"طالبان" تصرّ على منع تعليم البنات

"طالبان" تصرّ على منع تعليم البنات

13 ابريل 2022
لا مبرر لحرمان البنات من حق التعليم (أحمد ساحل أرمان/ فرانس برس)
+ الخط -

لم يهدأ غضب الأفغان والمعنيين بشؤون التعليم في الداخل والخارج من القرار الذي أصدرته حركة "طالبان"، التي تتولى السلطة في كابول، في 23 مارس/ آذار الماضي، وقضى بتأجيل فتح مدارس البنات في العام الدراسي الجديد، حتى أعقبته الحركة بقرار منع الفتيات من الذهاب إلى الجامعات والمشاركة في دورات تعليم أثناء شهر رمضان. واستدركت الحركة بأن الفتيات سيعاودن الدراسة مع انتهاء شهر رمضان، من دون أن توضح دوافع القرار وأسبابه، ما زاد نقمة الأفغان، وكذلك المهتمين بتعليم الفتيات في العالم الذين صبوا جام غضبهم على سياسات الحركة.
وفي أحدث ردود الفعل، وربما أهمها، طالب رجال دين يؤيدون حكومة "طالبان"، في اجتماع عقدوه في كابول بتاريخ 31 مارس/ آذار الماضي، بفتح أبواب المدارس للبنات. واعتبروا أن ما قررته حكومة "طالبان" غير مناسب، ولا أساس شرعياً وقانونياً له، ودعوها إلى التحرك بسرعة من أجل إعادة النظر في القرار.

طلاب وشباب
التحديثات الحية

وقال عالم الدين الذي يتمتع بنفوذ كبير في أوساط "طالبان" محمد نور إبراهيمي في الاجتماع: "إذا كانت الأجواء مهيأة، وتراعي البنات الحجاب الشرعي، فالتعليم حق لهن، والشريعة الإسلامية لا تخالف تعليمهن بل تشجعه، ويجب أن تعيد طالبان بالتالي النظر في القرار الذي يعني مستقبل شريحة كبيرة من المجتمع".
أيضاً، قال الملا عبد المتين في الاجتماع: "تعليم البنات أمر يقرّه الدين والشريعة، ولا يستطيع أحد أن يغلق أبواب المدارس أمام هذا الحق". واعتبر عالم الدين الملا عبد الشكور أنّ "الأجواء مهيأة لتعليم الفتيات وفق الشريعة الإسلامية والأعراف القبلية، لذا نرى أن لا مبرر لحرمان البنات هذا الحق، ونطالب طالبان بأن تتخذ خطوات عاجلة في هذا الشأن".
وفيما تستند "طالبان" دائماً إلى الشريعة الإسلامية في اتخاذ قراراتها وتتأثر بآراء علماء الدين، تقول الناشطة الأفغانية ثريا فهيم لـ"العربي الجديد": "مهما قلنا ورفعنا الصراخ، لا يمكن أن تسير أفغانستان إلى الأمام من دون تعليم الفتيات، خاصة أننا نعيش في عالم مليء بالعلم والثقافة والتكنولوجيا. وما يحصل أنّ طالبان لا تستمع لنا، وتظن أن جميع الذين ينادون بتعليم البنات من دعاة الثقافة الغربية، لذا يصبح صوت علماء دين من داخلهم أكثر أهمية، ونأمل أن تتحرك طالبان في اتجاه تعليم الفتيات قبل أن تضيع هذه السنة الدراسية أيضاً، على غرار ما حصل خلال سنتين سابقتين بسبب جائحة كورونا والتطورات التي شهدتها البلاد.
وبسبب الضغوط الشديدة التي تمارس على منظمي التظاهرات التي تطالب بفتح مدارس البنات ومنع وسائل الإعلام من تغطية أي تظاهرة في هذا الشأن، خاصة تلك التي تنظمها النساء، تعقد الناشطات اجتماعات في منازل من أجل تداول الآراء بعيداً من أنظار وسائل الإعلام، وطالب آخرها، الذي عقد في كابول في27 مارس/ آذار الماضي الجاري بإشراف منظمة النساء من أجل الصلح والأمن، بأن تعيد "طالبان" النظر في القرار، وتسمح للبنات بمواصلة الدراسة.

الصورة
"طالبان" معنية بمستقبل شريحة كبيرة في أفغانستان (أحمد ساحل أرمان/ فرانس برس)
"طالبان" معنية بمستقبل شريحة كبيرة في أفغانستان (أحمد ساحل أرمان/ فرانس برس)

واعتبر البيان الذي أصدره المجتمعون وبينهم عدد كبير من طالبات المدارس الثانوية وأساتذة هذه المدارس، إلى جانب عدد كبير من الناشطات والمهتمات بتعليم البنات، أن مستقبل أفغانستان رهن بقرار طالبان.
وقالت المعلمة في مدرسة للبنات بكابول عابده مجيدي، التي شاركت في الاجتماع لـ"العربي الجديد": "الوفاء بالعهد من ضمن بنود الإسلام وأصوله، وهو ما يجب أن تفعله طالبان بعدما تعهدت فتح مدارس البنات، ثم تراجعت بحجة أن الأجواء غير مهيأة. ونطالبها بأن تتخذ خطوات تقرّها الشريعة الإسلامية على صعيد تعليم البنات".
أما الأمينة العامة لمنظمة النساء من أجل الصلح جميلة صافي فتتحدث، لـ"العربي الجديد"، عن أن "منع البنات من التعليم يخالف الدين وكل الأعراف الدولية والمحلية، والمجتمع الأفغاني الإسلامي يريد تعليم الفتيات في ضوء الشريعة الإسلامية".
ويعتبر السماح بتعليم البنات بين المطالب الدولية المهمة للاعتراف بحكومة "طالبان". وعلّق البنك الدولي مشاريع تنموية عدة في أفغانستان للاحتجاج على منع "طالبان" البنات من التعليم. وقالت مبعوثة الأمم المتحدة في أفغانستان ديبورا ليونز، خلال لقائها الرئيس الأفغاني السابق حميد كارزاي في كابول في 31 مارس/ آذار الماضي، إن "تعليم البنات بين أولويات العالم، ويجب أن تعيد طالبان النظر في الموضوع". وشكر كارزاي، بحسب بيان أصدره مكتبه، الأمم المتحدة وكل من يهتم بتعليم البنات في أفغانستان، وأكد أن تعليم البنات مطلب للشعب الأفغاني يوافق أصول الشريعة الإسلامية والأعراف الأفغانية.
أما نائب الناطق باسم "طالبان" عضو اللجنة الثقافية بلال كريمي، فيقول لـ"العربي الجديد": "لا تؤمن الحركة بحرمان البنات من التعليم، وقرارها مؤقت وستسمح قريباً بفتح المدارس فوق الصف السادس وفق الشريعة الإسلامية والأعراف الأفغانية.

طلاب وشباب
التحديثات الحية

وكانت حكومة الحركة وعدت قبل بدء العام الدراسي بالسماح بفتح مدارس البنات كلها من دون استثناء، لكن مع حلول العام الدراسي في 23 إبريل/ نيسان الجاري، نص مرسوم أصدره زعيمها الملا هيبة الله أخوند على إرجاء قرار فتح مدارس البنات بعد الصف السادس، ما أثار استياء الشعب الأفغاني والمجتمع الدولي.

المساهمون