الزبيدي مرشح للرئاسة التونسية: هل تقوده الحيادية لقصر قرطاج؟

الزبيدي مرشح للرئاسة التونسية: هل تقوده الحيادية لقصر قرطاج؟

31 يوليو 2019
رفض الزبيدي في فترات سابقة ترؤس الحكومة(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر حزبية لـ"العربي الجديد"، أن وزير الدفاع التونسي عبد الكريم الزبيدي حسم أمره بالترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، التي تنطلق في 15 سبتمبر/ أيلول المقبل. وأنهى الزبيدي فترة طويلة من التردد بهذا الخصوص، بدأت قبل وفاة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، وتواصلت حتى بعد توديعه، إذ أكدت المصادر أن عدداً من الشخصيات كانت تحاول إقناعه بذلك منذ فترة ولكنه بقي متردداً، كما كان الشأن إبان تشكيل الحكومات السابقة.

وبحسب المصادر، فإن عملية جمع التزكيات الضرورية لترشيح الزبيدي انطلقت بالفعل (10 نواب أو 10 آلاف توقيع)، وأن عدداً كبيراً من النواب الحاليين أبدوا استعدادهم لتزكيته، بالإضافة إلى أن عدداً مهماً من الشخصيات السياسية والاقتصادية المعروفة تؤيد الزبيدي وتبحث تشكيل فريق دعم لهذا الترشح، ومن بينها وزراء سابقون وقيادات في أحزاب من حساسيات مختلفة، ومستقلون.

والزبيدي من محافظة المهدية في الساحل التونسي، حاصل على دبلوم الدراسات والبحوث في البيولوجيا البشرية ودبلوم الدراسات المعمّقة في الفيزيولوجيا البشرية وشهادة الدكتوراه في الطب. شغل مناصب علمية متعددة قبل أن يكلف بمنصب كاتب دولة مكلفاً بالبحث العلمي والتكنولوجيا، ثم وزير للصحة قبل الثورة التونسية. وبعد الثورة مباشرة، تقلّد منصب وزير الدفاع واستمر فيه على الرغم من تغيّر رؤساء الحكومات، بسبب عدم انتمائه لأي حزب سياسي من جهة، وتشبّث المؤسسة العسكرية به من جهة أخرى. وتشير الكواليس إلى أنه تقدّم باستقالته أكثر من مرة للسبسي، الذي كان يرفضها كل مرة.


وعُرضت على الزبيدي رئاسة الحكومة التونسية قبل الحبيب الصيد وبعده، واتفق السبسي وزعيم حركة "النهضة" راشد الغنوشي بشأنه بسبب حياده، ولكنه كان يرفض في كل مرة، ويفسر بعض المقربين منه هذا الرفض بـ"زهد في المناصب خصوصاً بعد وفاة نجله".
وكشفت المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن هناك مناخاً من الثقة يدعم الزبيدي، في الداخل والخارج، في حين تحاول بعض الدوائر تصنيفه على أنه رجل أميركا في تونس، وأنه على خلاف مع الدوائر الفرنسية، وهو ما تنفيه المصادر لأن الزبيدي درس في فرنسا وعمل في مستشفياتها، لافتة إلى أن حادثة الحدود الأخيرة (دخول عدد من الفرنسيين المسلحين إلى تونس من دون ترخيص مسبق) ليست إلا حادثاً عابراً، يؤكد تشبثه بالسيادة الوطنية وضرورة احترام الأعراف الدبلوماسية، تم تجاوزه بسرعة ولا يمكن أن يكون معياراً لقياس العلاقات الدولية.

وفي تعليقه على ما تم تداوله بشأن إمكانية ترشح الزبيدي للانتخابات الرئاسية، قال الغنوشي لدى تقديمه ترشحه للانتخابات التشريعية إن "الزبيدي رجل وطني وخدم البلاد ونعتبره صديقاً"، مضيفاً أنه "مؤهل لهذا المنصب وعديدون غيره مؤهلون أيضاً، لكن الاختيار يبقى بيد الشعب التونسي"، وفق تعبيره.

وأكد الناشط السياسي المستقل، المرشّح للانتخابات الرئاسية عمر صحابو، أنّه سيسحب ترشحه في حال قرّر الزبيدي الترشح. وقال صحابو في تدوينة نشرها على صفحته في "فيسبوك": "كنت صرحت أخيراً بأن عبد الكريم الزبيدي في رأيي رجل المرحلة المقبلة، الأنسب والأفضل، فمن المنطقي إذاً أن أسحب ترشحي إذا قرّر الترشح".
وأكدت المصادر لـ"العربي الجديد" أن بعض المرشحين الآخرين قد ينسجون على منوال صحابو، وسيتراجعون عن ترشحهم بعدما أعلنوا نيّتهم ذلك.

ويرى المتحمسون لهذا الترشح أن الزبيدي يملك مواصفات عدة تؤهله للنجاح، فهو شخصية محايدة تحتاج إليها الساحة السياسية في هذا الوقت بالذات الذي يتسم بمناخ عدم ثقة واضح، ويستوجب شخصية مستقلة عن كل الحساسيات، وخصوصاً في موقع الرئاسة الذي تتلخص أهم صلاحياته في الدفاع والخارجية، ومسيرته في وزارة الدفاع ستيسر عليه مهمة مواصلة مكافحة الإرهاب والحفاظ على الأمن القومي، بالإضافة إلى أن قوة شخصيته واستقلاليته ستمكّنه من الوقوف على مسافة واحدة من الجميع ومن جمع الأطراف لحظة الأزمات، بالإضافة إلى أنه خبِر الدولة وعارف بحقيقة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإدارية.

في المقابل، يرى منافسوه الذين انطلقوا في شنّ هجومات عليه، أن طريقة مناشدة الزبيدي للترشح تذكّر بممارسات قديمة، وأن تقديمه في صورة "المخلّص" تحمل مغالطات كثيرة، من دون أن يقدّموا اتهامات كبيرة ضده على الرغم من طول مدة تقلّده المناصب في تونس.

المساهمون