قتلى وجرحى في صفوف المتظاهرين بإطلاق نار في بغداد

عشرات القتلى والجرحى في صفوف المتظاهرين بإطلاق نار في بغداد

بغداد

العربي الجديد

العربي الجديد
النجف

العربى الجديد

avata
العربى الجديد
04 أكتوبر 2019
+ الخط -

قُتل وجُرح متظاهرون عراقيون، اليوم الجمعة، بإطلاق نار في شارعي النضال وساحة الطيران في العاصمة بغداد، وذلك بعدما أطلقت قوات الأمن العراقية، صباحاً، النار على عشرات المتظاهرين وسط العاصمة، في اليوم الرابع من الاحتجاجات التي تشهدها البلاد. 

وأيضاً، أكد مراسل "العربي الجديد" سماع أصوات إطلاق نار قرب سوق الغزل، وسط بغداد، بالتزامن مع تجمعات لمتظاهرين يرفعون عدة مطالب، منها رحيل المسؤولين "الفاسدين" ووظائف للشباب.

وبعد صلاة الجمعة، اندلعت تظاهرات واسعة في الديوانية، مركز محافظة القادسية، رغم حظر التجوال، كما توافد متظاهرون على ساحة الحبوبي في الناصرية، فيما أغلقت قوات الأمن العراقية عددا من الطرق الرئيسة في المدينة.

وبحسب ما أكدته مصادر طبية لـ"العربي الجديد"، فقد ارتفع عدد قتلى الاحتجاجات الجارية إلى أكثر من 50، فيما سُجّل أكبر عدد من القتلى في مدينة الناصرية (18 قتيلاً)، وفي ذي قار (18 قتيلاً)، بينما قُتل 16 شخصاً في العاصمة بغداد.

وأكدت مصادر طبية في ذي قار، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه بالإضافة إلى القتلى، سقط 340 جريحاً منذ بدء التظاهرات في عموم مدن المحافظة، قبل أن يُعلَن "فرض حظر شامل للتجوال في عموم مدن المحافظة"، وفق ما أورد "راديو المربد".

 
وذكرت مصادر طبية في بغداد لـ"العربي الجديد"، أن قوات مجهولة تعتقل جرحى من المتظاهرين من داخل مستشفى الكندي.

ولا يزال حظر التجوال والانتشار العسكري الكثيف في الشوارع والساحات العامة وأمام المباني الحكومية على أشدهما، كذلك فإن شبكة الإنترنت التي أُعيدت لبضع ساعات فقط، بالتزامن مع كلمة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، ليلة أمس، قُطعت مجدداً.

ووفقاً لمصادر أمن وشهود عيان وناشطين في بغداد، فإن القوات الأمنية لا زالت تغلق جسور الجمهورية والسنك والمعلق، الرابطة بين الكرخ والرصافة ببغداد، بالحواجز الإسمنتية، بينما تنتشر مدرعات في محيط المنطقة الخضراء وشارع الصالحية المتجه إلى فندق الرشيد، حيث تقع السفارة الإيرانية، إضافة إلى استمرار وجود قوات الجيش والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الشغب في الكفاح والفضل والخلاني والنهضة والحسينية والصدرية، وسبع البور والتاجي والزعفرانية، التي سقط فيها، أمس، عدد كبير من الضحايا، بفعل إطلاق الرصاص الحيّ على المتظاهرين.


وبقيت مدن الشطرة والرفاعي والمشخاب والكحلاء والكوفة والديوانية والعمارة والمديّنة وعلي الغربي وسوق الشيوخ والناصرية، ومناطق وبلدات أخرى في الجنوب العراقي، حتى التاسعة من صباح اليوم الجمعة، تخضع لإجراءات أمنية مشددة وانتشار عسكري وحظر للتجوال، وسط اعتقالات واسعة أكدها أكثر من مصدر لـ"العربي الجديد"، طاولت ناشطين ومشاركين في التظاهرات.

إلى ذلك، سُجلت تظاهرات بالقرب من شركة نفط صينية في جنوب محافظة المثنى، الواقعة جنوبي العراق.

وفي سياق متصل، أكدت مصادر لـ"العربي الجديد" أن وزير الداخلية العراقي ياسين الياسري يجتمع مع شيوخ عشائر ووجهاء بغداد ومحافظات الجنوب لمناقشة التهدئة.

