هكذا خسر النظام السوري آخر معاقله بريف إدلب

هكذا خسر النظام السوري آخر معاقله بريف إدلب

17 ديسمبر 2014
يخشى النظام سقوط معسكر القرميد الأخير بريف إدلب(فرانس برس)
+ الخط -

تمكّنت قوات المعارضة السوريّة و"جبهة النصرة" من بسط سيطرتها الكاملة، منتصف ليل الإثنين ــ الثلاثاء، على جميع معسكرات النظام السوري الواقعة في ريفَي إدلب الشرقي والجنوبي، بعد أكثر من سنتين من المحاولات الفاشلة للسيطرة عليها. وبسطت قوات المعارضة السوريّة سيطرتها على معسكر وادي الضيف، الواقع شرقي مدينة معرّة النعمان، أكبر مدن ريف إدلب، وعلى معسكر وتجمّع الحامدية الواقعين على جانبي أوتوستراد حلب ــ دمشق الدولي في ريف إدلب الجنوبي، ليفقد النظام السوري بذلك، السيطرة بشكل نهائي على ريفي إدلب الجنوبي والشرقي، بعد أكثر من سنتين من فقدانه السيطرة الكاملة على ريف إدلب الشمالي ومناطق جبل الزاوية.

وكانت قوات المعارضة، المتمثلة بقوات "الجبهة الإسلامية" والفرقة الثالثة عشرة، التابعة للجيش السوري الحر، إلى جانب "جبهة النصرة"، قد شنّت هجوماً واسعاً وغير مسبوق على معسكر وادي الضيف، الممتد على الوادي الذي يبلغ طوله أكثر من عشرة كيلومترات، إلى الشرق من مدينة معرة النعمان، بدءاً من صباح الأحد، لتندلع اشتباكات عنيفة في المنطقة، تمكنت قوات المعارضة خلالها من قتل أكثر من أربعين ضابطاً ومجنداً من قوات النظام السوري، وتدمير دبابتين وعربة ناقلة للجند بصواريخ "تاو" الأميركيّة الصنع. وانتهت الاشتباكات بسيطرة قوات المعارضة و"جبهة النصرة"، مساء الأحد الماضي، على حواجز المداجن والزعلانة والضبعان والراعي، الواقعة جميعها في محيط وادي الضيف، بالإضافة إلى تمكّنها من السيطرة على دبابتين لقوات النظام في نقطة عين قريع، جنوبي وادي الضيف.
ولم تجد قوات النظام المتبقية في معسكر وادي الضيف، أمامها إلا خيار الانسحاب، منتصف ليل الأحد، من المعسكر نحو تجمع الحامدية، الواقع إلى الغرب من أوتوستراد حلب ــ دمشق الدولي، مستفيدةً من خطة عسكريّة، وضعتها "جبهة النصرة" وفصائل المعارضة، قضت بحصار قوات النظام في المعسكرات التي تتم مهاجمتها بطريقة الصندوق المفتوح، من ثلاث جهات، ليلي انسحابَ قوات النظام من معسكر وادي الضيف، إعلانُ قوات "جبهة النصرة" وحركة "أحرار الشام"، بسط سيطرتها الكاملة على المعسكر، صباح يوم الإثنين الماضي.

وتميّز انسحاب قوات النظام من معسكر وادي الضيف، بحالة من العشوائية والفوضى وعدم التنسيق مع قيادة قوات النظام. وفي سياق متّصل، يصف الناشط المعارض مروان الإدلبي انسحاب قوات النظام من المعسكر، بـ"عمليّة هروب كيفية للعناصر، من دون أيّ تنظيم، إلى درجة أنّ مروحيات النظام رمت كميّات من الطعام والذخيرة بالمظلات على معسكر وادي الضيف، بعد أن كانت قوات "النصرة" و"أحرار الشام" قد بسطت سيطرتها عليه". ويقول إنّ "قوات النظام قد تأخرت في إمداد قواتها في وادي الضيف حتى صباح الإثنين، بسبب تردّي الأحوال الجويّة التي منعت الطيران التابع لقوات النظام من المشاركة في التصدّي لهجوم قوات المعارضة في اليوم السابق".
وبعد ظهر الإثنين الماضي، بدأت قوات النظام عمليّة انسحاب عشوائي من منطقة تجمّع الحامدية، الواقعة إلى الغرب من أوتوستراد حلب ــ دمشق الدولي، نحو معسكر الحامدية ومنطقة بسيدا، إلى الشرق من الأوتوستراد، لتبسط قوات المعارضة السورية و"جبهة النصرة" سيطرتها الكاملة على الأوتوستراد الدولي، قبل أن تبدأ هجومها على معسكر الحامدية في ظلّ انهيار كامل في معنويات قوات النظام، التي تجمّعت في المعسكر، وبلغ عددها بحسب مصادر المعارضة السوريّة، أكثر من سبعمائة عنصر، ثلاثمائة منهم تمكّنوا من الانسحاب من معسكر وادي الضيف نحو معسكر الحامدية.

