الغوطة تترقب أول قافلة مساعدات... والنظام يسرّع محاولات الاجتياح

الغوطة تترقب أول قافلة مساعدات... والنظام يسرّع محاولات الاجتياح

04 مارس 2018
بلغت حصيلة الضحايا الجمعة 25 قتيلاً (عمار سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
شارفت حملة النظام العسكرية، المدعومة من روسيا وإيران، في الغوطة الشرقية، على دخول أسبوعها الثالث، مع تعويل العالم على دخول أول قافلة مساعدات إلى المنطقة المنكوبة اليوم الأحد، بينما تستمر معارك الاجتياح البري للنظام ولمليشياته بدعم روسي مطلق. ويواصل القصف المدفعي والصاروخي، وقصف الطائرات الحربية، حصد مزيدٍ من أرواح الضحايا المدنيين يومياً، مع اشتداد المعارك البرية بين قوات النظام التي تحاول التقدّم بشكل خاص من جبهات شرقي الغوطة، والفصائل العسكرية التي تقول إنها تتصدى للقوات المهاجمة في جبهات الشيفونية وحرزما شرقي الغوطة، وفي جبهة مساكن الشرطة على جبهة حرستا غربها. وفي غضون ذلك، يتكشّف اليوم الأحد ما إذا كانت الضغوط الدولية على النظام قد أثمرت، إذ إنه من المنتظر أن يتم السماح بإدخال المساعدات للمدنيين المحاصرين، حيث أعرب مدير منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" في الشرق الأوسط عن أمله، بتمكّن منظمته، من إدخال مساعدات لحوالي 180 ألف شخص من أصل 400 ألف شخص في الغوطة اليوم الأحد.

ومنذ صباح أمس، تواصل القصف المدفعي والجوي على قرى وبلداتٍ في الغوطة الشرقية، ما أدى لمقتل خمسة أشخاصٍ خلال ساعات ما قبل الظهر فقط. وقال الناشط الميداني عمر خطيب في حديث لـ "العربي الجديد"، إن ثلاثة مدنيين قتلوا صباح السبت جراء القصف الجوي والصاروخي من قوات النظام على بلدة المحمدية في الغوطة المحاصرة، كما قتل مدنيان، هما طفل وامرأة، بغارة على بلدة حمورية.

من جهته، أفاد "مركز الغوطة الإعلامي" الذي يديره ناشطون في الغوطة، بأنّ طيران النظام السوري شنّ منذ فجر أمس وحتى ساعات الصباح الأولى فقط، أكثر من ثلاثين غارة على الأحياء السكنية في دوما وحرستا موقعاً جرحى بين المدنيين وأضراراً مادية جسيمة، موضحاً أنّ قصفاً جوياً بعشرين غارة، طاول الأحياء السكنية في بلدة بيت سوى ومنطقة المرج، فضلاً عن قصف بالمدفعية والصواريخ، ما أوقع جرحى بين المدنيين بينهم مصابون بحالة خطرة.

وقال الناشط المقيم في الغوطة محمد الشامي لـ "العربي الجديد" إن حصيلة الضحايا أول أمس الجمعة في الغوطة الشرقية، جراء القصف من قوات النظام، بلغت 25 قتيلاً، 12 منهم في دوما وتسعة في منطقة المرج. وتبقى الحصيلة مرشحة للزيادة أيضاً نتيجة وجود مصابين حالتهم خطرة.

ويأتي هذا القصف الجوي والمدفعي العنيف، بالتزامن مع محاولات تقدمٍ جديدة لقوات النظام على محوري قتال أساسيين في الغوطة الشرقية؛ أولهما شرق الغوطة، حيث مناطق سيطرة "جيش الإسلام" في جبهات الشيفونية وحرزما قرب حوش الضواهرة، والثاني غرب الغوطة، بجبهة منطقة "مساكن الشرطة" في مدينة حرستا، حيث تحاول قوات النظام التقدّم على حساب غرفة عمليات "بأنهم ظلموا"، التي تقودها "حركة أحرار الشام".


وقالت قيادة غرفة العمليات هذه الجمعة، إنها حقّقت تقدماً على حساب قوات النظام، بعد شنها هجماتٍ معاكسة في منطقة مساكن الشرطة، وسيطرت على كتلٍ جديدة فيها، فيما نشرت وسائل إعلام مقربة من النظام قبل ذلك، أخباراً تتحدث عن تقدمٍ لـ "الجيش والقوات الرديفة على حساب الجماعات المسلحة في جبهة المشافي ومساكن الشرطة في حرستا"، بعد هجومٍ نهار الجمعة.