السيستاني يؤيد مطالب المتظاهرين

وكما كان متوقعاً من خطبة الجمعة للمرجع الديني الأعلى في النجف علي السيستاني، التي ألقاها ممثله الشيخ أحمد الصافي، فقد طالب فيها الحكومة العراقية بالاستماع إلى المتظاهرين، في إشارة منه إلى تأييده للمطالب التي خرج بها المتظاهرون، منذ الثلاثاء الماضي في بغداد ومدن جنوب ووسط العراق، وأدت إلى سقوط أكثر من خمسين قتيلاً حتى الآن من المتظاهرين، وإصابة أكثر من 1200 آخرين.

وقال السيستاني، في رسالة ألقاها ممثله أحمد الصافي، من داخل العتبة الحسينية المقدسة في مدينة النجف، إن الاعتداءات على المتظاهرين السلميين مرفوضة ومدانة، وكذلك التي وقعت على القوات الأمنية والممتلكات العامة والخاصة في بغداد، وعدد من المحافظات، في "مشاهد مؤلمة ومؤسفة جداً مشابهة لما حصل في بعض الأعوام السابقة، خلّفت عشرات الضحايا وأعداداً كبيرة من الجرحى والمصابين، والكثير من الأضرار في المؤسسات الحكومية وغيرها".

وبيّن أن "المرجعية سبق أن طالبت بتغيير الكتل السياسية والقوى التي تمسك بزمام السلطة لمنهجها في التعامل مع مشاكل البلاد، وأن تقوم بخطوات جادة للإصلاح ومكافحة الفساد، وتجاوز المحاصصة والمحسوبيات في إدارة الدولة".

وتابع بأن "المرجعية دعت السلطات الثلاث إلى اتخاذ خطوات عملية واضحة في طريق الإصلاح الحقيقي، ومجلس النواب بما له من صلاحيات تشريعية ورقابية يتحمل المسؤولية الأكبر في هذا المجال، وإذا لم تغير كتله الكبيرة، التي انبثقت منها الحكومة، من منهجها ولم تستجب لمتطلبات الإصلاح ومستلزماته بصورة حقيقية، فلن يتحقق منه شيء على أرض الواقع".

وشدد المرجع الديني على أن "القضاء والأجهزة الرقابية تتحمل مسؤولية كبرى في مكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين واسترجاع أموال الشعب منهم، ولكنها لم تقم فيما مضى بما هو ضروري في هذا الصدد، وإذا بقي الحال كذلك، فلا أمل في وضع حدّ لاستشراء الفساد في البلد"، معتبراً أن "الحكومة عليها أن تنهض بواجباتها وتقوم بما في وسعها في سبيل تخفيف معاناة المواطنين، بتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل للعاطلين والابتعاد عن المحسوبيات في التعيينات الحكومية، وعليها إكمال ملفات المتهمين بالتلاعب بالأموال العامة والاستحواذ عليها، تمهيداً لتقديمهم إلى العدالة".

وكشف عن أن "المرجعية قدمت في السابق اقتراحاً عام 2015، لتشكيل لجنة من عدد من الأسماء المعروفة في الاختصاصات ذات العلاقة، من خارج قوى السلطة، ممن يحظون بالصدقية والكفاءة والنزاهة، لتحديد الخطوات المطلوب اتخاذها في سبيل مكافحة الفساد وتحقيق الإصلاح المنشود، والاجتماع مع الفعاليات المؤثرة في البلد، ومنهم ممثلون عن المتظاهرين في مختلف المحافظات، ولكن لم يؤخَذ بهذا المقترح في حينه، والأخذ به في هذا الوقت قد يكون مدخلاً مناسباً لتجاوز المحنة الراهنة".

وفي السياق، تحدثت مصادر محلية في عدة مناطق عن أن خطب الجمعة، في كربلاء والكوفة والكاظمية والأعظمية، تناولت الحدث العراقي بنحو مشابه، في انتقاد ما آلت إليه أوضاع البلاد، وحملت الحكومات المتعاقبة على البلاد والأحزاب المسؤولية.

وقال مراسل "العربي الجديد"، إن أياً من مراكز الخطب الرئيسة في العراق كل جمعة، لم يدع المتظاهرين للعودة إلى منازلهم أو مطالبتهم بالتفاوض مع الحكومة، بل على العكس أيدت مطالبهم، لكنها دعت إلى السلمية والحفاظ على الأملاك العامة.

