رسائل "الكاتيوشا" ببغداد: إعلان رفض للحوار الاستراتيجي مع واشنطن

رسائل "الكاتيوشا" في بغداد: إعلان رفض للحوار الاستراتيجي مع واشنطن

16 يونيو 2020
الهجمات لم تسفر عن خسائر بشرية بالقوات الأميركية(مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -
بعد هدوء دام لأكثر من شهر، عادت الهجمات الصاروخية مجددا إلى صدارة المشهد الأمني في العاصمة بغداد، إذ شهدت أربع هجمات بصواريخ كاتيوشا خلال أقل من أسبوع واحد، طاولت السفارة الأميركية ومطار بغداد الدولي وقاعدة التاجي العسكرية، التي تستضيف قوات أميركية 
شمالي بغداد.

ولم تسفر أي من تلك الهجمات عن خسائر بشرية في صفوف القوات الأميركية أو العراقية.

وقال مسؤولون عراقيون إن عودة هجمات الكاتيوشا رسائل من مليشيات موالية لإيران ترفض الحوار مع واشنطن، وتحاول إحراج رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، الذي ألزم نفسه بتعهد بحماية المصالح الأميركية في العراق، بحسب البيان الختامي لجلسة الحوار الأولى التي جرت الخميس الماضي، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة بين الجانبين العراقي والأميركي. 

وأكدت مصادر حكومية عراقية مطلعة، لـ"العربي الجديد"، أنه وفقا للتحقيقات والمعلومات الأولية، فإن عمليات القصف الصاروخي في بغداد تقف خلفها فصائل مسلحة موالية لطهران، وعادت إلى هذه العمليات بعد انقطاع دام لأسابيع طويلة، لإيصال رسائل رفض للحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن.

واعتبر عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، كاطع الركابي، عودة عمليات القصف الصاروخي في العاصمة بغداد أنها "من الممكن جدا أن تكون لها علاقة وربط بقضية الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن"، مؤكداً، في حديث لـ"العربي الجديد"، وجود "أطراف كثيرة رافضة لهذا الحوار ورافضة لاستمراره، بل هناك فتوى صدرت من بعض علماء الدين بحرمة وعدم جواز استمرار هذا الحوار، وحرمة الحوار مع الولايات المتحدة الأميركية". 

وبين الركابي أن "عمليات القصف هي رسائل للجانب الأميركي والحكومة العراقية لبيان وإعلان أن هناك معارضة للحوار الاستراتيجي، خصوصاً أن هذه العمليات لها تأثير بكل تأكيد على قضية الحوار، حتى وإن كان تأثيرها ليس بكبير".

وأضاف: "ربما تستفيد الحكومة العراقية من هذه العمليات للتخلص من بعض الضغوطات الأميركية، لتبرير بعض المواقف الحرجة مع الولايات المتحدة، كما أن حسم هذا الملف من قبل الحكومة العراقية ليس سهلا، بل يحتاج إلى وقت، ولا يمكن حله بالقوة والسلاح، بل تجب معرفة الجهات التي تقف خلف عمليات القصف، وحل الأمر معها بالحوار، لمعرفة ما تريد وما هي أهدافها"، وفقا لقوله.

من جانبه، قال القيادي بمليشيا "العصائب" سعد السعدي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنهم يجهلون من يقف خلف عمليات القصف الصاروخي، مضيفا: "لا نعرف أيضا الهدف من ذلك، وهل لها علاقة بقضية الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن. لكن نعتقد أن هذه العمليات ليس لها أي تأثير على قضية انسحاب القوات الأميركية، خصوصاً أن هذه الهجمات بسيطة وليست قوية حتى يكون لها تأثير". 

اما الخبير في الجماعات المسلحة العراقية هشام الهاشمي فقال، في اتصال مع "العربي الجديد"، إن "خلايا الكاتيوشا التابعة لمجموعات تنتمي للفصائل الولائية الشيعية أعلنت صراحة رفضها للحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، وأوضحت اعتراضها على صفات المحاورين العراقيين وأصدرت بيانات موقعة بهذا الشأن".

وذكر الهاشمي أن "هذه المجموعات سبق أن تبنت هجوما عنيفا على معسكر التاجي وبسمايا، في مارس/ آذار الماضي، والحكومة أخذت موقفا متشددا، ووصفت هذه المجموعات بالخارجة عن القانون، لكن لا تزال الإرادة السياسية غير جادة في محاسبة هذا التمرد، بسبب دعم الأحزاب الشيعية لها، وأيضا صلاتها الواضحة مع الحرس الثوري الإيراني".

وأضاف الخبير في الجماعات المسلحة العراقية أن "قصة السلاح المنفلت لا ينتهي حتى تولد إرادة سياسية قوية تمكن القوات الأمنية والنظامية من تجريف هذه الجماعات الخارجة عن القانون".

في المقابل، كشفت قيادة العمليات المشتركة، اليوم الثلاثاء، عن تشكيل لجان للكشف عن مطلقي الصواريخ على عدد من المواقع في بغداد.

وقال الناطق باسم قيادة العمليات المشتركة اللواء تحسين الخفاجي، في تصريح صحافي للوكالة العراقية الرسمية، إن "العمليات المشتركة شكلت لجاناً لملاحقة الجهات التي تقوم بإطلاق هذه الصواريخ وتقديمها للعدالة"، لافتاً إلى أن "العمليات المشتركة مستمرة بالعمل بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية والاستخبارية".

وأكد الخفاجي أن "هذا الموضوع ليس سهلاً ويحتاج إلى دقة للتأكد من هوية من يقوم بهذه الأعمال، وأن اللجان بدأت بالعمل والنتائج سترفع إلى القائد العام للقوات المسلحة، وهو من يتخذ القرار"، مبيناً أن "هذه اللجان تشترك فيها جميع الأجهزة الأمنية والاستخبارية، وحسب توجيه القائد العام، وسيتم التحقيق في كل قاطع يقع فيه الخرق لمعرفة أسباب حدوثه".

وتابع أن "إطلاق الصواريخ هو تصرفات فردية لا تعكس نظرة الدولة في تطبيق القانون وفرض السيادة"، مؤكداً أن "الحكومة ماضية، وكذلك العمليات المشتركة، بعدم السماح بحدوث خروقات والحفاظ على هيبة الدولة".