شهر على التظاهرات العراقية: السلطات تتمسك بخيار القمع

شهر على التظاهرات العراقية: السلطات تتمسك بخيار القمع

بغداد

زيد سالم

avata
زيد سالم
ذي قار

محمد علي

avata
محمد علي
25 نوفمبر 2019
+ الخط -
مع مرور شهر على التظاهرات العراقية المتواصلة التي عمّت مدن جنوب ووسط البلاد والعاصمة بغداد، بعد استئنافها في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي إثر توقفها لأسبوعين، بدا واضحاً أن السلطات لا تزال تتمسك بالقمع لإجبار المتظاهرين على ترك الشوارع، بعدما سقطت كل الأساليب الأخرى التي انتهجتها لدفع العراقيين للتراجع عن حراكهم، فعادت إلى استعمال العنف المفرط لترتفع أعداد الضحايا إلى نحو 350 قتيلاً. في المقابل، لا يبدي المتظاهرون أي نيّة للتراجع، خصوصاً بعدما نجحوا في تحقيق أهداف مهمة حتى اليوم، لا سيما إعادة الخطاب الوطني إلى أعلى مستوياته منذ الغزو الأميركي للبلاد، والتراجع الواضح في الخطاب الطائفي الذي كان مرعياً من قوى وأحزاب سياسية مختلفة الاتجاهات.

وسجّل المتظاهرون رقماً قياسياً بكون حراكهم الشعبي بات الأطول في البلاد، وهو الموجّه ضد المحاصصة الطائفية والفساد الذي ينخر جسد الدولة العراقية منذ عام 2003. وكانت التظاهرات قد انطلقت في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، واستمرت لنحو أسبوعين قبل أن يصار إلى تجميدها مؤقتاً بفعل انطلاق مراسم زيارة أربعينية الإمام الحسين، لتعود التظاهرات بعد انتهاء المراسم بيومين فقط، وتحديداً في الخامس والعشرين من الشهر نفسه لتكون أكثر حدة واتساعاً. وبعدما قدّمت السلطة وعوداً لمحاولة ثني الناس عن الخروج إلى الشوارع، والرفض الواضح من المحتجين لهذه المناورة، عادت السلطات لاستخدام القوة ضد المتظاهرين، ما أدى إلى سقوط 7 قتلى وأكثر من 150 مصاباً في بغداد والبصرة وكربلاء وذي قار، أمس الأحد، بعدما استخدمت قوات الأمن الذخيرة الحية وقنابل الغاز في تفريق المتظاهرين، لترتفع حصيلة الضحايا إلى نحو 350 قتيلاً منذ بداية أكتوبر/تشرين الأول إضافة إلى ما يقارب 18 ألف مصاب، فيما اتسعت رقعة التظاهرات وحدّتها في مدن جنوبية عدة أمس، وأعلنت الشرطة في البصرة رفع حالة التأهب الأمني إلى القصوى.
وأكد الناشط المدني همام البعيجي، لـ"العربي الجديد"، أن "قوات الأمن عمدت (أمس) إلى استخدام القوة المفرطة لتخويف المتظاهرين ومحاولة منع الإضراب العام"، مبيناً أنها "استخدمت الرصاص الحيّ، وسُجلت اعتداءات مباشرة، ما سبّب حالات قتل وإصابات عدة".
كما صعّدت الحكومة من تهديداتها للمتظاهرين، واتهم المتحدث العسكري باسم رئيس الحكومة، "عصابات تستغل التظاهرات لمحاولة إحراق وتدمير مؤسسات الدولة والموانئ والمنشآت النفطية وأملاك المواطنين". وأكد المتحدث في تصريح صحافي، أنه "سيجري التصدي لهذه العصابات بحزم، وبروح المسؤولية، ومنع التخريب، ومجابهة واعتقال من يقف وراءها".

خارطة التظاهرات وحصيلة الضحايا

"لم تبقَ بقعة في العراق لم تشارك فعلياً في التظاهرات، حتى أهالي الشمال والغرب المنكوب شاركوا بأرواحهم وقلوبهم مع إخوانهم بالجنوب وبغداد والوسط تبرعاً وتأبيناً للضحايا"، وفقاً لعضو تنسيقية إعلام ساحة التحرير في بغداد وعضو فريق صحيفة "تكتك" الصادرة عن التظاهرات، علي عباس الفضلي، الذي يؤكد في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "يرفض، وكذا باقي المتظاهرين، استثناء محافظات شمال وغرب العراق مما يجري"، موضحاً "تصلنا دعواتهم وكلماتهم وصلواتهم وتبرعاتهم بالطعام والأغطية والأدوية وهذا يكفي، لأنّ خبث السلطة معروف".