وقال الخبير بالشأن العراقي أحمد الموسوي، لـ"العربي الجديد"، إن خطبة المرجعية في النجف يمكن اعتبارها رداً على من انتقدها من المتظاهرين في الأيام الماضية، مبيّناً أن شعارات كثيرة من المتظاهرين انتقدت صمت المرجعية، و"الخطبة كانت دفاعاً عن موقفها من خلال إيراد مواقف سابقة لها دعت إلى الإصلاح، كذلك إن إلقاء المسؤولية على البرلمان والقضاء، يعني أن كلا الطرفين باتا متهمين بالتقصير، لا الحكومة وحدها، التي مضى عليها أقل من عام واحد".

وشهدت مدينة النجف إجراءات أمنية مكثفة قبيل بدء خطبة الجمعة، بحسب ما أفاد مراسل "العربي الجديد".

ووفقاً لمسؤول أمني عراقي، فإن الإجراءات أتت تحسباً من خطب الجمعة في النجف وكربلاء وبغداد، وما ستسفر عنه، أو ما ستتحدث به المرجعية الدينية ووكلاؤها في المحافظات الأخرى، مبيناً أن التجمعات البشرية ستكون، بعد خطب الجمعة، مصدر تظاهرات كبيرة، لذا الاستنفار الحالي على أشده، مؤكداً أن الإجراءات الأمنية ستستمر حتى إشعار آخر.


"العفو الدولية" تطالب بتحقيق مستقل

وفي أعقاب ذلك، طالبت منظمة "العفو" الحقوقية الدولية، الجمعة، السلطات العراقية بإجراء تحقيق "حيادي ومستقل" في حوادث قتل متظاهرين على يد الأمن.

وقالت لين معلوف، مديرة أبحاث الشرق الأوسط في منظمة العفو: "من المهم أن تضمن السلطات (العراقية) إجراء تحقيق مستقل وحيادي بالكامل في استخدام قوات الأمن للقوة، التي لا داعي لها، أو المفرطة، ما أدى إلى الوفاة المأساوية للعديد من المحتجين، وإصابة عشرات آخرين بجروح".

وأكدت معلوف، في بيان للمنظمة، أنه "يجب على الدولة العراقية أن تلتزم محاسبة المسؤولين" عن قتل المتظاهرين، "ويجب ألا تكون هذه حالة أخرى من الحالات التي تعلن فيها الحكومة إجراء تحقيق أو تشكيل لجنة تحقيق لا يسفران عن أي نتائج".

وشددت منظمة "العفو"، في بيانها، على أنه "يجب على الحكومة العراقية أن تأمر قوات الأمن على الفور بوقف استخدام القوة المفرطة، بما في ذلك القوة المميتة، ضد المحتجين".

واعتبرت أنّ "من المشين أن تتعامل قوات الأمن العراقية، مراراً وتكراراً، مع المحتجين بهذه الوحشية باستخدام القوة المميتة، وغير الضرورية". ودعت إلى "إنهاء الحجب غير القانوني للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ورفع حظر التجوال التعسفي المفروض في العديد من المناطق".

أيضاً، أعربت عن "القلق إزاء ما ورد من تقارير بشأن الاعتقالات التعسفية للمحتجين والصحافيين في عدة محافظات عراقية".

وقالت: "في (مدن) البصرة (جنوب)، وبغداد والنجف (وسط)، أخبر المتظاهرون المنظمة بأن قوات الأمن تعتقل المحتجين عشوائياً".

وشددت منظمة "العفو" على أنه "بدلاً من مواجهة هذه الاحتجاجات بقوة تعسفية ومفرطة، يجب على السلطات معالجة مظالم المحتجين، والأسباب الجذرية للاضطرابات، بصورة مستدامة".

وعلى صعيد متصل، دعت الكويت وقطر مواطنيهما إلى "التريث" وعدم السفر إلى العراق.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية بأن وزارة خارجية بلدها دعت المواطنین الكویتیین الذین ینوون السفر إلى العراق إلى "التریث وعدم السفر في الوقت الراھن، نتیجة الاضطرابات والمظاھرات التي یشھدھا عدد من المدن العراقیة"، وأهابت بالمواطنین الموجودین حالیاً في الأراضي العراقية "ضرورة مغادرتھا بالسرعة الممكنة، واتخاذ أقصى درجات الحیطة والحذر".

بدورها، دعت وزارة الخارجية القطرية مواطنيها إلى "التريث وعدم السفر إلى العراق في الوقت الراهن، وإلى مغادرة المواطنين القطريين للعراق فوراً، نظراً للتطورات التي يشهدها".

