معارك الحديدة إلى المديريات خارج المدينة

معارك الحديدة إلى المديريات خارج المدينة

09 يوليو 2018
زبيد قد تكون المحطة التالية للمواجهات (عبدو حيدر/فرانس برس)
+ الخط -



بعد أن نجحت الجهود الدولية بتهدئة العمليات العسكرية نحو مدينة الحديدة الاستراتيجية غرب اليمن، اتجهت المعارك مجدداً إلى المديريات الجنوبية للمحافظة الساحلية الغنية بالشريط الساحلي، وذلك بعد أن دفعت قوات الشرعية، المدعومة من التحالف، ومسلحي جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، بالمزيد من التعزيزات، الأمر الذي يجعل من المعركة العسكرية أكثر كلفةً في كل الأحوال، ومعها تتضاعف التهديدات التي تواجه المدنيين من سكان الأجزاء الجنوبية في الحديدة، والذين يقفون أمام خيارات صعبة بالبقاء تحت تهديد القصف أو النزوح في ظروف صعبة.

وتؤكد مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، أن حالة من الهلع عاشها المواطنون في مدينة التحيتا، مركز المديرية التي تحمل الاسم نفسه، ويسكنها ما يقرب من 90 ألف مواطن، عقب تدشين قوات الشرعية، أخيراً، عملية عسكرية للتقدم إلى مركز المديرية، ما اضطر عائلات للنزوح فيما بقيت أخرى تحت الحصار، وسط مخاوف من التعرض لقذائف الأطراف المتحاربة في أية لحظة، كما حصل في أكثر من منطقة خلال الأسابيع الماضية.
وتحتل مديرية التحيتا، التي كانت محور المواجهات في الأيام الأخيرة، أهمية عسكرية كبيرة، إذ انتشرت قوات الشرعية في الأجزاء الساحلية منها، في طريقها إلى مدينة الحديدة المدينة، إلا أن الحوثيين، الموجودين في المناطق القريبة شنوا هجمات ضارية في التحيتا، لقطع طريق تعزيزات الشرعية، وبالتالي محاصرة القوات المتقدمة إلى مديرية الدريهمي، وحتى محيط مطار الحديدة الدولي. وتتبع جزر حنيش وزُقر، وهي من أهم الجزر اليمنية في البحر الأحمر وتخضع لسيطرة التحالف، إدارياً للمديرية ذاتها. وتقول قوات الشرعية إنها، ومن خلال التقدم في التحيتا، قطعت التهديد الذي يشكله الحوثيون، على مناطق تمركزها في الخط الساحلي جنوب المحافظة.

وفيما لا تزال أجزاء من التحيتا ساحة مواجهات، تشير المصادر الميدانية إلى أن مدينة زبيد التاريخية، المحاذية للمديرية، قد تكون المحطة التالية للمواجهات، بعد أن تعرض العديد من الأهداف فيها، لقصف جوي، في أوقات متفرقة خلال الأسابيع الماضية، وأدت إلى سقوط ضحايا من المدنيين. وتعد المواقع الأثرية المدرجة على قائمة التراث العالمي في المدينة، على رأس الاعتبارات المطروحة حول أي مواجهات تهدد المدينة، التي كانت مركزاً تاريخياً اعتباراً من القرن الثامن للميلاد. ودعا وزير حقوق الإنسان، محمد عسكر، الأمم المتحدة ومبعوثها لدى اليمن، مارتن غريفيت، إلى الضغط على جماعة "أنصار الله" وإخراجها من مدينة زبيد. وقال، في تغريدة على حسابه في "تويتر" أول من أمس: "ندعو الأمم المتحدة ومبعوثها الأممي للضغط على مليشيات الحوثي وإخراجها من مدينة زبيد، حفاظاً على معالمها التاريخية". وأضاف: "تتمترس مليشيات الحوثي داخل مدينة زبيد المدرجة ضمن مدن التراث الإنساني لدى اليونسكو، الأمر الذي يعرّض هذا المعلم التاريخي للأضرار".

وتعتبر القوات اليمنية المدعومة من التحالف، بواجهة إماراتية، أن انتزاع السيطرة على المديريات الواقعة جنوب الحديدة، وهي التحيتا وزبيد وغيرها، خطوة مصيرية، يمكن أن تثبت من خلالها أقدامها في الجزء الجنوبي في المحافظة، وتمنع أن تصبح القوات المنتشرة على الشريط الساحلي فريسة سهلة للحوثيين. وكان من المتوقع، أن تتجه المعارك على هذه المديريات، منذ البداية، إلا أنه ووفقاً لمصادر ميدانية مطلعة، لـ"العربي الجديد"، فقد سعت قوات الشرعية، إلى تحقيق اختراق مباشر بالطريق الساحلي للوصول إلى مدينة الحديدة، ما يخفف الكلفة في ما تبقى من المعارك، على مستوى المديريات، الأمر الذي تعثر بعد دخول الضغوط الدولية، على خط الأزمة، لوقف التقدم نحو المدينة، والتي يسكنها مئات الآلاف وتهدد المواجهات فيها بقطع الشريان الأهم في اليمن.

إلى جانب ذلك، تؤكد المصادر المحلية، أن المناطق الخاضعة لسيطرة الشرعية والتحالف جنوب الحديدة، لم تشهد استقراراً كما كان من المتوقع أن يحصل، بل بقيت هدفاً لقذائف يطلقها مسلحو جماعة "أنصار الله"، والتي أصابت أكثر من مرة، تجمعات لمدنيين، وذلك في منطقة حيس خصوصاً. ويقول سكان إن إهمال التحالف والقوات الحكومية لتأمين هذه المناطق، جعلها تقع تحت تهديد مستمر لقذائف الحوثيين. الجدير بالذكر، أن خارطة سيطرة قوات الشرعية بدأت من مديرية الخوخة، أولى مناطق الحديدة المحاذية لتعز، على الساحل الغربي، وسقطت من أيدي الحوثيين في ديسمبر/كانون الأول 2017. ويقول الحوثيون إن قوات موالية للرئيس الراحل علي عبدالله صالح، كانت منتشرة بالمنطقة، سلمتها دون قتال. وفي المرحلة الثانية، سعت القوات الحكومية، أو المدعومة إماراتياً، إلى التقدم في حيس، ولاحقاً حققت اختراقاً نوعياً بالتقدم على طول الشريط الساحلي، من التحيتا وبيت الفقيه، وصولاً إلى الدريهمي ومحيط مطار الحديدة، وهو ما واجهه الحوثيون بحالة استنفار غير مسبوق، إذ حشد الحوثيون قواتهم من مختلف المحافظات، إلى الحديدة، في محاولة لتدارك الاختراق، وجعل أي محاولة تقدم جديدة مكلفة في كل الأحوال.