من يقتل المتظاهرين في العراق؟

من يقتل المتظاهرين في العراق؟

بغداد

زيد سالم

avata
زيد سالم
بغداد

محمد علي

avata
محمد علي
23 نوفمبر 2019
+ الخط -
تستفز تعليقات الحكومة العراقية المحتجين وتزيد من نقمتهم على السلطة، بشأن هوية الجهات المسلحة التي تقتل المتظاهرين في ساحات الاحتجاج، بل تساهم تصريحات المسؤولين والقادة الأمنيين بزيادة أعداد المتظاهرين في كل مرة يتطرقون لأحداث العنف، في وقت لا يجيب فيه أي مسؤول سياسي أو أمني على السؤال الأهم وهو "من يقتل المتظاهرين في العراق؟".

وبينما يطغى هدوء حذر بساحات التظاهرات في بغداد ومدن الوسط والجنوب، مع مواصلة المحتجين التمسك بمطالبهم برحيل حكومة عادل عبد المهدي وإجراء تعديلات دستورية وطرد الأحزاب الحاكمة ومحاسبة قادتها، فإن ذلك لا يحول من دون سقوطٍ مستمر لمتظاهرين، فيما ترفض الحكومة اتهامات موجهة لقوات الأمن وتواصل الدفاع عن موقفها واتهام المتظاهرين ومن تسميهم "الطرف الثالث"، بقتل المتظاهرين، وهو ما تدحضه روايات المتظاهرين ومقاطع الفيديو وصور ناشطين من ساحات التظاهر.
المتحدث العسكري باسم رئيس الحكومة، اللواء عبد الكريم خلف، الذي بات يطلق عليه عدة أوصاف مثل "الصحاف"، وسيد النفي"، و"متعهد تأهيل الحكومة والأحزاب"، قال إن "وسائل إعلام مدعومة من الخارج وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، تستمر ببث الشائعات والتسقيط تجاه القوات المسلحة العراقية التي لم تتورط بضرب أو قتل أي محتج".

تصعيد غير مسبوق

ولم ينكر في تصريح لـ"العربي الجديد": "الأخطاء العسكرية التي من الممكن أن تحدث في حالات التظاهرات الشعبية، ولكن بطبيعة الحال لم يثبت لدينا سقوط أي قتيل في ساحات التظاهر كان سلمياً، حتى أن القوات الأمنية المخصصة لحماية المتظاهرين في بغداد وبقية المحافظات منزوعة السلاح"، مؤكداً أن "هناك عناصر مخربة ومندسين ضمن صفوف المتظاهرين هدفهم سرقة المال العام ونهب الدولة، وبالتالي فالقوات المسلحة من واجبها الرد على هذه الأفعال".


وتتواصل التظاهرات العراقية في بغداد ومدن جنوبي ووسط البلاد، وسط تصعيد غير مسبوق من قبل قوات الأمن، التي استخدمت الذخيرة الحية والقنابل الصوتية، إلى جانب قنابل الغاز في تفريقها للتظاهرات، يقابل ذلك تحشيد عسكري وأمني في البصرة، والقادسية، وذي قار، وبابل، وميسان، وواسط، والمثنى، وكربلاء، والنجف، ومدن أخرى جنوبي العراق، إضافة إلى بغداد، التي تتحكم بالمشهد الأمني العام.

وأخيراً، تسببت تصريحات وزير الدفاع العراقي، نجاح الشمري، بموجة جدل واسعة في البلاد بعد أن أعلن أنه لم يعط أية تعليمات لإطلاق النار على المتظاهرين في الاحتجاجات، مشيراً إلى أن هناك "طرفاً ثالثاً" وراء قتل المتظاهرين. وتابع أنه "لا يمكن أن أؤكد أنه من الحشد الشعبي، لأنه جزء من المنظومة الأمنية العراقية، وهذا الطرف نحن جادون في إبعاده. وأنه تم توقيف حوالي 200 شخص. وهذه الجهة (الطرف الثالث) كانت تطلق بتصويب مباشر إلى رأس المتظاهر، وتؤدي إلى وفاته".
وبات "الطرف الثالث"، عبارة تهكم يستخدمها العراقيون فيما بينهم، متسائلين عن الجهة التي انتشرت صور عنها وتبيَّن أنها ملثمة. متظاهرون ومعتصمون في ساحة التحرير ببغداد، قالوا لـ"العربي الجديد"، إن "القوات العراقية النظامية تواجه المتظاهرين بقنابل الغاز المسيل للدموع، ولكن بطبيعة الحال لا تواجههم في سبيل قتلهم إنما تفريقهم".

