انتصار يمني على الإمارات في أزمة سقطرى... بانتظار التنفيذ

انتصار يمني على الإمارات في أزمة سقطرى... بانتظار التنفيذ

15 مايو 2018
عاد بن دغر سقطرى بعد حل الأزمة(صالح العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -
انتصرت الحكومة اليمنية على الإمارات في معركة سقطرى، بعدما وجدت أبوظبي نفسها مجبرة على الانسحاب عسكرياً من اليمن، بعد ردة فعل الحكومة والتدخل السعودي الذي سعى إلى تدارك أحد أخطر المنعطفات التي مرّ بها التحالف، منذ تدخله في اليمن قبل أكثر من ثلاث سنوات. وعلى الرغم من أنه ليس مؤكداً أن ما جرى سيقود لوقف النفوذ المتزايد لأبوظبي في الجزيرة، في ظل تباين التفسيرات بشأن مغزى إرسال قوات سعودية إلى الجزيرة، لكن الأكيد أن الإمارات خرجت خاسرة من الأزمة التي افتعلتها في سقطرى.

وأعلن رئيس الحكومة اليمنية أحمد عبيد بن دغر، أمس الاثنين، رسمياً أن أزمة سقطرى انتهت بنجاح الوساطة السعودية، وقال إن الراية اليمنية عادت لترفرف من جديد في مطار وميناء سقطرى بحراسة الجنود اليمنيين. وأكد بن دغر، الذي غادر أمس سقطرى عائداً إلى العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، أن الاتفاق (مع اللجنة السعودية العسكرية)، يقضي بـ"عودة الجزيرة إلى وضعها الذي كانت عليه يوم الإثنين قبل الماضي في الـ30 من إبريل/ نيسان المنصرم". وهو ما يعني إجبار الإمارات على سحب قواتها العسكرية التي أرسلتها في الأسبوعين الأخيرين، لاحتلال مرافق حيوية في سقطرى. 

ومن موقع المنتصر، حمل بيان رئيس الحكومة اليمنية "شكراً لأشقائنا في المملكة الذين قادوا وساطة سريعة وناجحة كعادتهم عند اختلاف الإخوة، فسهلوا لنا حلولاً تحافظ على الجزيرة في أمنها وأمانها"، وأضاف في السياق "شكراً لأشقائنا في الإمارات الذين استجابوا لداعي الأخوّة والسلام". 

وأكد بن دغر في البيان، أن جزيرة سقطرى "لا أحد ينازع اليمن في يمنيتها"، وأن ما حدث "أزمة بين الإخوة وعدت"، لكنه أكد على أن "الأزمة ستمنح فرصة جديدة للتأمل بما نحن عليه في التحالف وفي المناطق المحررة، فالتحالف اتفاق في الأهداف وشراكة في القول والفعل وتكافؤ في الفرص". ويحمل هذا التصريح إشارة واضحة إلى أن الحكومة اليمنية تنظر إلى أزمة سقطرى كحلقة في سلسلة خلافاتها مع الإمارات والتي تمتد على طول المناطق اليمنية المحررة من الحوثيين، وعلى وجه خاص في الجنوب والشرق، وهو ما كانت الحكومة قد أكدت عليه في بيانها حول الأزمة الذي صدر الأسبوع الماضي.

وبالنسبة للإمارات، فإن ما شهدته سقطرى في الأيام الأخيرة هو بمثابة انتكاسة وتراجع، تحت ضغط رد الفعل اليمني على خطوتها باحتلال ميناء ومطار الجزيرة أثناء وجود الحكومة وطرد القوات اليمنية والمسؤولين الحكوميين من كلا المرفقين، دونما إبداء حتى مبررات أو أي اعتبار للحكومة الشرعية التي كانت موجودة عبر رئيسها وعدد من أعضائها في الجزيرة. ولم يكن في الحسبان بالنسبة إليها أن التحالف العربي الذي تعد الإمارات ثاني أعمدته بعد السعودية، لن يكون مظلة كافية للقيام بخطوات كهذه في جزيرة يمنية لا يتوفر فيها أي مبرر عسكري لتدخل التحالف. 