وحتى مساء يوم الجمعة الماضي، كان عدد ضحايا "انتفاضة تشرين" العراقية كما تم التوافق أخيراً على تسميتها، قد وصل إلى 339 قتيلاً من بينهم نحو 40 شاباً دون سن العشرين، وسبعة مسنين، وثلاث فتيات، عدا عن إصابة نحو 18 ألفاً آخرين أكثر من نصفهم بسبب قنابل الغاز التي بيّن تحقيق لـ"منظمة العفو الدولية" أنها مخصصة للاستخدام العسكري في المعارك وليس للتعامل مع المتظاهرين. وتصيب هذه القنابل المحتجين باختناق شديد يفضي في بعض الأحيان للموت، عدا عن إصابات مباشرة بها تفضي للموت بشكل فوري. وتتوزّع حصيلة الضحايا على مدن التظاهرات في الجنوب والوسط والعاصمة بغداد.

وفي البصرة المطلة على الخليج العربي أقصى جنوبي العراق، تتركز التظاهرات في العشار وشط العرب والزبير وأم قصر وسفوان والمديّنة والحيانية ومركز مدينة البصرة عند الشارع الرئيس الذي يضم مجمع الدوائر الحكومية، وسط إجراءات أمنية مشددة ما زالت تعيشها المدينة وأبرزها قطع الطرق العامة والرئيسة، وتطويق المباني الحكومية والخدمية، وكذلك مبنى القنصلية الإيرانية الذي تنتشر حوله قوات أمنية أسوة بما يحدث مع قنصليتي إيران في النجف وكربلاء.

وفي كربلاء، تتواصل التظاهرات بعيدة عن المدينة القديمة التي يقع فيها مرقد الإمام الحسين بن علي، إذ يشهد شارع وساحة التربية والمناطق القريبة من السوق المركزي أوسع التظاهرات. والحال نفسه في النجف، إذ رافقت التظاهرات منذ انطلاقتها حرصاً واضحاً من المتظاهرين على إبقاء النجف القديمة حيث مرقد الإمام علي بن أبي طالب، بعيدةً، لعدم اتخاذ الأمن ذلك حجة لتصعيد القمع ضدهم. ولكن على الرغم من ذلك، فإنّ القمع في النجف اتخذ شكلاً آخر وهو الاعتقالات الليلية في صفوف المتظاهرين والناشطين.

وفي محافظة واسط، تتركز التظاهرات في الكوت وهي عاصمة المحافظة المحلية، ومدن العزيزية والنعمانية والحي وبدرة على الحدود مع إيران. أمّا في ميسان، فتتركز في العمارة عاصمة المحافظة المحلية وفي الكحلاء وعلي الغربي والمجر. وفي القادسية، تتركز في مدن الديوانية والشامية وعفك والحمزة. وفي المثنى، بالسماوة والرميثة والوركاء. وفي بابل بمدينة الحلة والهاشمية والمسيب. وفي ذي قار أسخن مدن الجنوب تظاهراً، تتركز التظاهرات في الناصرية والرفاعي والشطرة وسوق الشيوخ والجبايش والغراف والدواية.

وتتصدّر البصرة وكربلاء وذي قار تليها ميسان، مدن الجنوب والوسط في التظاهرات، وكذلك بالنسبة لحصيلة الضحايا والمصابين.

أمّا في بغداد، فتتركز التظاهرات في جانب الرصافة بنسبة 95 في المائة، مع تظاهرات يمكن اعتبارها وقتية لبضع ساعات غالبية أفرادها من طلاب المدارس والجامعات، مثل ما يحصل في ساحة النسور أو السيدية والعامرية وحي الجامعة وطريق سريع الشعلة. لكن تركزها الرئيس الحالي حيث الثقل البشري الأكبر هو في ساحة التحرير وسط العاصمة، تليها ساحة الطيران ثم ساحة الخلاني، وعند جسور الأحرار والسنك والجمهورية، وفي مبنى المطعم التركي بطوابقه الأربعة عشر ومحيطه، وبداية شارع الرشيد وحتى نصف شارع السعدون والأزقة والطرق المرتبطة به، في مساحة آخذة بالتمدد على الرغم من آلة القمع المتواصلة من قبل القوات العراقية.

