الأشخاص ذوو الإعاقة يعانون في مخيمات الشمال السوري

الأشخاص ذوو الإعاقة يعانون في مخيمات الشمال السوري

04 يوليو 2021
المعاناة مزدوجة (العربي الجديد)
+ الخط -

على مدى أكثر من عشرة أعوام، تسبّبت الحرب السورية في أعداد كبيرة من النازحين واللاجئين والقتلى والجرحى. ومن بين السوريين الأخيرين، أشخاص تسبّبت إصاباتهم بإعاقات مختلفة، خصوصاً في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، لا سيّما في الشمال السوري، التي تعرّضت إلى قصف بشتّى أنواع الأسلحة. يُذكر أنّ سكان تلك المناطق عانوا من حملات نزوح عديدة وسط تراجع في مستوى الخدمات الصحية المقدّمة لأسباب كثيرة، منها استهداف المراكز الصحية بالقصف وهجرة الأطباء وإعطاء الأولوية في العلاج لمصابين دون سواهم في حالات كثيرة.

ويختلف مستوى المعاناة التي يقاسيها الأشخاص ذوو الإعاقة، سواء الذين تعرّضوا إلى إصابة أم الذين هم كذلك منذ ما قبل الحرب، بين منطقة وأخرى. وقد تكون المعاناة الأشدّ هي تلك التي يتعرّضون إليها في مخيمات النزوح المنتشرة على الحدود السورية - التركية والتي يُقدّر عددها في إدلب (شمال غرب) وحدها بـ 1293 مخيماً، منها 393 مخيماً عشوائياً، ويقطنها مليون و43 ألفاً و689 نازحاً، بحسب ما تفيد بيانات فريق "منسقو استجابة سورية".

سمية محمد شيحان من هؤلاء الأشخاص ذوي الإعاقة في مخيّم "الصديق" بالقرب من بلدة أطمة شمالي إدلب، وقد نزحت من بلدة الشريعة في سهل الغاب بريف حماة. تخبر سمية وهي أمّ لأربعة أطفال، أكبرهم يبلغ من العمر 14 عاماً، "إحدى ساقَي بُترت من جرّاء إصابة تعرّضت إليها في خلال قصف لقوّات النظام، وقد فقدت كذلك الحركة في الساق الثانية نتيجة الإصابة ذاتها". تضيف شيحان لـ"العربي الجديد": "لم أتنقّل خارج الخيمة منذ أكثر من عام لعدم توفّر كرسي متحرّك ولإصابتي بأمراض عدّة نتيجة قلّة الحركة. كذلك فإنّ محيط خيمتي مليء بالحفر، وهو ما يعرقل خروجي كذلك". وتشير شيحان إلى أنّها صنعت لنفسها "زحّافة تستخدمها للخروج فقط إلى أمام الخيمة واستنشاق الهواء وكذلك للتنقل في داخلها. وهي كناية عن لوح من الحديد مزوّد بأربع عجلات صغيرة". وتتابع شيحان أنّه "في بعض الأحيان، أستخدمها عند زيارة الطبيب أو للضرورة".

صحة
التحديثات الحية

أمّا طه أبو حمد فيعيش حالياً في مخيّم "سنجار كهربا" بالقرب من مدينة سرمدا شمالي إدلب، علماً أنّه فاقد لحركة ساقَيه معاً نتيجة إصابة لحقت به في طفولته. يقول أبو حمد لـ"العربي الجديد" إنّ "هذا المخيّم عشوائي ولا تقصده المنظمات الإنسانية بشكل دوري، ولا تُخصّص فيه مساعدات للأشخاص ذوي الإعاقة الذين لا يستطيعون التنقّل وكسب رزقهم بأنفسهم". ويخبر أبو حمد: "كنت أتجوّل بين الخيام على دراجتي النارية التي عُدّلت لتوافق احتياجاتي، لكن مع انتشار فيروس كورونا الجديد فضّلت البقاء في خيمتي خوفاً من الإصابة بالعدوى، كون مناعتي ضعيفة". ولا يخفي أنّ ذلك "أثّر كثيراً على نفسيتي، وجعلني أصاب باكتئاب إلى جانب عدم قدرتي على توفير معظم احتياجاتي".

