تعرّف إلى "الخط الساخن" بين الروس والأميركيين حول سورية

تعرّف إلى "الخط الساخن" بين الروس والأميركيين حول الضربة المحتملة بسورية

13 ابريل 2018
الخط الساخن لتفادي تصادم الطائرات فوق سماء الحرب السورية(Getty)
+ الخط -
"الثعلب البني السريع قفز فوق الكلب الكسول 1234567890". تلك كانت الجملة الأولى في البرقية الأولى التي نقلتها آلة كاتبة عبر "الخط الساخن" بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في 30 أغسطس/آب 1963. أما آخر البرقيات بين واشنطن وموسكو، كما يُقال، إنذارُ الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما للروس، من مغبة التدخل في الانتخابات الأميركية الماضية.

لكن الخطّ الساخن، الذي يجمع الروس والأميركيين، فوق السماء السورية، ويساعد على تفادي الصدام في مناطق نفوذ كلّ منهما على الأرض، لم ينقطع، رغم أحداثٍ كثيرة قد تكون هامشية في عمر الحرب السورية التي طاولت عامها السابع، لكنها أثبتت الرغبة في الحفاظ على "شعرة معاوية" بين قوتين كبيرتين، ومنعت انزلاق الحرب إلى منعطف أخطر. واليوم، وحتى على أعتاب حملة عسكرية غربية على سورية بهدف "معاقبة" النظام السوري، قد لا تذهب هذه الحرب، على الأرجح، إلى ما يحلو للبعض تسميته بـ"الحرب العالمية الثالثة"، طالما أن خطّ قاعدة العديد – حميميم لا يزال ينبض، ولكن ما هو هذا الخط؟ وكيف أنشئ؟

تفادي التضارب

وصف الجنرال جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية الأميركية، يوماً، "اتفاق تجنب وقوع الصدامات"، الذي أبرم في تشرين الأول/أكتوبر 2015، بين الولايات المتحدة وروسيا حول سورية، بأنه "ليس تعاوناً، ولا تنسيقاً. إنه لتفادي التضارب".

ردُّ "التهمة" بالتعاون مع الروس، لم يمنع الأميركيين في قاعدة العديد في قطر من التواصل منذ ذلك التاريخ، بشكل شبه يومي، مع الروس المتمركزين على الساحل السوري، لتفادي الصدام في السماء السورية المكتظة، وفي ساحات معاركها، خصوصاً في ما اصطلح على تسميته بمناطق نفوذ الولايات المتحدة وحلفائها من جهة، والنظام السوري وحلفائه من جهة أخرى، وعلى وجه الأخص "غرب الفرات" و"شرقه".

التنسيق المسبق على "الخط الساخن"، لتفادي زحمة الطائرات فوق سورية، بين الأميركيين والروس، ذهب البعض إلى تسميته، بـ"أستانة أميركية – روسية". فالروس، الذين دخلوا الحلبة السورية في أواخر أيلول 2015، ظلّوا حريصين حتى اليوم، على إبقاء "الخطوط الساخنة"، مع جميع الأطراف الدولية التي تلعب دوراً في الحرب الدائرة في هذا البلد. وقد أعلن الروس أيضاً، مباشرةً بعد انطلاق تدخلهم العسكري في سورية، في أكتوبر/تشرين الأول 2015، عن إطلاق خط مباشر مع إسرائيل، تجنباً لأي حوادث بين طائرات الطرفين في المجال الجوي السوري، وذلك بعد وقت قصير من إعلان التوصل إلى "بروتوكول الاتفاق" بين المسؤولين العسكريين الأميركيين والروس، لتجنب وقوع أي حادثٍ بين طائراتهما في الأجواء السورية.

وكان أول إعلان عن "بروتوكول الإتفاق" الأميركي – الروسي قد تمّ في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2015، أي بعد أسبوعين من بداية التدخل العسكري الروسي في سورية، حين نقلت وكالة "فرانس برس" عن مسؤول أميركي في واشنطن، قوله إن "بروتوكول اتفاق" سيوقع ويطبق "خلال الأيام المقبلة" بين الطرفين، وذلك بعد ثلاث جلسات مفاوضات تمت عبر الدائرة التلفزيونية بين العسكريين الأميركيين والروس في ذلك الوقت، تتعلق بسورية. وقد تزامن ذلك، مع إعلان الجيش الروسي حينها، أن إحدى طائراته اقتربت إلى مسافة خطرة من طائرة عسكرية أميركية فوق سورية.