قمع مفرط وانتفاضة متواصلة

لعل أحد أبرز الأسباب التي أدت إلى سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى بتظاهرات العراق هو عدم وجود السند السياسي لها، خصوصاً أنّ كل التظاهرات التي انطلقت في تاريخ العراق الحديث كانت فئوية ومناطقية، لها قائد ومنظمون ومنسقون. إلا أنّ تظاهرات أكتوبر أذابت المسميات الحزبية والدينية والمذهبية وتفاعلت لأجلها الروح الوطنية، بحسب مراقبين.

وعلى الرغم من "القمع المفرط" بالرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع، بحسب منظمات حقوق إنسان دولية، إلا أنّ التظاهرات ما تزال قائمة، لا بل وتتمدد. ويرى محللون وسياسيون أنّ "التظاهرات قهرت المفاهيم الطائفية السلبية التي ساعدت وعملت على غرسها قوات الاحتلال الأميركية، والأحزاب الدينية، وساهمت بإسقاط سياسيين معروفين بخطابهم الطائفي، أبرزهم (رئيس الوزراء الأسبق) نوري المالكي"، الذي يطالب متظاهرو كربلاء اليوم بمحاكمته كـ"مجرم".

وتدخل التظاهرات العراقية شهرها الثاني بالمطالب نفسها، التي تتلخص بإقالة حكومة عادل عبد المهدي وإجراء انتخابات جديدة تحت إشراف الأمم المتحدة وبقانون انتخابات جديد، وإجراء تعديلات دستورية وضمان سريان البنود الدستورية المرتبطة بقوانين العدالة الاجتماعية، كما محاسبة "حيتان الفساد"، وهو المصطلح الدارج في العراق الذي يرمز إلى كبار المسؤولين المتورطين بالاختلاس وهدر المال العام.

في السياق، يقول الناشط السياسي في بغداد أيهم رشاد، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "أبرز ما حققته التظاهرات التي جرت في بغداد والمحافظات وما تزال مستمرة، أنها تمكّنت من قتل النَّفَس الطائفي بين العراقيين. ففي ساحة التحرير مثلاً، تجد كل ألوان العراق، وبات من المعيب، لا بل من المقزز، الاستفسار أو السؤال عن لون أو معتقد أو دين الشخص، فيكفي أنه عراقي، وهذا بحد ذاته ثورة عظيمة". ويضيف رشاد "ساحة التحرير مليئة بالعراقيين من كل المحافظات، حتى أنّ بعض المدن ذات الوضع الاستثنائي مثل نينوى والأنبار وصلاح الدين، وفد بعض من شبابها من أجل مساندة المطالب المتفق عليها من قبل الشعب، وهناك أكراد من كركوك وأربيل في ساحتي التحرير والخلاني".

ويشير رشاد إلى أنّ "الأمر الثاني الذي تمكّنت الاحتجاجات من تحقيقه، هو الإطاحة بكل الشخصيات التي أرهبت العراقيين وادعت أنها مقدسة، مثل قادة الفصائل المسلحة والسياسيين المعممين، لأن جميعهم متورط بالفساد". ويؤكد أنّه "ليس هناك أي نية للمتظاهرين بالانسحاب من الساحات، إلى أن تتحقق المطالب وعلى رأسها إقالة الحكومة طوعاً أو إسقاطها بقوة الاحتجاج السلمي"، موضحاً أنّ "الشعب العراقي خرج بعنوانه الوطني وتمكن من الضغط على الأحزاب والمرجعيات الدينية في سبيل إصلاح البلاد والعملية السياسية، واقتلاع العراق من أحضان الدول الاقليمية وتحديداً المجاورة".

ويحدث ذلك في ظلّ تصعيدٍ غير مسبوق من المرجع الديني الأعلى في مدينة النجف علي السيستاني، بخطاباته الداعمة للتظاهرات. وقد أكد في خطبة يوم الجمعة الماضي، مجدداً، على مساندة التظاهرات ومطالب المتظاهرين، معتبراً أنّ القوى السياسية والحكومة لم تتخذ أي إصلاحات ملموسة إلى الآن على الرغم من طول مدة الاحتجاجات. وطالب في الوقت نفسه بالإسراع في سنّ قانون جديد للانتخابات وتشكيل مفوضية انتخابات جديدة تتولى الإشراف على عملية الاقتراع. وهو ما اعتبر بمثابة خارطة طريق نحو الحلّ من خلال قانون ومفوضية انتخابات جديدين ليصار بعد ذلك إلى انضمام المرجعية الدينية مع الشارع بالمطالبة بشكل مباشر في إجراء انتخابات مبكرة.