وفيما تستمر معارك الكر والفر في جبهة حرستا الأقرب للعاصمة دمشق، فإن المعارك الأكثر ضراوة خلال الأيام القليلة الماضية، تركزت في جبهات شرقي الغوطة، عند محاور حوش الضواهرة وحرزما بشكل خاص، إذ تهدف قوات النظام على ما يبدو، لكسر دفاعات "جيش الإسلام" هناك، للتوغل بعمق مناطق سيطرته نحو قريتي أوتايا وبيت سوى، وبالتالي تقطيع أوصال مناطق المرج وشرقي الغوطة الشرقية، وحرمانها من طرقات التواصل فيما بينها.

وأحرزت قوات النظام خلال اليومين الماضيين، تقدماً محدوداً على جبهات شرقي الغوطة، بينما قلّل المتحدث باسم "جيش الاسلام" حمزة بيرقدار، من أهمية ما أحرزه النظام من تقدّم، مؤكداً أن الجبهات الشرقية للغوطة، تشهد معارك عنيفة جداً، وأن قوات النظام تتبع أسلوب الأرض المحروقة، للتوغل في عمق الغوطة الشرقية.

وكتب بيرقدار أمس السبت في تغريدة على حسابه على موقع "تويتر" أن "معارك عنيفة جداً" تشهدها جبهات شرقي الغوطة "بمساندة روسية بالطيران الحربي والتخطيط العسكري، واتباع سياسة الأرض المحروقة للجبهة المكشوفة على امتداد شاسع"، قائلاً إن مقاتلي جيشه "يتصدون لهذه الهجمة البربرية".

بدوره، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن "قوات النظام وحلفاءها كثّفت في الساعات الـ48 الأخيرة هجماتها على مواقع الفصائل وتمكّنت من التقدّم والسيطرة على قريتي حوش الضواهرة وحوش الزريقية. كما سيطرت على قاعدتين عسكريتين سابقتين جنوب بلدة الشيفونية كانتا تحت سيطرة جيش الإسلام". وتزامن ذلك مع تعزيزات عسكرية لقوات النظام في جنوب وجنوب شرق الغوطة الشرقية، ما شكّل مؤشراً على نية النظام شنّ هجوم بريّ واسع.

أما وسائل إعلام النظام و"الإعلام الحربي" التابع له، فقد أكّدت ضراوة المعارك على جبهات حوش الضواهرة، وباقي نقاط الاشتباك شرقي الغوطة، ذاكرة أن القوات المتقدمة، وصلت لمشارف بلدة أوتايا، واقتربت من قطع الطريق المؤدي منها إلى بيت سوى.

ويرجّحُ أن  تشهد هذه الجبهات خلال الأيام القليلة المقبلة، مزيداً من التصعيد شرقي الغوطة في جبهات أوتايا والشيفونية والقرى القريبة منها، إذ تبدي قوات النظام اندفاعاً كبيراً للتقدّم فيها، وهي مناطق تبعد أقلّ من خمسة كيلومترات عن مركز مدينة دوما، كبرى مدن الغوطة الشرقية، ومعقل "جيش الإسلام".

من جهة أخرى، تتواصل جهود منظماتٍ أممية، للوصول إلى الغوطة الشرقية التي يقطنها نحو تسعين ألف عائلة محاصرةٍ تماماً، فقد أعربت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" عن أملها بإدخال مساعدات لنحو 180 ألف شخصٍ من أصل نحو 400 ألف محاصرين في الغوطة الشرقية.

وقال مدير "يونيسف" في الشرق الأوسط خيرت كابالاري الجمعة، إن منظمته تأمل في إدخال القوافل الإغاثية بحلول اليوم الأحد، مشيراً إلى أن "هناك مؤشر من الحكومة السورية على السماح بقافلة مساعدات في الرابع من مارس/آذار. ونأمل أن يتحوّل هذا المؤشر إلى التزام ملموس. نحن مستعدون للدخول". وتنتظر أكثر من 40 شاحنة محملة بالمساعدات الإذن لدخول الغوطة الشرقية.

وفي جنيف، أرجأ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يوم الجمعة، تصويتاً على مشروع قرار قدمته بريطانيا حول الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية المحاصرة، إلى يوم غد الاثنين، وذلك بعد أن فشلت الدول الأعضاء في الاتفاق على صيغة نهائية.

وكانت بريطانيا قد تقدمت بمسودة القرار في جلسة طارئة للمجلس. وتطالب الوثيقة بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية فوراً إلى المنطقة حيث أعلنت روسيا من جانب واحد هدنة إنسانية لخمس ساعات يومياً لم تتح حتى الآن إيصال مساعدات أو إجلاء مدنيين أو مصابين.

ويطالب مشروع القرار البريطاني مجلس حقوق الإنسان ولجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سورية "بفتح تحقيق شامل ومستقل بشكل عاجل حول الأحداث الأخيرة في الغوطة الشرقية". وتدين الوثيقة البريطانية "استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل السلطات ضد المدنيين، ومنهم سكان الغوطة الشرقية".

المساهمون