وفي 17 أكتوبر/تشرين الأول 2015، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أنها اتفقت على كل المسائل الفنية اللازمة لإبرام اتفاق مع الولايات المتحدة حول "سلامة الطلعات الجوية فوق سورية"، وأن "مذكرة نهائية ستوقع قريباً".

وفي الـ20 من أكتوبر/تشرين الأول 2015، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الولايات المتحدة وروسيا وقعتا مذكرة تفاهم تتضمن "عدداً من القواعد والقيود الرامية إلى تجنب حوادث (اصطدام) بين الطائرات الروسية والأميركية في الأجواء السورية"، من دون أن تفصح عن جميع بنودها، بـ"طلبٍ روسي"، كما قالت.

ومنذ ذلك الوقت، حافظ الأميركيون والروس في سورية، على خط التواصل "اللوجستي" بينهما، رغم مطبات كثيرة، كادت تقطعه. ونفى "البنتاغون"، الذي يقود تحالفاً دولياً مؤلفاً من 60 دولة، للقضاء على الإرهاب، ويعمل في إطاره في سورية، مرّات عدة، أي تواصل مع النظام السوري، مكرراً أنه يتواصل مع الروس فقط،  من "الجانب الآخر".

وقد تعرض "الخط الساخن" مرات عدة لاهتزازات خطيرة، منها حين قصف الأميركيون في السابع من إبريل/نيسان الماضي مطار الشعيرات العسكري في حمص التابع للنظام السوري بـ59 صاروخ كروز توماهوك، رداً على الهجوم الكيميائي على خان شيخون.

وفي يونيو/حزيران 2017، قطع الروس خطّ الاتصال مع الأميركيين، بعد إسقاط "التحالف" طائرة عسكرية سورية من طراز "سوخوي 22" في ريف الرقة الجنوبي "دفاعاً" عن مليشيات "قوات سورية الديمقراطية"، مهددين كذلك بملاحقة أي مقاتلة "غريبة" في مناطق نفوذهم. علماً أن البنتاغون، أكد تعليقاً على إسقاط "السوخوي 22" السورية، أن "التحالف تواصل مع نظرائه الروس عبر الهاتف قبل إسقاط الطائرة" لمنع التصعيد.

ولم يمنع الخط الساخن استهداف الطائرات الروسية لمقاتلين أكراد في محيط دير الزور في سبتمبر/أيلول الماضي، أو ضرب "التحالف" الأميركي لمرتزقة "فاغنر" الروس في دير الزور، أو استهداف طائرات من دون طيار "مجهولة" مطار حميميم في يناير/كانون الثاني الماضي.

الحرب المقبلة

وأعلنت موسكو، أمس الخميس، أن الخط الساخن لتجنب الاشتباك بين روسيا والولايات المتحدة يعمل، ويستخدمه الطرفان، وذلك بعد أيام من إطلاق الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يهدد برد قاسٍ على "هجوم دوما الكيميائي"، وعيده بـ"صواريخ ذكية" ستلاقي الروس في سورية. وفيما تراهن أطراف عدة على "الخط الساخن" لتفادي اتساع دائرة الحرب، يبقى هذا الخط رهينة اختبار مصالح متضاربة، لأطراف عدة، وشظايا "جولة حرب سورية جديدة" قد لا تكون قصيرة.

هل يتواصل ترامب وبوتين؟

ووسط ذلك، تفتح نافذة "الخط الساخن" الروسي ـ الأميركي في سورية، سؤالاً أوسع، حول طبيعة التواصل على مستوى أعلى بين الروس والأميركيين، بشأن الضربة السورية، وما إذا كان الرئيسان دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، قد تحادثا حولها، علماً أن اتصالات مُكثفة جمعت الرئيس الروسي بنظيره التركي رجب طيب أردوغان، منذ إعلان الولايات المتحدة و"حلفائها" عزمها شنّ ضربة عسكرية تستهدف سورية، وكذلك بوتين ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، في محاولة روسية لتفادي التصعيد.

المساهمون