في الأثناء، يستمرّ تحالف "سائرون" التابع لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وهو الداعم السياسي الأوحد والأقوى للاحتجاجات، بخطته لاستجواب عبد المهدي داخل مبنى البرلمان ومن ثم إقالته. وفي السياق، يقول عضو التحالف غايب العميري، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "الذين يتحدثون عن أنّ التيار الصدري ركب الموجة، مخطئون، فقد ساندنا التظاهرات لأنها شعبية ونحن جزء من الشعب"، مؤكداً أنّ "التحالف سيطرح ملف استجواب عبد المهدي خلال الجلسات البرلمانية المقبلة، ونحن عازمون على إقالته، ولا يهمنا ما تتوصل إليه التحالفات والكتل التي تجتمع من أجل مصالحها السياسية والحفاظ على النظام".

في المقابل، يقول كريم عليوي، العضو في تحالف "الفتح" النيابي، الممثل السياسي لـ"الحشد الشعبي" في البرلمان، في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، إنّ "التظاهرات دعمتها جهات خارجية، من اليوم الأول لانطلاقتها، وهذه الجهات تتمثل بدول أجنبية وعربية وجهات ومنظمات ومعاهد دراسات ووسائل إعلام، ومنها أميركا وصحافتها وإسرائيل وجنودها الإلكترونيون، ناهيك عن التحويلات المالية التي رصدتها أجهزة المراقبة الأمنية الحكومية من بلدان عربية"، وفقاً لزعمه.

ويضيف عليوي "الأموال الخليجية لهذه التظاهرات واضحة، ويمكن مشاهدة أنواع المأكولات والملابس الجديدة والأغطية في ساحات الاحتجاج، ولكن الحكومة العراقية والقوات الأمنية تتعامل بحكمة من أجل تهدئة الوضع، وتنفيذ ما يمكن تنفيذه من مطالب المتظاهرين الحقيقيين الذين خرجوا من أجل تحسين الأحوال المعيشية والتعيينات". ويتابع أنّ "الوقت لم يحن بعد للردّ على ممولي التخريب ولكننا نعرفهم، وستتم محاسبتهم بعد انتهاء هذه الأزمة. ومع ذلك نحن مع استمرار التظاهرات السلمية التي تطالب بحقوق دستورية، ولذلك نعمل في البرلمان والحكومة من أجل توفير ما يحتاجه العراقيون وإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية شاملة".

من جهته، يؤكّد المحلل السياسي العراقي غالب الشابندر في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "التظاهرات الأخيرة أوجعت المسؤولين والسياسيين المخدوعين بجماهيرية إعلامية يسمعون بها من حاشيتهم ولا يرونها، كما أنها هزّت مضاجع الطائفيين الذي كانوا يأكلون ويقامرون على حساب الحديث المذهبي والتشهير بالآخرين واستجداء عواطف البسطاء من العراقيين". ويوضح أنّ "التظاهرات التي انطلقت في أكتوبر مثلت انتفاضة في وجه نظام تسلطي محكوم عبر عمائم ومرجعيات دينية من خارج الحدود، كذلك ضدّ السطوة الإيرانية التي أكلت العراق وشربته، ولم تبقِ له أي سمعة بعد أن كان رمز الأمة العربية ومصدر فخرها".

إنهاء حقبة الخطاب الطائفي

بدا واضحاً أنّ المعادلة الطائفية التي اعتمدت كسياسة عامة للبلاد، ذابت على أيدي المتظاهرين، بينما اختفى زعماء الخطاب الطائفي عن الساحة، بعدما استشعروا أن صوتهم أصبح غير مقبول وغير مجد، في وقت توحّد فيه المتظاهرون في ساحات الاعتصام، وتوحّدت مطالبهم.

ووسط محاولات فاشلة من هؤلاء الساسة لإذكاء التفرقة بين المحتجين، تستمر التظاهرات العراقية محافظة على وحدة الشعب. وفي السياق، يقول الناشط المدني طه المياحي، في حديث مع "العربي الجديد"، "انتهت تلك الحقبة السوداء التي روج فيها السياسيون وزعماء الأحزاب والمليشيات للخطاب الطائفي، الذي كان أوكسجين بقائهم في السلطة".

