جدل في صفوف "النهضة" التونسية بسبب قوائم الانتخابات التشريعية

جدل في صفوف "النهضة" التونسية بسبب قوائم الانتخابات التشريعية

18 يوليو 2019
أنصار الحركة يتدربون على الديمقراطية الداخلية (ناصر تليل/ الأناضول)
+ الخط -

خرج عدد من الشخصيات السياسية البارزة في حركة "النهضة" التونسية عن صمتها وعبّرت عن احتجاجها، بسبب قوائم الانتخابات التشريعية التي أقرتها قيادة الحركة مؤخراً.

وكانت "النهضة" قد بدأت أولاً بانتخابات تمهيدية داخلية لإفراز القوائم الأولية، قبل أن تحال للمكتب التنفيذي لتعديلها كما ينص القانون الداخلي للحركة على ذلك، ولكن يبدو أن هذه الخيارات لم تنل رضا عدد مهم من هذه القيادات، التي نشرت على صفحاتها الرسمية مواقف اعتبرها كثيرون تململاً داخل الحزب في وقت حسّاس، قبيل أيام من تقديم القوائم الرسمية لهيئة الانتخابات.

من جانب آخر، ذهب آخرون إلى التأكيد أن حمّى الانقسامات وصلت إلى "النهضة" أيضاً، بعد أن طاولت كل الأحزاب الأخرى.

وقالت النائب في البرلمان عن جهة سيدي بوزيد، حياة العمري، إنها حصلت في الانتخابات التمهيدية على 139 صوتاً مقابل 103 أصوات للمرتبة الثانية، ولكنها أقصيت من القوائم المعدلة، ما اعتبرته إهانة لها.

وانتقد النائب الحالي ووزير الصحة الأسبق عبد اللطيف المكي، ما "ارتكبه المكتب التنفيذي من تدمير للمناخات الداخلية للحركة، وتعسف في استعمال القانون وتصفية سياسية داخلية رفضت القيادة رفضاً حاسماً أن تعالجه، عبر ما بُسط عليها في الحوار الأخير وتريد معالجته بهذه الأساليب".

ولمّح المكي في رسالته المطوّلة على صفحته الرسمية، إلى تصفية حسابات سياسية داخل الحركة، وإبعاد لمعارضي رئيسها، فيما يشير آخرون إلى بداية استعداد للمؤتمر القادم واستباق لمرحلة ما بعد الغنوشي.

من جهته، أكد القيادي في الحركة عبد الحميد الجلاصي، أن "للمكتب التنفيذي صلاحيات مضبوطة في القانون الأساسي للحركة، وفي اللائحة المنظمة للعملية الانتخابية في الحركة تتيح له التدخل في التعديل، غير أن كل سلطة في منظومة ديموقراطية هي سلطة محددة وتخضع للرقابة".


وأوضح الجلاصي في تصريح صحافي، أن "في الديموقراطية النهضوية هناك دور للرأي العام ودور للجهاز التنفيذي ودور للسلطة التشريعية والرقابية، أي سلطة مجلس الشورى".

وأضاف أن "الحركة التي نجحت في التشارك مع من كان يعدّ نفسه غريماً لها لن يعجزها أن تجد الحلول لإدارة تعدد المطامح والمقاربات داخلها… كما أنها تدرك ألا ديموقراطية في البلاد من دون ديموقراطية الأحزاب، وأن النهضة مرشحة لأن تعطي نموذجاً في بناء ديموقراطية حزبية حقيقية".

ورداً على هذه المواقف وغيرها، دعا نائب رئيس الحركة علي العريّض في رسالة مطولة إلى مناضلي الحزب، إلى وحدة الصف والعمل على إنجاح هذا الاستحقاق، مؤكداً أن المكتب التنفيذي اجتمع أربعة أيام متتالية لتحديد جملة من المعايير التي تم على أساسها اختيار ممثلي الحزب.

وأوضح أن من بين تلك المعايير "الانطلاق من نتائج الانتخابات، ومراعاة الثقل السكاني والوزن الانتخابي للنهضة في المحليات، ومواصفات النائب ودوره في البرلمان وفي الحزب وطنياً وجهوياً، وضمان نسبة من الاستمرارية نقلاً للتجربة ومراكمة لها، وتسهيلاً لعمل الكتلة الجديدة خاصة في البداية، وضمان نسبة من التجديد، باعتبارها مطلباً عامّاً وتحقيقاً لسنة التداول، ولإضفاء مزيد من الحيوية على هياكل الحركة، بالإضافة إلى الحرص على مواصلة سياسة الانفتاح، دعماً لمقبولية الحزب وصورته وتوسيعاً لقاعدته الانتخابية، والحرص على التشبيب".

ويراهن منافسو "النهضة" على هذه الخلافات لحدوث انقسامات في صفوفها، وخصوصاً بعد استقالة القيادي البارز لطفي زيتون، من منصبه مستشاراً سياسياً لزعيم الحركة راشد الغنوشي، ما عكس جواً من الخلافات السياسية العميقة حول عدد من الخيارات، بينما يذهب مراقبون إلى أن تجربة الانتخابات التمهيدية التي تُمارس في الأحزاب الديمقراطية الكبرى في العالم، تجربة جديدة على الأحزاب التونسية، لم تتهيأ لها بعدُ بالكامل، بسبب عدم تخلصها من سلطة القرار المركزي.

وتراهن قيادات داخل "النهضة" على تطويق هذه الخلافات وتصويب القرارات وتعديلها في الأيام القليلة الباقية، قبل الإثنين القادم، موعد تسليم القوائم لهيئة الانتخابات.