ونتيجة ضغط قوات المعارضة و"النصرة"، سارعت قوات النظام السوري في معسكر الحامدية إلى الانسحاب تدريجياً نحو الجنوب، باتجاه نقطتي بسيدا ومعر حطاط، في عملية إخلاء عشوائي لحواجزها، مخلّفة وراءها أكثر من ثلاثين دبابة، يعاني معظمها من أعطال ومشاكل في التشغيل، بالإضافة إلى مئات الآليات المتنوّعة الأخرى.
وعلى الرغم من تجمّع القوات النظامية في نقطتي بسيدا ومعر حطاط، في محاولة للهرب منها باتجاه مدينة مورك في ريف حماة، الخاضعة لسيطرة النظام، لكنّ نجاح لواء "فرسان الحق"، التابع للجيش الحر في تدمير دبابتين بصاروخين استهدفا نقطة بسيدا، أدى إلى عمليات فرار عشوائيّة لقوات النظام. واستفادت قوات المعارضة من حالة الفوضى، التي ميّزت انسحاب قوات النظام، لنصب الكمائن للمجموعات المنسحبة. وأعلنت المعارضة تمكنها من قتل خمسة عشر جندياً وإعطاب مدرعة ناقلة للجند في تلة سيدي جعفر، شمالي مدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي، كما أعلنت قتل أكثر من عشرين جندياً من قوات النظام في منطقة ربع الجور القريبة، بالإضافة لسيطرتها على مدرعة ناقلة للجنود هناك.

وتمكّنت قوات المعارضة وجبهة "النصرة" من السيطرة على ريفي إدلب الشرقي والجنوبي بشكل كامل، وجميع حواجز ومعسكرات قوات النظام في المنطقتين. وتخلّل ذلك أسر أعداد كبيرة من جنود قوات النظام، بلغت وفق تقديرات الناشطين المحليين، أكثر من مئتي جندي وقعوا في قبضة قوات المعارضة وجبهة النصرة، في مقابل ما يناهز مئة وخمسين قتيلاً آخرين من قوات النظام.
وتأتي سيطرة قوات المعارضة على المعسكرات الكبرى لقوات النظام، بعد أكثر من سنتين من الهجمات التي انتهت بالفشل، بسبب شراسة قوات النظام في الدفاع عن أكبر معسكراتها في الشمال السوري. وكانت قوات الجيش السوري الحر المتمثلة بجبهة "ثوار سورية"، بالإضافة إلى ألوية "صقور الشام" وغيرها، قد فرضت حصاراً طويلاً في العامين الماضيين، استمر لأشهر على معسكرات قوات النظام في المنطقة، وهاجمتها مرات عدّة من دون أن تتمكن من السيطرة عليها.

ولم يتبقَ لقوات النظام السوري في ريف إدلب، إلا بلدتا الفوعة وكفريا، المواليتان والواقعتان إلى الشمال مباشرة من مدينة إدلب، الخاضعة لسيطرة قوات النظام، بالإضافة إلى سيطرتها على منطقة المسطومة ومدينتي أريحا وجسر الشغور على أوتوستراد إدلب ــ اللاذقية، آخر خطوط إمداد قوات النظام إلى مدينة إدلب.
وتحتفظ قوات النظام السوري أيضاً، بالسيطرة على معسكر القرميد الواقع إلى الشرق مباشرة من مدينة إدلب، وهو المعسكر الذي يمكن أن يكون هدف المعارضة المقبل، بعد تمكّنها من القضاء على معسكرات قوات النظام في وادي الضيف والحامديّة، وخصوصاً أنّ سقوط معسكر القرميد سيعني خلو مناطق سيطرة المعارضة وجبهة النصرة في ريف إدلب من أي تواجد لقوات النظام على الإطلاق.

المساهمون