مواجهة بين الحوثيين وصالح... في الجيش اليمني

مواجهة بين الحوثيين وصالح... في الجيش اليمني

26 فبراير 2015
عزلة سياسية ودبلوماسية تحاصر الحوثيين في صنعاء (الأناضول)
+ الخط -
يبدو أنّ جماعة "أنصار الله" (الحوثيون)، في اليمن، أصبحت في وضع لا تُحسد عليه، على عكس صعودها المفاجئ العام الماضي، من الهامش إلى القمّة، بعد انفجار الوضع عسكرياً في الضاحية الغربيّة لصنعاء، بينها وبين قوات النخبة في الجيش اليمني، المحسوبة على الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في ظلّ عزلة إقليميّة ودوليّة باتت مفروضة على سلطاتها الانقلابية في صنعاء.

وتقول مصادر عسكرية، لـ"العربي الجديد"، إنّ المواجهات التي اندلعت حول مقر قيادة "قوات العمليات الخاصة"، في المدخل الغربي الاستراتيجي للعاصمة، مساء الثلاثاء وحتى فجر أمس الأربعاء، توقّفت إثر وساطة قادها وزير الدفاع المكلف من الجماعة اللواء محمود الصبيحي، وقائد قوات الاحتياط، اللواء علي الجائفي، ونائب رئيس الأركان المنتمي للحوثيين، زكريا الشامي. وتوضح أنّ "توجيهات الوزير قضت بتسليم حراسة بوابة المعسكر إلى مسلحي الجماعة، وهو ما حدث بعد ساعات من المواجهات، التي لا يُستبعد تجددها في الساعات أو الأيام المقبلة".

إقرأ أيضاً: تهدئة حول معسكر القوات الخاصة بصنعاء وهجوم عليه بعدن

ويأتي اندلاع المواجهات على خلفيّة رفض قوات العمليات الخاصة وضع حراسة من الحوثيين، بعد أيام على اشتباكات متقطّعة شهدها محيط القوة. ولم يكن جديداً سعي الحوثيين لوضع حراسة على المعسكر، إذ تسلّم مسلحو الجماعة منذ سيطرتهم على صنعاء في سبتمبر/ أيلول الماضي، حراسة العديد من المعسكرات، لكنّ الجديد إبداء الجيش رفضه، على الرغم من أنّ "اللجنة الثورية" للحوثيين أصبحت سلطة الأمر الواقع العليا في صنعاء، وتعقد اجتماعاتها في القصر الجمهوري.
وتُعدّ "قوات العمليات الخاصة"، من أهم فروع الجيش اليمني، وتصنّف على أنّها "قوات النخبة" المدرّبة على حروب العصابات، وكانت أحد فروع قوات الحرس الجمهوري، التي كان أحمد علي عبد الله صالح، نجل الرئيس السابق، يقودها، ولا يزال ولاء أفرادها له إلى حدّ كبير.

وتحرص وسائل الإعلام التابعة لحزب المؤتمر، الذي يرأسه صالح، على تغطية المواجهات، باعتبارها اعتداءً من مليشيا على معسكر للجيش، فيما بدا محاولة من الحزب، المتّهم بدعم الحوثيين خلال الفترة الماضية، لتظهير موقف مختلف داعم لمعركة عسكريّة ضد الحوثيين، تنطلق من معسكرات الاحتياط (الحرس الجمهوري سابقاً)، التي ترابط العديد من وحداتها على مداخل صنعاء. وبدا لافتاً ‏أنّ الحوثيين كانوا أقلّ حماسة في تناول أنباء المواجهات حول معسكر "القوات الخاصة"، على عكس وسائل الإعلام المحسوبة على المؤتمر.

دعوات للحياد
وكان ناشطون في حزب "المؤتمر"، قد أطلقوا دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، للوقوف إلى جانب "الجيش"، وهو توجّه يبدو أنّه مرشّح للتصاعد خلال الفترة المقبلة، على الرغم من أنّ الحزب كان الأقرب إلى الحوثيين خلال الفترة الماضية. ويبدو افتراق الطرفين نتيجة طبيعيّة على ضوء التطوّرات الأخيرة، إذ زالت أبرز العوامل التي جمعت الطرفين ضدّ الخصوم، وصولاً إلى وضع جماعة الحوثي والموقف منها محلياً وإقليمياً. ولم تتأخّر "الهيئة الوطنية للحفاظ على القوات والأمن"، والتي يعتبرها البعض نواة مجلس عسكري غير معلن، في إصدار بيان، دعت فيه كافة منتسبي الجيش والأمن إلى أن "يكونوا محايدين في كافة الصراعات السياسية، وأن يدافعوا ببسالة عن مناطقهم ومعسكراتهم من أي اعتداءات قد تحدث من أي طرف"، مطالبة جماعة الحوثي بالتوقف الفوري عن الاعتداءات على المعسكر.
تصعيد حوثي
في موازاة ذلك، لا يزال غير واضح سرّ تصعيد الحوثيين ضد "القوات الخاصة"، وتدشينهم معركة مع المحسوبين على صالح، في وقت أصبحت الجماعة أحوج ما تكون إلى حلفاء. وفيما تذهب آراء محللين إلى أنّ الحوثيين يسعون إلى ترسيخ سيطرتهم على صنعاء، استعداداً لأي خيارات خارجها، لا يستبعد آخرون أن يكون التصعيد "مفتعلاً" من الجيش، على أن يمهّد لتحرّك مختلف المعسكرات في مداخل العاصمة ومحيطها للسيطرة على الوضع.


إقرأ أيضاً: 60 مليار دولار ثروة الرئيس اليمني المخلوع صالح

وأعقبت هذه التطورات، أمس الأربعاء، سيطرة الحوثيين على لواء "الدفاع الساحلي" في محافظة الحديدة، غرب اليمن، بعد اشتباكات مع أفراد اللواء وسقوط عدد من القتلى والجرحى. وتوضح مصادر، لـ"العربي الجديد"، أنّ "معظم المنتمين للواء هم من الجنوب، وكانوا يفكرون بالانتقال إلى عدن، لكنّ ضعف الترتيبات مع قيادة المنطقة العسكرية الرابعة في عدن، التي تجاهلت تحركات أفراد اللواء، ساهمت في سيطرة الحوثيين على اللواء.

في موازاة ذلك، يبدو واضحاً أنّ مغادرة هادي صنعاء، وإعلان عودته رئيساً من عدن، يشكّل ضربة قاصمة للحوثيين، دفعتهم إلى خطوات تعكس مأزق الجماعة، في ظلّ الرفض المحلي والحصار الإقليمي والدولي المفروض على سلطتها الانقلابية في صنعاء. وكان آخر قرارات الحوثيين المثيرة، إعلان هادي "مطلوباً للعدالة"، وإحالة ملف يتضمّن اتهامات ضدّه إلى النيابة.