التي تنتج الوقود الحيوي عملية تحويل الماء المسكر إلى وقود في مصنع الشركة في ماديسون بولاية ويسكونسن، ووفق ما نقلته قناة abc الأميركية، فقد تم تحويل ماء السكر إلى وقود، واستخدامها في الطائرات النفاثة.
كما تقوم مصافي التكرير ببناء مصانع يمكنها تحويل الإيثانول إلى وقود الطائرات، فعلى سبيل المثال، افتتحت شركة ناشئة تعمل بالوقود البديل تدعى LanzaJet، أول مصنع في العالم يمكنه تحويل الكحول إلى وقود للطائرات. وسيقوم هذا المصنع بتصنيع وقود الطائرات باستخدام الإيثانول المصنوع من الذرة الأميركية وقصب السكر البرازيلي ودخان المصنع الذي تم تخميره إلى كحول بواسطة البكتيريا.
إلا أن المشكلة، التي تواجه هذا النوع من الوقود، يتعلق بمحدودية الأراضي الزراعية من جهة، ومن جهة ثانية، لأن الزراعة، تسبب أيضاً زيادة في الانبعاثات الكربونية.

تحويل الأعشاب والطحالب إلى وقود

مصدر آخر لا يقل أهمية، يقوم على تحويل الأعشاب والطحالب إلى وقود، إذ  يقوم المصنعون بتطوير طرق لإنتاج وقود الطائرات من "محاصيل التغطية السليلوزية" "cellulosic cover crops"، وهي فئة من الحبوب العشبية التي تزرع غالباً في المزارع بين مواسم النمو المنتظمة للحفاظ على صحة التربة. نظراً لأنها تنمو في غير موسمها، فإن هذه النباتات لن تتنافس مع المحاصيل الغذائية في الأراضي الزراعية، لذا ستكون أكثر استدامة.
كما ، يمكن أيضاً إنتاج الوقود من خلال الحطب، والأغصان، والأوراق، المتبقية في الحقل بعد حصاد المحاصيل أو القشور المتبقية بعد معالجة الأغذية. يمكن أيضاً تحويل الفروع وبقايا الأغصان من قطع الأشجار ونشارة الخشب وبقايا الخشب من مصانع الأخشاب إلى وقود مستدام.


كما تقوم بعض الشركات بتحويل القمامة إلى وقود للطائرات، أفتتحت شركة  Fulcrum Bioenergy، مصنعاً لتحويل النفايات إلى وقود في عام 2022، ونجحت إلى حد كبير في إنتاج طاقة مستدامة، لكن مشكلة النفايات، تتعلق بضرورة  فرز الأجزاء المفيدة، بما في ذلك الورق والمنسوجات ومواد التعبئة والتغليف، من بقية القمامة، حتى يتم إنتاج وقود مستدام.

حتى أن مصادر الطبيعة، مثل الماء، الهواء، أو حتى من خلال الطاقة الكهربائية النظيفة، يمكن توليد الوقود المستدام، كما هو الحال، مع ما يسمى "الهيدروجين الأخضر"، الذي يتم إنتاجه عن طريق فصل جزيئات الماء إلى هيدروجين وأكسجين، لكن المشكلة في المرحلة الراهنة، تتعلق بالتكلفة المرتفعة.

المساهمون