ومساء الخميس، دعت وزارة خارجية البحرين مواطنيها إلى عدم السفر إلى العراق في الوقت الراهن، نظراً للظروف الأمنية التي يمرّ بها.


عبد المهدي لم يُقنع

وتأتي هذه التطورات غداة خطاب لرئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي، وعد خلاله بالإصلاحات، لكن يبدو أن وعوده لم تقنع المتظاهرين، الذين خرجوا يحتجون في بغداد وذي قار وميسان والقادسية والنجف ومدن أخرى، في واسط وكربلاء والبصرة وبابل.

وكان رئيس الوزراء العراقي قد وجّه، في ساعة متأخرة من ليلة الخميس، كلمة مسجّلة إلى الشعب العراقي، أطلق خلالها حزمة من الوعود الإصلاحية، محذراً في الوقت نفسه مما وصفه بـ"الفوضى وخيار اللادولة"، بسبب الاحتجاجات التي اجتاحت بغداد ومدن جنوب ووسط العراق منذ أيام.

ومن أبرز ما جاء في خطاب عبد المهدي أسفه لما وصفه بـ"حرف مسار التظاهرات عن سلميتها"، وأعلن أن "العراق أمام خياري الدولة واللادولة"، وأنه "لا توجد حلول سحرية، ولا يمكن الحكومة أن تحقق كل المطالب خلال سنة واحدة"، وأنه ورث البطالة والفقر ولم يصنعهما، وأن التصعيد في التظاهرات بات يؤدي إلى خسائر وإصابات.

وطالب رئيس الوزراء العراقي بعدم الالتفات إلى دعوات العودة إلى الوراء، ووعد بمشروع منح راتب شهري لكل عائلة لا يتوافر لها دخل كافٍ، وطالب بإعادة الحياة إلى طبيعتها في مختلف المحافظات، واحترام سلطة القانون، لافتاً إلى أن التصعيد في التظاهر "بات يؤدي إلى إصابات وخسائر في الأرواح، وأن الدولة تضع ضوابط صارمة لعدم استخدام العنف المفرط"، كذلك تحدث عن تقديم 1000 موظف حكومي متهم بالفساد إلى المحاكمة.

واعتبر مراقبون أن خطاب رئيس الوزراء، ليلة أمس، غير موفق، بل مستفز، لكونه حمل مغالطات وتزييفاً للحقائق، من بينها توجيه الشكر إلى قوات الأمن لحفاظها على أمن المواطنين والمتظاهرين، رغم سقوط أكثر من 35 قتيلاً، ونحو 1200 جريح.

وقال الخبير بالشأن العراقي أحمد الحمداني، إن وعود عبد المهدي في خطابه هي نفسها وعود كل انتخابات من القوى السياسية، وبنود برامج الحكومات الانتخابية منذ عام 2003. وتابع: "الشارع فقد ثقته بالحكومات. لذا، كان على عبد المهدي أن يبحث عن غير تلك الوعود في حديثه مع العراقيين".

(شارك في التغطية: عادل النواب، ذي قار، محمد علي، سلام الجاف)

ذات صلة

الصورة
استدعت إدارة جامعة كولومبيا الشرطة بسرعة للتدخل ضد تظاهرات التضامن مع غزة (سبنسر بلات/ Getty)

مجتمع

يزداد التصعيد في الولايات المتحدة ضد احتجاجات الطلاب الجامعات الرافضين لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، وشملت إغلاق أحرام جامعية واستدعاء الشرطة.
الصورة
الحريات في العراق

سياسة

إتاحة الحريات في العراق ما بعد صدام حسين كانت من شعارات غزو بلاد الرافدين. لكن منذ سنوات يتراجع منسوب الديمقراطية والحريات الفردية والجماعية في هذا البلد بسرعة.
الصورة
	 في طوكيو: "أوقفوا العدوان على غزة" (ديفيد موروي/ الأناضول)

منوعات

"وحيدا وبصمت"، هكذا يصف الياباني فوروساوا يوسوكي احتجاجه المتواصل على العدوان الإسرائيلي المستمر لقطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
الصورة
أبو تقوى السعيدي (إكس)

سياسة

أسفر استهداف طائرة مسيّرة مقراً لفصائل "الحشد الشعبي" يتبع لـ"حركة النجباء"، عن مقتل المسؤول العسكري للحركة مشتاق طالب علي السعيدي المكنى "أبو تقوى".