تأجيل الاستشارات النيابية لتكليف رئيس حكومة لبنانية إلى الخميس

تأجيل الاستشارات النيابية لتكليف رئيس حكومة لبنانية إلى الخميس

16 ديسمبر 2019
تأجيل الاستشارات تجاوباً مع طلب الحريري (حسين بيضون)
+ الخط -
أعلنت الرئاسة اللبنانية في بيان نُشر عبر "تويتر"، اليوم الاثنين، أنّ الرئيس ميشال عون تجاوب مع طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري تأجيل الاستشارات النيابية إلى الخميس 19 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، لمزيد من التشاور في تشكيل الحكومة.


ويأتي هذا التأجيل، بالرغم من تأكيد مصادر القصر الجمهوري خلال عطلة نهاية الأسبوع أنّ الاثنين (اليوم) سيشهد حتماً استشارات نيابية لتكليف رئيس جديد للحكومة.
وكان حزب "القوات اللبنانية"، قد أعلن في وقت مبكر من صباح اليوم، أنه لن يسمّي أحداً في استشارات الاثنين، "على أن يعطي الثقة للحكومة إذا كانت مؤلفة من اختصاصيين مستقلين، يتمتعون بثقة الناس ويلبون طموحات اللبنانيين ومطالبهم". ويعني هذا الموقف لـ"القوات" أنّه في حال تسمية الحريري لتأليف الحكومة، فإنّ هذه التسمية قد تواجه عقبة الميثاقية لامتناع أكبر كتلتين مسيحيّتين عن تسميته، مع إعلان "تكتل لبنان القوي"، قبل أيام، دعمه لحكومة رئيسها وأعضاؤها اختصاصيون.

الحريري: حذارِ تكرار الخرق الدستوري
ولاحقاً، صدر عن المكتب الإعلامي للحريري بيان، أوضح فيه أنه "في إطار الاتصالات السياسية قبل موعد الاستشارات النيابية الذي كان محدداً اليوم، اتضح أن كتلة "التيار الوطني الحر" كانت بصدد إيداع أصواتها رئيس الجمهورية ليتصرف بها كما يشاء. وهذه مناسبة للتنبيه من تكرار الخرق الدستوري الذي سبق أن واجهه الرئيس الشهيد رفيق الحريري في عهد الرئيس إميل لحود، وللتأكيد أن الرئيس الحريري لا يمكن أن يغطي مثل هذه المخالفة الدستورية الجسيمة أياً كانت وجهة استعمالها، في تسمية أي رئيس مكلف".

وتابع: "في إطار الاتصالات نفسها، تبلّغ الرئيس الحريري فجر اليوم بقرار حزب "القوات اللبنانية" الامتناع عن التسمية أو المشاركة في تسمية أحد في الاستشارات النيابية التي كانت مقررة اليوم، الأمر الذي كان من شأنه أن ينتج تسمية من دون مشاركة أي كتلة مسيحية وازنة فيها، خلافاً لحرص الرئيس الحريري الدائم على مقتضيات الوفاق الوطني.

‎وبناءً عليه، تداول الرئيس الحريري مع دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي وافقه الرأي، وتوافقا على أن يتصل كل منهما برئيس الجمهورية للتمني عليه تأجيل الاستشارات أياماً معدودة، تفادياً لإضافة مشاكل دستورية ووطنية إلى الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والمالية الكبيرة التي يواجهها بلدنا، والتي يرى الحريري أن التركيز يجب أن يكون كاملاً على معالجتها حفاظاً على مصالح اللبنانيين ومعيشتهم وأمانهم".


ولم يتأخر رد الرئاسة اللبنانية، إذ أكد مكتب الإعلام فيها، في بيان نشر على "تويتر"، أنّ "الرئيس عون حريص على الدستور ولا يحتاج إلى دروس من أحد، والتذرع بإيداعه أصواتا نيابية لتمني تأجيل الاستشارات محاولة مكشوفة للتبرير وتجاهل أسباب أخرى".


وأضافت رئاسة الجمهورية، أنّ "الحديث عن "خرق دستوري" مردود لمطلقيه الذين كان يجدر بهم معرفة القواعد الدستورية والإقلاع عن الممارسات التي تتناقض ونص الدستور وروحه".