فضيحة القناصين

وأوضح هؤلاء أن "القوات التي تمثل الخط الثاني، وهم ملثمون ويحملون الأسلحة ورشاشات قنابل الغاز يستهدفون المتظاهرين بالعنف المفرط، وبسببهم سقط القتلى، وغالبيتهم بطريقة فظيعة عبر استهداف رؤوسهم، وهذه الجرائم غالبيتها وقعت بعد الخامس والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أما التظاهرات التي سبقتها مباشرة، فكانت المجزرة عبر قناصين انتشروا على أسطح بنايات عالية في بغداد".
فضيحة القناصين التي أنكرتها الحكومة العراقية، وتهافتت بسببها كل الجهود السياسية من أجل تهدئة المتظاهرين مثلت الضربة القاضية، إذ سقط حوالي مائة قتيل في عشرة أيام ببغداد بنيران قناصة، قال عنهم أهالي بغداد المنتفضون إنهم يتبعون "فصائل إسلامية مسلحة موجهة من إيران"، ولكن من دون تأكيد رسمي.


في السياق، قال المتظاهر والصحافي من بغداد، منتظر سعيد، لـ"العربي الجديد"، إن "العقلية الحاكمة في العراق من قادة سياسيين وأمنيين لا يعرفون ما يجري على الشارع، وهذا الأمر واضح من خلال تعليقاتهم، فالمتحدث العسكري لعبد المهدي (عبد الكريم خلف) يتحدث عن مقتل متظاهرين بواسطة متظاهرين آخرين، وهذا الحديث قمة الاستخفاف بالانضباط العالي في ساحات الاحتجاج".

وزاد موضحا أن "عبد المهدي تحدّث في وقتٍ عن اعتداءات شعبية ضد القوات العراقية، مع العلم أن القوات العراقية محترمة ولا أحد يتجاوز عليها ونحن معهم في سلام، ولكننا ضد القوات التي لا نعرفها والتي تمارس القمع والعنف ضدنا"، مشيراً إلى أن "قوات الجيش القريبة من ساحات التظاهر والتي تحمي المجاميع الشعبية غير مسلحة، وهي تتعرض للقمع كما المتظاهرين، وهناك من تعرض لإصابات خطيرة بسبب المجهولين المسلحين الذين يستخدمون الرصاص الحي في تفريق المحتجين".
قوة غير متناسبة
مصادر أمن عراقية رفيعة في بغداد قالت لـ"العربي الجديد"، إن 70 بالمائة من ضحايا التظاهرات قضوا بنيران قوات الأمن العراقية، أما الآخرون فبنيران جماعات مسلحة موالية للحكومة وترتبط بأحزاب سياسية نافذة، مبرزة أن كل ما يقال من روايات تنسج حول "الطرف الثالث" غير صحيح ومحاولة للهروب من الواقع وتحمل مسؤولية قتل المتظاهرين.
وقال ضابط رفيع في الداخلية العراقية لـ"العربي الجديد"، إن "أغلب القوات التي تتصدى للتظاهرات عنيفة، وشاركت في المعارك ضد داعش ولا يمكن اعتبارها مناسبة للتعامل مع المواطنين في المدن"، مضيفاً "كانت ردة فعلهم كبيرة اتجاه المتظاهرين بالرصاص الحي والقنابل، وهو رد فعل بديهي لأي جندي قضى أربع إلى خمس سنوات في جبهات القتال ضد داعش لا يعرف من أين يأتيه الانتحاري وفي أي وقت"، وفقا لقوله.
وأكد أن "جهاز فض الشغب وقوات (سوات) والتدخل السريع والشرطة الاتحادية أكثر المتورطين بعمليات قتل المتظاهرين، لكن هناك من يسعى إلى تحميل الجيش المسؤولية كونه مؤسسة كبيرة ولا يمكن احتسابها على أي طرف سياسي على عكس الأجهزة الأمنية الأخرى"، مضيفا أن "هناك فصائل وجماعات مسلحة ضمن الحشد وخارجها متورطة أيضا بقتل المتظاهرين، خاصة في بغداد وذي قار وميسان والبصرة وتتحمل النسبة المتبقية منها".
مصادر من المتظاهرين في بغداد، أكدت لـ"العربي الجديد"، أن "بعض المحتجين تمكنوا في أكثر من مرة من الإمساك بعناصر مسلحة كانت تستهدف الاحتجاجات بالرصاص الحي، وتبين أنهم يتبعون مليشيا النجباء وكتائب حزب الله وتم تسليمهم للشرطة ولا يعرف مصيرهم"، فيما بيَّن آخرون أن "بعض عناصر أمن في أكثر من موقف أبلغوهم بوجود قوات ليست نظامية، ولا تحمل أي صفة قانونية، استعانت بهم الحكومة وبعض الشخصيات السياسية في سبيل إنهاء الاحتجاجات، وغالباً هم جماعات تنتمي للحشد الشعبي".


