"المركز العربي" يبحث الأدوار الخارجية بمسارات الانتقال بالبلدان العربية

"المركز العربي" يبحث الأدوار الإقليمية والدولية في مسارات الانتقال بالبلدان العربية

تونس
D8A6CEA0-1993-437F-8736-75AB58052F84
وليد التليلي
صحافي تونسي. مدير مكتب تونس في العربي الجديد.
تونس

بسمة بركات

avata
بسمة بركات
21 سبتمبر 2018
+ الخط -
انطلقت، اليوم الجمعة، في تونس، أعمال المؤتمر السنوي السابع لقضايا الديمقراطية والتحوّل الديمقراطي، الذي ينظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بالتعاون مع فرعه في تونس، ويبحث هذا العام "العامل الخارجي والانتقال الديمقراطي: الأدوار الإقليمية والدولية في مسارات الانتقال في البلدان العربية بعد عام 2011".

وأكدت الورقة التقديمية للمؤتمر أن "البحث في مسألة دور العوامل الإقليمية والدولية، لا تعني بأي حال من الأحوال، تبنّي تلك السرديات الاختزالية والتفسيرات التبسيطية التي تحيل ما حدث في المنطقة إلى عوامل من قبيل إلقاء التبعة والمسؤولية على الخارج؛ فتغيير نظم الحكم ينطلق في جلّ الحالات من الداخل، والقدرة على دفْع الخارج إلى تغيير مواقفه لا يمكن أن تتحقق في ظل ضعف القوى المنادية بالديمقراطية وانقسامها".

وأشارت إلى أنه "لا مناص من استناد هذا التغيير الداخلي إلى فهم دقيق لتأثير هذه المسألة، وتقييم الأدوار التي ظلّت تؤديها القوى الإقليمية والدولية في هذا الصدد".

وتنبّه الورقة التقديمية للمؤتمر إلى أنّ "الأغلبية العظمى من أدبيات التحوّل الديمقراطي ارتبطت بالعوامل الداخلية، وذلك حتى انتهاء الحرب الباردة، حين اتجهت بعض الدراسات إلى الاهتمام بالعوامل الخارجية، وظهرت دراسات تهتم بمسألة دعم الديمقراطية والمشروطية السياسية ودور المنظمات الدولية وغيرها من العوامل".



أما في المنطقة العربية، بحسب الورقة، فإن "الاهتمام ظلّ منصبّاً على العوامل الداخلية، على الرغم من التاريخ الطويل من التداعيات السلبية للعوامل الخارجية، منذ نشأة الدول القُطرية العربية في النصف الأول من القرن العشرين، مروراً بتحوّل المنطقة إلى ساحة لما عرف بالحرب على الإرهاب، وانتهاء باندلاع ثورات عام 2011 وتحول كثير من دول المنطقة إلى ساحة لتدخلات إقليمية ودولية".

وفي هذا الإطار، "ظهر جلياً الدور الذي اضطلعت به قوى إقليمية ودولية في التأثير في تلك الثورات، وتوجيه دفة عمليات الانتقال نحو إعادة إنتاج الأنظمة القديمة المطلقة أو خلط الأوراق في الداخل".


في ليبيا على سبيل المثال، يتبيّن أنه "لم يكن من الممكن إسقاط النظام من دون مساعدة خارجية، لكن البلاد تحوّلت سريعاً إلى ساحة لنفوذ قوى إقليمية ودولية متعددة". أما في اليمن، فقد "رعت أطراف إقليمية حواراً وطنياً داخلياً، وقدمت مبادرة انتهت إلى بقاء الحزب الحاكم القديم في المشهد السياسي، لتقوم إيران بدعم هذا الحزب وجماعة الحوثيين عسكريًا؛ وذلك للانقلاب على نتائج الحوار، وإدخال البلاد في حرب طاحنة".

ويتبيّن أنه في مصر "ما كانت خطة إجهاض ثورة 25 يناير 2011 وإعادة إنتاج منظومة القمع وتكميم الأفواه لتنجح لولا الدعم المالي السخي من أنظمة خليجية، ولولا الدعم القوي من أوروبا وأميركا وروسيا، الذي اعتمد في جزء كبير منه على صفقات التسليح، والصفقات التجارية السخية، وعلى استخدام خطاب الحرب على الإرهاب، والتحالف القوي مع الإسرائيليين".

