رئيس عربي في الجزائر

رئيس عربي في الجزائر

20 مارس 2019
يعتبر بوتفليقة أن العرب بحاجة إلى "أب روحي" (Getty)
+ الخط -


الجزائر لا تنتمي إلى الأمة العربية على صعيد المكون الهوياتي فقط، بل تنتمي أيضاً إلى نفس الفضاء والمنطق السياسي الذي تأسس بتعسف ليحكم العرب دولاً وشعوباً. ذلك المنطق الذي يبدو فيه الرئيس هو الأب الذي يملك الحق ويحوز الحقيقة والمخلص الذي تدين له الأرض. في عام 2014 التقى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة شخصية تونسية، وقد كان التونسيون يومها حسموا نقل طبيعة النظام السياسي في دستور يناير/كانون الثاني 2014، من الرئاسي إلى البرلماني. تقول هذه الشخصية إن "بوتفليقة عاتبها بشدة على اختيار النظام البرلماني". بالنسبة إلى بوتفليقة فإن "الشعوب العربية ما زالت تعيش حالة القبيلة التي تحتاج بالضرورة إلى الأب الروحي وشيخ القبيلة".

يفسر هذا الموقف بوضوح لماذا يتمسّك الرئيس العربي الذي يحكم البلاد الجزائرية منذ 20 عاماً، وقد شارك قبلها في عمق النظام الحاكم 17 عاماً (بين عامي 1963 و1980)، ببقائه في الحكم، حتى بعدما خرج ضد استمراره في السلطة الناشطون والسياسيون والطلاب والأطباء والعمال والمزارعون والقضاة والمحامون وعمال النفط والضرائب وموظفو المصارف وتلاميذ الثانويات وغيرهم.

أسس بوتفليقة لسياسة "الأمر الواقع"، وهي سياسة تضع الدستور والقوانين جانباً وتحتكم إلى ما تفرضه اللحظة وما يقرّه العرف القبلي والاجتماعي. وعلى أساس هذا "الأمر الواقع"، تمّ خرق الدستور في أكثر من استحقاق سياسي من دون أن يدري أنه سيكون في الوقت نفسه أكبر ضحية لمنطق "أمر واقع"، يفرضه الحراك الشعبي، الذي لم يعد عابئاً بالدستور وغير معني كثيراً بالقوانين. كما خرج من الشرعية الشعبية وتصاعدت مطالبه من أسبوع إلى آخر.

أكثر من ذلك أخفق بوتفليقة في إعطاء الحاضر الجزائري قيمة ديمقراطية واقتصادية، وقد توفّرت له العوامل التي لم تتوفر لأي رئيس قبله، وبسبب ذلك الإخفاق الهائل لا يمكن أن يكون بوتفليقة نفسه صانعاً لمستقبل الأجيال الجزائرية. ثمة ميزة أخرى للحاكم العربي، أنه يستقوي بالخارج على الداخل. وهو ما يفعله بوتفليقة والمجموعة المتبقية حوله، التي تدير السلطة في الوقت الحالي، إذ يحاول الحصول من واشنطن والاتحاد الأوروبي وموسكو على تفويض لفرض خطته الانتقالية بمباركة دولية. الحكّام العرب لا تعنيهم شعوبهم ومطالبها، تماماً كما لا تعني الملايين التي خرجت إلى الشارع منذ 22 فبراير/شباط الماضي.

المساهمون