الأزمة الأميركية تكبر... وما تحت السطح أعمق وأخطر

الأزمة الأميركية تكبر... وما تحت السطح أعمق وأخطر

12 يونيو 2020
مخاوف من رفض ترامب التسليم بنتائج الانتخابات بحال خسارتها(Getty)
+ الخط -
بسؤاله الخميس حول ما سيكون عليه الردّ لو خسر الرئيس دونالد ترامب الانتخابات ورفض مغادرة البيت الأبيض، قال المرشح الرئاسي الديمقراطي جو بايدن إنه "مقتنع تماماً بأنه (لو امتنع ترامب) سيخرج برفقة قوة عسكرية". جاء كلامه هذا بعد ساعات من اعتذار رئيس هيئة الأركان الجنرال مارك ميلي عن مرافقة الرئيس الأسبوع الماضي إلى الكنيسة المجاورة للبيت الأبيض، بعد طرد المتظاهرين بالقوة من المكان. اعترف بأنها كانت غلطة لأنها "بدت كأن الجيش يتدخل في الشؤون الداخلية". ضمناً بدا بتراجعه وكأنه يقول إن البيت الأبيض استدرجه ليوحي المشهد بأن العسكر يساند الرئيس في معاركه الداخلية ومنها الانتخابية. والمعروف أن خطوة الجنرال أثارت ضجة واسعة، خصوصاً من جانب مجموعة كبيرة من الجنرالات المتقاعدين، وعلى رأسهم وزير الدفاع السابق جيم ماتيس. وتردّد أنه على الأثر "فكّر بالاستقالة".

التزامن ولو بالصدفة، بين ما صدر عن بايدن وميلي، سلّط المزيد من الأضواء على موضوع عسكرة الأوضاع، والذي أخذ شحنة كبيرة من الزخم أثناء المواجهات بين الشارع والجهات الأمنية، على أثر مقتل الأميركي من أصل أفريقي جورج فلويد قبل حوالي أسبوعين. وفي هذا السياق يشار إلى ما يردده منذ فترة بعض المتخوفين من أزمة انتخابية كاسرة، بأن ترامب قد يرفض التسليم بنتائج الانتخابات لو فاز بايدن، ولن يغادر البيت الأبيض، خصوصاً إذا جاء فوز خصمه بفارق بسيط، بحيث يتذرع بعدم شرعية عملية التصويت أو التلاعب بعدّ الأصوات. ويقول المتخوفون، وخصوصاً خصوم الرئيس منهم، إن هذا الأخير قد يستقوي أو يظنّ أن بإمكانه الاستقواء بالقوات العسكرية والأمنية لدعم اعتراضه على النتائج، وبالتالي التشبث بالسلطة وعدم نقلها إلى خلفه. وهذا كلام مأخوذ على محمل الجدّ، ليس فقط على المستوى الإعلامي أو الحزبي الضيق، بل أيضاً على المستوى السياسي العالي.

قبل بايدن، تحدث وزير العدل السابق إريك هولدر بنفس اللغة لو رفض الرئيس ترامب مغادرة البيت الأبيض بعد خسارته المعركة. ومن هنا أهمية بيان الجنرال ميلي، الذي حرص على وضع فاصل بين الرئيس ووزارة الدفاع في المسائل الداخلية، وبالذات الانتخابية، وتأكيده غير المباشر أن مثل هذا الخطأ لن يتكرّر في هذا المجال. رسالته واضحة في هذا الخصوص. كما أنها تكشف عن عمق الخلافات، بل الخلل، في العلاقات داخل الإدارة، وتحديداً بين الرئيس وكلّ من وزير الدفاع مارك إسبر والجنرال ميلي بعد زيارة الكنيسة، وإصرار الرئيس على توريط بعض القوات العسكرية في التصدي للتظاهرات. وازداد التوتر في الأيام القليلة الماضية، بعد التباين العلني أيضاً بين العسكريين ومعهم محافظون في الكونغرس، وبين البيت الأبيض، حول الاستمرار بتسمية بعض الثكنات العسكرية بأسماء عدد من جنرالات الانفصال في الحرب الأهلية، الذين قاتلوا آنذاك دفاعاً عن العبودية. كما تزداد الضغوط بعد مقتل فلويد، لإزاحة النصب التذكارية لهم من بعض مدن الولايات الجنوبية. الرئيس ترامب يرفض تغيير الأسماء، على الرغم من شبه الإجماع على القيام بشيء من هذا النوع لتنفيس غضب الشارع، الأمر الذي أدّى إلى نكء الجرح العنصري الملتهب الآن أكثر من أي وقت مضى.
ويزيد من تردي الوضع أن جائحة كورونا عادت إلى الالتهاب من جديد، ومعها انتكست الحالة الاقتصادية كما كانت في إبريل/نيسان الماضي وأكثر، بعد أسبوع حمل مؤشرات بدت مشجعة. الإصابات عادت إلى الصعود في 19 ولاية، كما بقيت الوفيات في حدود الألف مع التوقعات بأن يصل مجموعها إلى حوالي 200 ألف مع أواخر سبتمبر/أيلول. تطورات وتقديرات أدت إلى خسارة البورصة الخميس لأكثر من 1800 نقطة، وتزايد البطالة بمليون ونصف المليون في الأسبوع الأخير، بحيث صار المجموع 44 مليوناً. أرقام جعلت البنك المركزي، الاحتياطي الفيدرالي، يستبعد عودة العافية إلى الاقتصاد قبل 2022. كلّ ذلك يحصل قبل 145 يوماً فقط على يوم الانتخاب الذي تتحدث عنه جهات عدة بكثير من الخوف المشروع.