"تيار المستقبل": موقع رئاسة الحكومة لن يكون رهينة أحد

من جهته، قال "تيار المستقبل" الذي يترأسه الحريري، في بيان، اليوم الاثنين، إنّ ما صدر عن بعض الكتل النيابية بالامتناع عن تسمية أي شخصية لتكليفها تأليف الحكومة، وما يحيط الاستشارات من غموض والتباسات ومحاولات التفاف، تسعى إلى محاصرة موقع رئاسة الحكومة، أمر مثير للريبة في هذه المرحلة.

وأضاف: "هناك تقاطع للمصالح جرت ترجمته في الموقف الذي صدر عن "التيار الوطني الحر" قبل أيّام، وقضى بإعلان التحاقه بالساحات والانضمام إلى صفوف المعارضة، وبين الموقف الذي صدر بعد منتصف الليلة الماضية عن كتلة "القوات اللبنانية" وقضى بالامتناع عن تسمية أحد في الاستشارات. وفي الترجمة السياسية لهذين الموقفين أنهما توافقا على عدم تسمية الرئيس سعد الحريري، واجتمعا على حكومة لا يكون سعد الحريري رئيساً لها.

وأشار البيان إلى أن "تيار المستقبل" ينأى بنفسه عن هذه السياسات، وهو في المقابل، وبكل وضوح، لا ينتظر تكليفاً من "التيار الوطني" ولا من "القوات" للرئيس الحريري، ولا يقبل أن يتحول موقع رئاسة الحكومة إلى طابة تتقاذفها بعض التيارات والأحزاب، مشدداً على أنّ موقع رئاسة الحكومة أكبر من كل هذه الهرطقات، ولن يكون رهينة عند أحد، مهما علا كعبه، فالرئيس الحريري قدّم استقالته ليفتح باباً أمام حلّ يحاكي مطالب الناس، لكن يبدو أن بعض المصالح تقاطعت على تعطيل تأليف حكومة.

وتوجه البيان إلى جمهور "تيار المستقبل" و"كل من يحب الرئيس سعد الحريري"، قائلاً: "ممنوع الانجرار لأي تحرك أو استفزاز بالشارع. نحن خط الدفاع عن الدولة والمؤسسات، لكننا قبل أي شيء خط الدفاع عن السلم الأهلي والعيش المشترك".


وكان يفترض أن يتوافد النواب اللبنانيون الـ128 إلى القصر الجمهوري لتسمية رئيس جديد للحكومة، في استشارات نيابية ملزمة تأجلت أكثر من مرة منذ تقديم الحريري استقالته، أواخر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وتعد هذه الاستشارات النيابية الأكثر تعقيداً في تاريخ الجمهورية اللبنانية، والأكثر غموضاً، ليس فقط بسبب نتائجها المفترض أن تحملها والتي ستبين ما إذا كان الحريري سيعاد تكليفه، بل أيضاً نظراً لغموض ما سيليها، بدءاً من محاولة التأليف على وقع الخلافات بين القوى السياسية حول شكل الحكومة، مروراً بالبحث عن اجتهادات دستورية قد تكون ضرورية لتجاوز الكثير من المطبات التي باتت تكبّل الأحزاب والسلطة، على وقع الشروط والشروط المضادة، والسقف السياسي الذي رسمه الشارع منذ انطلاق الانتفاضة الشعبية في 17 أكتوبر الماضي.
وترتفع حظوظ الحريري في التكليف مجدداً، من دون أن يقابله ارتفاع مماثل في القدرة على التأليف، الذي عادة ما يتأخر أشهراً طويلة بسبب المحاصصة وشكل الحكومة وبيانها الوزاري. لكن هذه المرة تُضاف إلى كل ما ذكر مطالب الشارع الذي رسم سقفاً جديداً، عنوانه حكومة مستقلة رئيساً وأعضاء. وبالتالي حسم الجدل حول إمكانية قبول الشارع باسم الحريري لرئاسة حكومة اختصاصيين، الذي حاول تيار "المستقبل" الترويج له بوصفه المخرج من الأزمة السياسية والاقتصادية.

وكان الحريري قد أعلن في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عدم رغبته في تشكيل الحكومة الجديدة، وذلك بالرغم من تمسّك الثنائي "حزب الله" و"حركة أمل" به رئيساً للحكومة الجديدة.