في الإطار نفسه، يقول النائب السابق حامد المطلك، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "الطائفية كانت بذرة أوجدتها القوى السياسية التي دخلت البلد بعد العام 2003، والتي اعتمدتها لتحقيق أجنداتها الخاصة وأجندات الدولة التي تحركها"، معتبراً أنّ "خروج الشعب وثورته ورفضه للطائفية هي عودة إلى أصله الحقيقي". ويضيف "نحن نعول ونتأمل بأن يغيّر نهج الوحدة الجديد، المساوئ التي رسختها تلك الجهات والأحزاب طوال السنوات الماضية"، ويعتبر أنه "إذا لم تتغير كل الوجوه الحاكمة الفاسدة في البلاد، فلن نتخلص تماماً من ذلك الخطاب الطائفي، لأنهم تغلغلوا في مؤسسات البلاد كافة"، مشدداً على أنه "يجب إجراء تطهير شامل لكل الوجوه التي تعتمد الطائفية كنهج معلن أو خفي".

ويحذر المطلك من "خطورة ردود فعل زعماء الطائفية"، موضحاً أنّ "هؤلاء امتلكوا على مدى السنوات السابقة السلاح والمال والسلطة، وهم اليوم يشعرون أن كل ما بنوه مهدد، لذا يبذلون جهداً من أجل إفشال التظاهرات، مستخدمين كل ما امتلكوه من قوة ونفوذ لذلك، بالقتل أو بغيره، وخير دليل على دفاعهم المستميت عن مكاسبهم، هو أعداد القتلى والجرحى الذين يتساقطون يومياً بساحات التظاهر".

من جهته، يقول الخبير في الشأن السياسي العراقي، نبيل الجبوري، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "الوعي الشبابي هو الذي أنهى معادلة الطائفية التي لم يكن أحداً يتصور تغييرها بهذه الفترة القياسية (وهي عمر التظاهرات)، فالشباب وعوا أنّ زعماء الطوائف يعيشون على التقسيم والفرقة والاحتقان المذهبي"، مشيراً إلى غياب أصوات طائفية قوية منذ انطلاق التظاهرات، أمثال رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي والنائبة السابقة حنان الفتلاوي، وزعيم فصيل "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، والنائب السابق جلال الصغير، ومستشار الأمن القومي العراقي الأسبق موفق الربيعي والوزير الأسبق بيان صولاغ، وآخرين.

ويؤكد الجبوري أنّ "العراق اليوم على مفترق طريق وضع الشعب بجانب والأحزاب الحاكمة في الجانب المقابل، وكل يريد أن يحقق أهدافه، الأمر الذي يحتم على الشعب استمرار تقديم الدعم للمتظاهرين الذين يواجهون قوة ونفوذ السلطة ودعاة الطائفية"، مشيراً إلى أنه "لا يمكن للتغيير أن يحدث من دون تضحيات والشعب اليوم يقدم تضحيات كبيرة لأجل ذلك".

(شارك في التغطية من بغداد أكثم سيف الدين)

ذات صلة

الصورة
الحريات في العراق

سياسة

إتاحة الحريات في العراق ما بعد صدام حسين كانت من شعارات غزو بلاد الرافدين. لكن منذ سنوات يتراجع منسوب الديمقراطية والحريات الفردية والجماعية في هذا البلد بسرعة.
الصورة

مجتمع

فجر الحادث المروع الذي وقع بمحافظة البصرة، جنوبي العراق، أمس الثلاثاء، وأودى بحياة 6 أطفال وأصاب 14 آخرين، موجة غضب شعبية واسعة في البلاد..
الصورة
نازحان في غزة (العربي الجديد)

مجتمع

يحاول النازح الفلسطيني أبو أحمد أبو القمبز من حي الشجاعية شرق مدينة غزة التخفيف من آلام صديقه الجديد أبو مصطفى سالم، الناجي الوحيد من مجزرة إسرائيلية.
الصورة
أبو تقوى السعيدي (إكس)

سياسة

أسفر استهداف طائرة مسيّرة مقراً لفصائل "الحشد الشعبي" يتبع لـ"حركة النجباء"، عن مقتل المسؤول العسكري للحركة مشتاق طالب علي السعيدي المكنى "أبو تقوى".

المساهمون