وجاء انسحاب الإمارات بعد تصعيد الحكومة اليمنية التي بادرت إلى إصدار بيان رسمي مهمور بتوقيع مجلس الوزراء اليمني، يندد بالإمارات وتحركاتها، قبل أن تعمد إلى إرسال شكوى إلى مجلس الأمن الدولي، تؤكد فيها أن ما قامت به أبوظبي إجراء غير مبرر وأن عليها سحب قواتها في سقطرى. ووضع كل ذلك الإمارات في الزاوية الحرجة بين التراجع إلى الوراء أو الإصرار وتحمل التبعات على مستوى التحالف ومشاركتها بالحرب في اليمن، خصوصاً أن استمرار الأزمة كان سيضطر اليمن إلى اتخاذ مزيد من الخطوات التصعيدية ضد الوجود الإماراتي العسكري في مختلف مناطق البلاد. 

من جانب آخر، كان واضحاً أن التحرك السعودي السريع والملزم جاء نتيجة إدراك طبيعة الخطر الداهم على التحالف العربي وعلى معركته العسكرية في اليمن منذ أكثر من ثلاث سنوات، خصوصاً بعدما تبين للرياض أن الأزمة بدأت بالخروج عن سيطرتها إلى إطار المجتمع الدولي. وهو ما تعزز بالمواقف الدولية التي صدرت في هذا الشأن، بما في ذلك بيان وزارة الخارجية الأميركية. 

وفي ظل الخطوات الأخيرة، لا تزال الشكوك اليمنية تُثار حول ما إذا كانت الإمارات ستنسحب فعلاً من سقطرى أم أنها ستكتفي بإعادة المطار والميناء لتبقى بطريقة أو بأخرى بالتنسيق مع الجانب اليمني. كما تثار شكوك حول استمرار نفوذ أبوظبي في الأرخبيل اليمني بعدما كانت قد تدخلت فيه خلال السنوات الأخيرة إلى حد انتشرت معه تسريبات بأن الإمارات باتت تحتل الجزيرة رسمياً وتنهب أشجارها وطيورها النادرة، باعتبار الجزيرة إحدى أندر الأماكن الطبيعية في العالم، ومصنفة على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو. 

في موازاة ذلك، ظهرت تفسيرات متباينة لإعلان التحالف إرسال قوات سعودية إلى سقطرى، بين من نظر إليها كخطوة طبيعية لاحتواء الأزمة الأخيرة وبين من قرأها كعودة للتحالف من بوابة أخرى، وهي التنسيق مع الحكومة، بدلاً عن الخطوة التي أقدمت عليها أبوظبي بإرسال قواتها دون علم الحكومة، بل ولمحاربة وجودها وسلطتها في المحافظة.

 وفي كل الأحوال، فإن الخطوة قد لا يكون مرحباً بها من قبل أبوظبي، التي لطالما سعت للاستفراد بالنفوذ في الجزيرة. وكل ذلك، يقود إلى تساؤلات أخرى عما إذا كان التصعيد اليمني ضد إجراءات الإمارات، جرى بضوء أخضر من الرياض التي تدخلت في الوقت الحاسم، لإجبار أبوظبي على العودة خطوة إلى الوراء. وعلى هامش الأزمة وجدت الرياض باباً لتسجيل حضور عسكري في الجزيرة الأكبر في المنطقة العربية وما يكتسبه موقعها من أهمية استراتيجية. وفي المحصلة، وجدت أبوظبي نفسها بلا غطاء من أي حلفاء وعاجزة عن تقديم أي مبررات لتحركاتها العسكرية في سقطرى، لتجبرها الحكومة اليمنية على التراجع إلى الوراء.

المساهمون