عين العرب بين طموحات "داعش" وصالح المسلم

عين العرب بين طموحات "داعش" وصالح المسلم

avata
أنس الكردي
صحافي سوري مقيم في تركيا. من فريق موقع العربي الجديد قسم السياسة.
08 نوفمبر 2014
+ الخط -

مضى أكثر من ستة أسابيع على بدء المعارك في مدينة عين العرب، في أقصى الشمال الشرقي لمحافظة حلب، بين مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وعناصر "وحدات الحماية الشعبية"، الجناح المسلّح لحزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي السوري، مدعومة بطائرات من التحالف الدولي، ومقاتلين من "الجيش الحر"، ومن قوات "البيشمركة" الكردية العراقية أخيراً، والتي عبرت إلى المدينة بموافقة الحكومة التركية. ومنذ ذلك الحين بقي الوضع على حاله، فأي تقدّم لـ"داعش"، لا يلبث أن يتم صده بمساندة الغارات الجوية، لتكون المراوحة وحالة الاستعصاء هي السمة الوحيد الطاغية على المكان.

ولم يعد خافياً على أحد طموحات مقاتلي التنظيم في السيطرة على المدينة، التي تحولت إلى أيقونة للصمود، بسبب الحشد الدولي الذي حظيت فيه، في ظل محدودية الخيارات، المتمثلة بتجاهل التحالف الدولي إرسال قوات برية تطرد التنظيم من المدينة، ورفض تركيا معها أن تكون الطرف الرئيسي الذي يحارب عن وجود الأكراد في عين العرب.

وترفض أنقرة المشاركة، كي لا يستفيد المقاتلون الأكراد من الدعم الدولي، وتقوى شوكتهم ضد الحكومة التركية وتكبر معها أحلامهم في الانفصال، بينما يستميت "داعش" أكثر في السيطرة على ثالث أهم مدينة للأكراد في سورية، والتي تُشكّل أهمية كبيرة للتنظيم، لوقوعها على الحدود السورية التركية بما يشكل شريطاً جغرافياً، كونها تفصل مناطق سيطرته في ريف حلب الشمالي والممتدة حتى ريف الرقة الشمالي.

وتُعتبر عين العرب "عقدة" مواصلات إلى الشمال والجنوب والشرق والغرب، سواء على الحدود التركية أو العراقية. كما أراد "داعش" استباق المعارك مع الأكراد في سورية، كي لا يلدغ من الجحر ذاته، كما حصل معه في العراق.

في المقابل يبدو أن حزب "الاتحاد الديمقراطي" بزعامة صالح مسلم (جناح حزب العمال الكردستاني)، مستمرّ في تخبّطه، وسط مخاوف من سقوط المدينة، فيما يبدو وكأن المسلم يسعى إلى مجد شخصي، في ظل سيطرة مقاتلي التنظيم على أكثر من 60 في المائة من المدينة، ونزوح أكثر من 200 ألف منها، ورفضه التدخل التركي، وتقييد دخول أعداد كبيرة من "الجيش الحر" و"البيشمركة".

ومع دخول عناصر من "البيشمركة" و"الجيش السوري الحر"، شهدت المدينة شكلاً نوعياً في المعارك. إذ استهدف مقاتلو "البيشمركة" قواعد التنظيم الواقعة نحو ستة كيلومترات، شرق المدينة، بصواريخ بعيدة المدى، وذلك للمرة الأولى منذ بدء هجوم التنظيم على المدينة، كما شهدت الإصابات في صفوف الأكراد تراجعاً عن المعدل المعتاد، بسبب القصف الذي بدا عشوائياً على معاقل "داعش"، وهو ما أدى إلى حالات ارتباك كبيرة في صفوفه. وبالتزامن مع هذه التطورات، اتبع كل من طرفي النزاع استراتيجية مشابهة إلى حدٍّ ما، لصرف النظر عن الاستقطاب الدولي الذي تشهده عين العرب.

بدأ "داعش" يُترجم استراتيجيته قبل نحو أسبوع، عندما فتح للمرة الأولى منذ إعلانه "الخلافة الإسلامية" معركة ثانية في آن واحد، وهذه المرة ضد القوات النظامية السورية في ريف حمص، وتمكن من السيطرة على أهم حقول النفط والغاز في حقلي شاعر وجحار، وبدأ هجوماً على مطار التيفور العسكري، عبر سيارة مفخخة وقصف بالصواريخ والقذائف، بالتزامن مع الحفاظ على مواقعه في عين العرب.

أما "وحدات حماية الشعب" الكردية، فكثفت قبل أياماً عدة المعارك في مدينة رأس العين، شمال شرقي سورية، لتخفيف الضغط عن عين العرب. وبحسب تصريحات أحد قياديي الجبهة الغربية لـ"قوات الحماية" هناك، فإن الهدف جاء "من أجل فتح ممر آمن ما بين مقاطعة الجزيرة ومقاطعة عين العرب".

وربما هذا الهدوء وصرف النظر قليلاً عن المدينة لم يشكل مشكلة لدى "داعش"، والذي بقي يسيطر على الجزء الأكبر من المدينة بشهادة القيادي في المعارضة السورية المسلحة عبد الجبار العكيدي، والذي قال في تسجيل مصور إن "تنظيم داعش يسيطر على أكثر من 60 في المائة من المدينة".