وتضيف "أما سورية، فقد تحوّلت ثورتها إلى حرب مدمرة بحكم تدخّل أطراف متعددة، إقليمية ودولية، تدخلاً عسكرياً مباشراً؛ على رأسها روسيا وإيران والولايات المتحدة الأميركية وتركيا، إلى جانب مليشيات مسلحة مثل حزب الله".

وفي البحرين "أُجهض الحراك بتدخل سعودي مباشر، إذ اعتُبر ذلك الحراك امتداداً مباشراً للنفوذ الإيراني"، مشيرة إلى أن "النجاح النسبي للثورة التونسية لعله يرتبط ببعد البلاد عن تنافس الدول الكبرى إلى حد بعيد، وذلك على الرغم من أن قوى إقليمية حاولت التأثير في المشهد السياسي هناك، ولا تزال تحاول ذلك".

وفي السياق، قال مهدي مبروك، مدير فرع المركز بتونس، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "اليوم لدينا ما يكفي من المسافة مع الأحداث، حيث بيّنت مسارات وتطورات الأحداث في كثير من بلدان الربيع العربي، بين من فشل فشلاً ذريعاً بعودة النظام القديم، أو سيطرة العسكر، وبين من يترنح في الانتقال إلى النجاح النسبي".

وأضاف مبروك أن "هناك برودا عاطفيا مع الحدث، اليوم، وموضوعية في تناول قضية تشابك العوامل الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى توضّح بعض المسارات ونشر وثائق دبلوماسية تضيء جوانب مما حدث في أكثر من بلد".

واعتبر أن الأبحاث التي ستقدم في المؤتمر "تشكل إجابات مؤقتة وفرضيات عمل تتيح مراكمة نتائج الأبحاث في قضية تتعلق بالتاريخ الراهن، ويمكن أن تشكل منطلقا بحثيا حول هذه القضايا، وسيتولى تقديمها ومناقشتها باحثون يمثلون 12 دولة ومراكز بحثية وجامعية مرموقة في العالمين العربي والغربي".

وقال مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات فرع تونس إنّه "كثيراً ما يتم التركيز على العوامل الداخلية والمطالب الديمقراطية لدى الفئات الواسعة من المجتمع والحراك الطبقي، وقضية المجتمع المدني وأهميته في إيجاد التحالفات، واليوم يتم العمل على محور العامل الخارجي".

وأوضح أن ما يلاحظ في الميدان هو "الحضور القوي للمحاور والقوى الإقليمية والدولية في إفشال أو إنجاح تجارب الانتقال الديمقراطي، مثل التدخل العسكري الذي حصل في ليبيا، والاصطفاف الإقليمي كما يحدث في اليمن، وموقف الاتحاد الأوروبي من الانقلاب العسكري الذي تغاضى عنه أو دعمه في مصر، وبالتالي فالتجارب تبيّن الحضور اللافت للقوى الإقليمية والدولية في تحديد مآلات الانتقال الديمقراطي".

وحول مدى نجاح الدول التي عرفت ثورات عربية في الانتقال الديمقراطي، قال مبروك إنه "باستثناء التجربة التونسية، فإن كل تجارب الانتقال الديمقراطي كانت مآلاتها الإخفاق والانتكاسة. فالحالة الليبية تتعثر وتكاد تسقط، والحالة اليمنية سقطت في حرب طائفية بين الاصطفاف الشيعي والسني، ووراء محاور إقليمية، والإرهاب وعسكرة الثورة السورية إلخ، وبقيت الحالة التونسية الوحيدة، وهي على هشاشتها وعيوبها دالة على نجاح الانتقال الديمقراطي".   

من جهته، قال منسق مشروع التحول الديمقراطي في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات وأستاذ العلوم السياسية، عبد الفتاح ماضي، الذي قدّم مداخلة بعنوان العوامل الخارجية في أدبيات الانتقال الديمقراطي وخبرات الثورات العربية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "فهم مسارات الانتقال الديمقراطي في العالم العربي يكون من خلال فهم عوامل داخلية وخارجية، وليس من خلال عوامل داخلية فقط، مبيناً أنّ هناك إشكالات كثيرة تتصل بالعلاقات الإقليمية الراهنة، والمعادلة القائمة، إذ توجد إشكاليات كثيرة تجعل عملية الانتقال الديمقراطي تواجه عدة عقبات".

