الثورة السورية في أسوأ أعوامها

الثورة السورية في أسوأ أعوامها

15 مارس 2020
السوريون متروكون لمواجهة مصيرهم (عمر قدور/ فرانس برس)
+ الخط -
تُنهي الثورة السورية اليوم عامها التاسع، الذي يُعد من أسوأ الأعوام منذ قيامها في عام 2011، إذ تقلّص دور الهيئات التمثيلية للثورة إلى الحد الأدنى، حتى باتت من دون أي دور يذكر بعد تهميشها دولياً. أما فصائل المعارضة، التي بات أغلبها تابعاً لتركيا كونها الجهة الوحيدة التي تدعمها، فتقلّص حجم المناطق التي تسيطر عليها جغرافياً، من أكثر من 60 في المائة من مجمل مساحة سورية عام 2014 إلى أقل من 11 في المائة مع بداية عام 2020، قسمٌ منها تسيطر عليها "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً). كذلك شهد العام التاسع من الثورة أكبر وأسوأ موجة نزوح داخلي في تاريخها، إذ أجبر مليون ونصف المليون مدني خلال هذا العام على ترك بيوتهم والنزوح شمالاً، بعد حصرهم ضمن بقعة جغرافية ضيقة لا تتوفر فيها أدنى مقومات الحياة، وتركهم لمواجهة مصيرهم في البراري وبين أشجار الزيتون، وسط صمتٍ دولي مريب ترافق مع تراجع في عمل المنظمات الإنسانية وإغلاق تام للحدود مع تركيا.

كذلك شهد العام التاسع للثورة محاولة روسية لحسم الأمور عسكرياً، مع استغلال تراجع المواقف الدولية، وعدم الجدية في المضي بالعملية السياسية، فانقلبت موسكو على كل اتفاقياتها مع تركيا، وقادت النظام للقيام بعملية واسعة مكّنته خلالها من الاستيلاء على كل ريف إدلب الجنوبي ومعظم ريف حلب الغربي. وبسط النظام بذلك هيمنته على كل المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة وتقع شرقي الطريق الدولي حلب - دمشق، بالإضافة إلى بسط سيطرته على معظم المناطق التي كانت محسوبة على نفوذ المعارضة جنوبي الطريق الدولي حلب - اللاذقية.

واستغلت موسكو تخلي شركاء تركيا عنها في حلف شمال الأطلسي، وعدم اتخاذهم موقفاً جدياً إلى جانبها في مواجهة الانقلاب الروسي عليها، والذي وصل حدّ الإيعاز لقوات النظام بضرب نقطة تركية وقتل عناصرها، الأمر الذي سمح للروس بفرض اتفاق وقف إطلاق نار مبهم مع أنقرة، مكّنوا خلاله قوات النظام من الحفاظ على المناطق التي استولت عليها، على الرغم من الحشود العسكرية التركية الضخمة في إدلب، وكل التهديدات التركية للنظام بالانسحاب إلى حدود المناطق التي تقدّم منها.

ولكن على الرغم من كل التقدّم العسكري الميداني الذي قادت روسيا النظام لتحقيقه، إلا أن موسكو لم تتمكّن حتى الآن من الحسم النهائي من خلال القوة العسكرية، إذ لا تزال القضية السورية في انتظار تحرك دولي جدي، يفرض حلاً سياسياً وفق قرارات الأمم المتحدة، وهو الأمر الذي لا يزال غير واضح في المدى المنظور. 

المساهمون