أزمة التكوين المهني بتونس

أزمة التكوين المهني بتونس

05 مايو 2023
نسب الانقطاع عن التكوين المهني العمومي تراوحت ما بين 20 و30% (إيميريك فوهلين/ Getty)
+ الخط -

يُتيح التعليم المهني فرصة للمنقطعين عن الدراسة لتعلّم مهنة أو حرفة أو صنعة يدوية، ويساهم في الحدّ من تداعيات وسلبيات الانقطاع عن الدراسة والبطالة. ويحصل المنخرطون في التعليم المهني على مؤهلات وشهادات في مجالات عدة كالنجارة والحدادة والبناء وصناعة الحلويات والحلاقة والتحف والفخار وغيرها من الحرف.  
وتضم المنظومة الوطنية للتكوين المهني 196 مؤسسة تكوينية منها 136 مركزا تابعا للوكالة التونسية للتكوين المهني، و13 مركزا تابعا لوزارة الدفاع الوطني، و39 مركزا تابعا لوكالة الإرشاد والتكوين الفلاحي، و8 مراكز تابعة لوكالة التكوين في مهن السياحة. أما المنظومة الخاصة للتكوين المهني فتتكون من 1200 مؤسسة تؤمن تكويناً مهنياً أساسياً.
وبحسب الوكالة التونسية للتكوين المهني، فإنّ مؤسسات التكوين تسعى إلى تدريب مهني ذي جودة يحترم مراجع التكوين واحتياجات المؤسسات من الكفاءات، بالإضافة إلى تحفيز المؤسسات الاقتصادية على تشغيل يد عاملة متدربة ومؤطرة. ويحصل 7 من بين 10 خريجين من منظومة التكوين المهني على فرصة عمل قبل سنتين من تخرجهم، بحسب الوكالة التونسية للتكوين المهني. كما أن حوالي 15 ألف شاب من مجموع 20 ألف متخرج سنوياً من مراكز التكوين المهني يحظون بفرص عمل في مؤسسات اقتصادية في أقل من عامين، وخصوصاً أن الوكالة حرصت على إطلاق برامج تكوين بحسب الطلب لفائدة المؤسسات وسوق العمل بالتعاون مع المنظمات المهنية.
إلا أن فرص الالتحاق بالتكوين المهني شبه منعدمة في عدد من المناطق وخصوصاً في الأرياف إذ إن معظمها في المدن، علماً أن تلك المناطق تشهد النسبة الأكبر من المنقطعين عن الدراسة في مراحل مبكرة، ليضطر غالبية الراغبين في الالتحاق بالتكوين المهني للتوجه إلى المدن. ويقول سعيد منصور إنه انقطع عن الدراسة منذ عامين، واليوم يبلغ من العمر 27 عاماً ويرغب في الالتحاق بأحد مراكز التكوين المهني لتعلم حرفة أو مهنة. لكنه يعيش في منطقة الروحية بمحافظة سليانة، ولا يوجد فيها مراكز تكوين.

والتوجه إلى أقرب منطقة تتمركز فيها مؤسسة تكوين يتطلب توفير مصاريف نقل يومية تصل إلى حوالي 150 دولاراً شهرياً وهو ما لا يستطيع توفيره. ويستغرب "غياب مراكز التكوين في منطقته على الرغم من ارتفاع عدد المنقطعين عن الدراسة فيها. كما أن غالبية المؤسسات تطلب حداً أدنى من التكوين لقبول أي باحث عن عمل".
من جهتها، تقول رفيقة إبراهيم (19 عاماً) إنها "انقطعت عن الدراسة منذ ثلاث سنوات، لكنها لم تتمكن من الالتحاق بمراكز تكوين لعدم وجودها في المنطقة التي تعيش فيها. كما أنها رغبت في تعلم الخياطة أو النقش والرسم على الخزف لكنها لم تجد حتى مركز تكوين قريب من جهتها. وغالبية المنقطعين عن الدراسة هناك يمتهنون حرفاً بسيطة دون تلقي أي تكوين". تضيف أن الحصول على قرض من مصرف التضامن لإنشاء مشروع صغير يتطلب الحصول على تكوين في أي مهنة أو حرفة، وهذا شرط أساسي لموافقة المصرف. لكن الفرصة غير متاحة للعديد من سكان المناطق الريفية. 

بعض الملتحقين بمراكز التكوين ينقطعون أيضاً عنها بعد مدة قصيرة بسبب غياب الأساسيات. ويشير تقرير أعدته اللجنة الوطنية التونسية للتربية والعلم والثقافة وصدر عام 2021 إلى أنّ نسب الانقطاع عن التكوين المهني العمومي بمراكز التكوين بمحافظة منوبة وعددها خمس، تراوحت ما بين 20 و30 في المائة. وتعزو هذا الانقطاع إلى نقص المساكن في هذه المؤسسات. ولا يتوفر بالجهة سوى 440 سريراً، فيما تبلغ طاقة استيعاب التكوين ثلاثة آلاف شخص، وتضم حالياً 1972 شخصاً موزعين على 39 تخصصاً. 
كما أرجعت نسبة الانقطاع إلى مشاكل في التنقل وغياب الحافلات لنقل الطلاب من وإلى مؤسسات التكوين في الجهة، فضلاً عن عدم معرفة الطلاب بالتخصصات. وتشكو معظم المراكز في الجهة نقص الموارد البشرية وضعف تلك المالية وتردي التجهيزات وشبكات الكهرباء والمياه الصالحة للشرب والنقص الحاد في المعدات في بعض مراكز التكوين التي تتطلب التجديد والصيانة. 

المساهمون