ويتبيّن من حديث العكيدي، أن هناك رغبة من قبل حزب "الاتحاد الديمقراطي" (جناح حزب العمال الكردستاني)، ألا يدخل" الجيش الحر" بمجموعات كبيرة، كي لا يشكل قوة ضخمة يكون لها دور في حسم المعركة ولا حتى قوات "البيشمركة". وبحسب القائد الميداني "كان هناك قرار بإرسال قوة مؤلفة من 1300 مقاتل، ولكن عندما جئنا واستطلعنا الوضع في عين العرب، تبين لنا أننا لا نحتاج إلا إلى 200 مقاتل".

ويتطابق ذلك مع كلام وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو، الذي اعتبر أن "حزب الاتحاد الديمقراطي (جناح العمال الكردستاني في سورية) رفض عرض أربيل بإرسال ألفي مقاتل إلى المدينة، وطالب بتخفيض العدد إلى 150 عنصرا".

ربما يريد الحزب بقيادة صالح المسلم، أن يظهر قوة كبرى استطاعت طرد تنظيم، أضحى يُعرف بقوته على مستوى العالم، وسيحقق له ذلك قوة دعائية كبرى، مع أنه بنظرة أعمق، يبدو التحالف الدولي و"داعش" هما المستفيدان الأكبر من الهائلة الإعلامية للمدينة.

فالتحالف أضحى يعرف أنه هو من يمنع سقوط عين العرب، بل إن الاستقبالات الشعبية الكردية للقوافل المتجهة إلى عين العرب في المناطق التركية، وصلت إلى حد الهتاف "عاش (الرئيس الأميركي باراك) أوباما"، بينما تعطي الحالة الهجومية المستمرة للتنظيم على المدينة منذ أكثر من شهر ونصف، في ظل حربه مع التحالف ووحدات الحماية ومقاتلي الجيش الحر، صورة أسطورية عن قوته، تجعله يستقطب مزيداً من المقاتلين من جميع أرجاء العالم، بحجة أنه تنظيم لا يقهر، وهذا ما أدى إلى أن تقفز التقديرات غير الرسمية لمقاتلي التنظيم، من ستة آلاف مع سيطرته على مدينة الموصل قبل نحو أربعة أشهر، إلى عشرات الآلاف حتى الآن.

وكانت الحكومة التركية قد اشترطت منذ البداية على صالح المسلم ثلاثة شروط لبدء الدعم العسكري في معركة عين العرب، أولها وقف التعاون والتنسيق مع النظام السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد، وثانيها إنهاء إعلان الحزب مناطق الإدارة الذاتية في كل من عين العرب، وعفرين، والقامشلي، قبل التشاور مع باقي الأطراف في المعارضة السورية، وعدم القيام بأية خطوات تهدد الأمن على الحدود السورية التركية.

رفض المسلم المطالب التركية، كما يرفض اليوم حلاً قد يبدو إسعافياً، والمتمثل بعرض أربيل دخول ألفي مقاتل، مطالباً تخفيضه إلى 150، من دون تقديم استراتيجية أو حل ينقذ المدينة المعرّضة للسقوط، معتمداً على الولايات المتحدة.

مع العلم أن واشنطن بدأت منذ زمن تمهد للسقوط على لسان وزير خارجيتها جون كيري، الذي قال "على الرغم من الأزمة في عين العرب، فإن الأهداف الأصلية لجهودنا هي مراكز القيادة والسيطرة والبنية الأساسية، ونحن نسعى إلى حرمان داعش من القدرة الكاملة على شن هجمات، ليس في عين العرب فقط ولكن في جميع أرجاء العراق وسورية".

ذات صلة

الصورة
تشييع رائد الفضاء السوري محمد فارس في أعزاز، 22 إبريل 2024 (العربي الجديد)

سياسة

شيّع آلاف السوريين، اليوم الاثنين، جثمان رائد الفضاء السوري اللواء محمد فارس إلى مثواه الأخير في مدينة أعزاز، الواقعة ضمن مناطق سيطرة المعارضة السورية.
الصورة
حال صالات السينما في مدينة القامشلي

منوعات

مقاعد فارغة، وشاشة كبيرة نسيت الألوان والحركة، وأبواب مغلقة إلا من عشاق الحنين إلى الماضي؛ هو الحال بالنسبة لصالات السينما في مدينة القامشلي.
الصورة
تهاني العيد في مخيم بالشمال السوري (العربي الجديد)

مجتمع

رغم الظروف الصعبة يبقى العيد حاضراً في حياة نازحي مخيمات الشمال السوري من خلال الحفاظ على تقاليده الموروثة، في حين ترافقهم الذكريات الحزينة عن فقدان الأحبة
الصورة
صلاة عيد الفطر في المسجد الكبير بمدينة إدلب (العربي الجديد)

مجتمع

أبدى مهجرون من أهالي مدينة حمص إلى إدلب، شمال غربي سورية، سعادتهم بعيد الفطر، وأطلقوا تمنيات بانتصار الثورة السورية وأيضاً أهل غزة على الاحتلال الإسرائيلي.

المساهمون