وأوضح ماضي أنّ "هناك إشكاليات تتعلق بالمشروطية السياسية والصراع العربي الصهيوني، والإقليم المعادي للديمقراطية"، مؤكداً أن "المنطقة التي يوجد فيها الإقليم العربي ليس بها ديمقراطية، وبالتالي فإن المصالح لا تقوم على فكرة حقوق الإنسان والديمقراطية"، مشددا على أن "الحقيقة الديمقراطية غائبة، وهي ليست مصلحة لمعظم الدول العربية، وهذه مجرد عينة من الإشكاليات العديدة الموجودة على الساحة العربية".

وبيّن أن الورقة التي قدمها ركزت على تجاهل العوامل الخارجية بشكل أو بآخر، والاهتمام بالعوامل الداخلية، وأيضاً أهمية تناول تأثير السياسات الدولية على اختيارات النخب المحلية في الداخل التي تتأثر بالسياقات الدولية والإقليمية وبردود فعل الدول على مسار الثورات في العالم العربي.


كذلك، أكّد الباحث المغربي، عز الدين حميمصة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّه بالعودة إلى ما حصل في 2010 و2011 وإلى غاية اليوم، فإن "ما وقع ما هو إلا مرحلة، ولكن الجانب الإيجابي في الربيع العربي أنه فتح الفرصة والباب لموجات قادمة، ومن هذا المنطلق يمكن أن نعتبر أن الثورات العربية حققت شيئا ما، وفتحت باب الأمل". 

واعتبر حميمصة أن "هذا لا ينفي أن هناك صعوبات كثيرة وارتدادات، وهي من طبيعة الثورات، ولكن يجب أن ننظر إليها من زاوية أبعد، أي أن الثورات تستغرق عدة سنوات، وقد تستمر 30 و40 سنة، ولكن الأهم أن الانطلاقة بدأت، والانتقال يتطلب صبرا طويلا لكي يعود الاستقرار إلى البلدان حيث نجح الانتقال مثل تونس".

كذلك أشار إلى أنّه "لا بد من موجة جديدة في البلدان التي لم ينجح فيها الانتقال الديمقراطي، كمصر وسورية وليبيا".

وحول المداخلة التي قدمها، والتي حملت عنوان دور مراكز البحث في التأثير في الموقف الأميركي من مسارات الانتقال نحو الديمقراطية في البلدان العربية: النظريات المحددة والمسارات"، قال حميمصة إنّ ورقته ركزت على دور مراكز البحث، خاصة في الولايات المتحدة الأميركية، في التأثير على القرار، مبينا أن "هذا الدور قوي جدا ويشجع الإدارة الأميركية على أن تغير موقفها، مثل الموقف الأميركي من الثورة في مصر، وأيضا العوامل التي قد تساهم في التغيير والتأثير في المواقف، وعلى أي أسس ومعطيات تبني المراكز بحوثها وتتكون المواقف".

وبيّن أن "قراءة الخطاب الأميركي الداخلي، سواء لدى صناع القرار أو المراكز المؤثرة في رسم السياسات الخارجية الأميركية، تكشف أن الخطاب المتبع يعتمد المصلحة الأميركية، وأنه ينظر إلى المنطقة العربية على أنها مجال لهذه المصالح"، مضيفا أن "ربطها بالولايات الأميركية ارتبط بعلاقة المستعمر بالمستعمر".

 

ذات صلة

الصورة
المؤرخ أيمن فؤاد سيد (العربي الجديد)

منوعات

في حواره مع " العربي الجديد"، يقول المؤرخ أيمن فؤاد سيد إنه لا يستريح ولا يستكين أمام الآراء الشائعة، يبحث في ما قد قتل بحثاً لينتهي إلى خلاصات جديدة
الصورة

سياسة

شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية عنيفة استهدفت كتيبة عسكرية ومستودعات أسلحة في محيط مطار حلب الدولي، ما أسفر عن سقوط 42 قتيلاً.
الصورة
مقاتلون حوثيون قرب صنعاء، يناير الماضي (محمد حمود/Getty)

سياسة

بعد 9 سنوات من تدخل التحالف بقيادة السعودية في اليمن، لم يتحقّق شيء من الأهداف التي وضعها هذا التحالف لتدخلّه، بل ذهب اليمن إلى حالة انهيار وانقسام.
الصورة
تظاهرة ضد هيئة تحرير الشام-العربي الجديد

سياسة

تظاهر آلاف السوريين، اليوم الجمعة، مناهضة لسياسة "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، ومطالبة بإسقاط قائدها أبو محمد الجولاني.

المساهمون