وبحسب آخر التقارير الطبية والحقوقية العراقية، فإن تظاهرات العراق شهدت سقوط نحو 340 قتيلاً وقرابة 18 ألف مصاب، وهو ما ساهم بتزايد الأعداد الوافدة إلى ميادين وساحات التظاهرات، إثر ذلك أعربت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، عن قلقها الشديد مما وصفته باستمرار ورود تقارير عن حالات الوفاة والإصابات الناجمة عن استخدام قوات الأمن القوة ضد المتظاهرين.

من جهتها، أشارت عضو لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، يسرى رجب، إلى أن "خروقات أمنية كبيرة حصلت خلال الأيام التي شهدت تظاهرات في بغداد ومدن جنوبية ووسطى، وهناك جهات مسلحة استهدفت المتظاهرين ومن واجب الحكومة التحقيق الجاد بهذا الأمر والكشف عن الجناة، سواءً كانوا من القوات الأمنية النظامية أو مسلحين يدافعون عن الحكومة على طريقتهم الخاصة، أو جهات ركبت الموجة في سبيل النيل من العراقيين"، مبينة لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة لا تريد أن تعترف بأنها اقترفت أخطاءً جسيمة بحق المحتجين السلميين، وتتهم أطرافاً ثالثة بصناعة العنف والقمع، لكنها في النهاية المسؤول الأول عن كل عمليات القتل والقنص".

ذات صلة

الصورة
أبو تقوى السعيدي (إكس)

سياسة

أسفر استهداف طائرة مسيّرة مقراً لفصائل "الحشد الشعبي" يتبع لـ"حركة النجباء"، عن مقتل المسؤول العسكري للحركة مشتاق طالب علي السعيدي المكنى "أبو تقوى".
الصورة
قاعة الأعراس في الحمدانية في نينوى في العراق 1 (فريد عبد الواحد/ أسوشييتد برس)

مجتمع

أعاد حريق قاعة الأعراس في محافظة نينوى العراقية الذي خلَّف مئات القتلى والمصابين، ليلة أمس الثلاثاء، مشهد الحرائق المتكرّرة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة والتي خلّفت مئات القتلى والجرحى.
الصورة
صندوق من فاكهة الرمان (Getty)

مجتمع

أفاد تحقيق صحافي عراقي بأنّ بغداد تلقّت شحنة رمّان من بيروت تبيّن أنّها محشوّة مخدّرات، علماً أنّ هذه الشحنة جزء من سداد قيمة مستحقّات النفط العراقي المخصّص لبيروت.
الصورة

سياسة

تطابقت شهادة العراقي طالب المجلي لـ"العربي الجديد" مع ما حمله تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، نشر اليوم الاثنين، بخصوص صنوف التعذيب والقتل التي تعرض لها سجناء عراقيون من أمثاله في سجن أبو غريب سيئ الصيت قبل نحو 20 عاماً.

المساهمون