من جهته، يعيش سالم خليل مع عائلته في مخيّم آخر بالقرب من بلدة أطمة، وهو أب لخمسة أطفال، أحدهم كفيف منذ ولادته. يقول لـ"العربي الجديد": "لا أحتاج إلى مساعدات غذائية، لكنّ أكثر ما يؤلمني هو غياب الاهتمام بفاقدي البصر، خصوصاً الأطفال منهم الذين لا يتلقّون أيّ تعليم خاص". يشير إلى أنّ "ثمّة مبادرات خاصة لتعليم فاقدي البصر، لكنّها كانت تُقام بمقار بعيدة عن مكان سكننا، الأمر الذي جعلني أحرم ابني منها".

الصورة
أشخاص ذوو إعاقة في مخيمات شمال سورية 2 (العربي الجديد)
(العربي الجديد)

وبحسب فريق "منسقو استجابة سورية"، يُقَدَّر عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في مخيمات إدلب بـ 49 ألفاً و861 شخصاً يعيشون في بيئات غير صحية مع أخطار تلوّث عالية المستوى بسبب حفر الصرف الصحي المكشوفة. يُضاف إلى ذلك الحرمان من مصادر الدخل الأساسية والاعتماد على المساعدات الإنسانية فقط، مع غياب للرعاية الصحية والأسس الوقائية اللازمة من فيروس كورونا الجديد، إلى جانب النقص الدائم في الغذاء والمياه وغياب أبسط الخدمات اليومية. يُذكر أنّ ثمّة منظمات أخرى تُقدّر عدد هؤلاء في محافظة إدلب وحدها بنحو 200 ألف شخص من ذوي الإعاقة.

ويقول مدير الفريق محمد حلاج لـ"العربي الجديد" إنّ "المساعدات والخدمات المقدّمة من المنظمات في الشمال السوري على قاطني المخيمات، تُوزَّع على السكان عموماً، وهي تصل إلى العائلات الأكثر حاجة، علماً أنّ أيّ حملة لم تُخصّص للأشخاص ذوي الإعاقة على الرغم من الرعاية الخاصة التي يحتاجونها". يضيف حلاج أنّ "هذه الفئة لم تحصل على نصيبها من التوعية وسط أزمة كورونا. فحملات التوعية استهدفت جميع سكان المخيمات من خلال توزيع منشورات أو تقديم نصائح في المساجد والمدارس، من دون أن تُخصَّص حملة معيّنة لهؤلاء الأشخاص".

صحة
التحديثات الحية

في الإطار نفسه، يقول مدير المشاريع في منظمة "سند لذوي الاحتياجات الخاصة" مثنى الشيخ لـ"العربي الجديد" إنّ "المنظمة كانت ترعى نحو خمسة آلاف من الأشخاص ذوي الإعاقة في الشمال السوري، لكنّ أعمالها تراجعت أخيراً. بضع مئات ما زالوا مشمولين بالخدمات فحسب، بسبب الحظر الذي سبّبه تفشّي فيروس كورونا الجديد وإغلاق المعابر وصعوبة التنقل". يضيف الشيخ أنّ "الخدمات التي تقدّمها المنظمة حالياً تضع في أولوياتها جلسات توعية لأمّهات أطفالهنّ من ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى الإضاءة على طرق التعامل معهم. كذلك ثمّة جلسات توعية لهؤلاء الأمهات، خاصة بفيروس كورونا الجديد". ويشير الشيخ إلى أنّ "هذا الدعم موجّه كذلك إلى الأشخاص ذوي الإعاقة الذين تخطّوا الثامنة عشرة من عمرهم".

المساهمون